بقلم: د. عدنان بوزان
مع حلول عامٍ ميلادي جديد، لا نكتب التهاني، بل نكتب الاتهام.
اتهامٌ صريح لزمنِ الفكرِ الشرقي السلطوي المتخلف، الذي أُهدر عمداً، ولشعوبٍ دفنت أحلامها تحت ركام القومية العمياء، والدين المسلح، والدولة الأمنية.
ندخل عاماً جديداً، وما تزال الأنظمة ذاتها تعيد إنتاج الفشل، وتسوق الخراب بوصفه استقراراً، وتطلب من الضحية أن تصفق لجلادها. ما يجري في هذه المنطقة ليس قدراً، ولا لعنةً تاريخية، بل نتيجة سياسية مباشرة لإنكار الحقوق، وتجريم التنوع، وتحويل الدولة من إطارٍ جامعٍ للعدالة إلى أداةٍ منظمة للقمع.
في هذه المنطقة، لا تخشى السلطة الانفصال بقدر ما تخشى الديمقراطية، ولا تحارب الإرهاب بقدر ما تحارب الوعي. لذلك تشوه كل تجربة تحررية، وتحاصر كل فكرة بديلة، ويصنف كل مشروع ديمقراطي بوصفه مؤامرة تستهدف «وحدة الدولة»، بينما الحقيقة أن ما يستهدف فعلياً هو احتكار السلطة وامتيازاتها.
العام الجديد لا يحمل خلاصاً تلقائياً، لكنه يفضح العجز الأخلاقي والسياسي لمن ما زالوا يراهنون على القمع باعتباره أداة حكم. فالمستقبل لن يكون لمن يملك السلاح، بل لمن يملك الجرأة على الاعتراف:
بأن هذه المنطقة لا تحتاج أوصياء جدداً، بل إلى عقدٍ اجتماعي جديد، ولا تحتاج إلى مزيدٍ من الشعارات، بل إلى حقوقٍ حقيقية غير قابلة للمساومة أو التأجيل.
كل عامٍ جديد يمر دون تغييرٍ جوهري، ليس سوى عامٍ يضاف إلى سجل الإدانة التاريخية، لا إلى دفتر الأمل.