في ضوء انعقاد الكونفرانس الكوردي في شمال وشرق سوريا بتاريخ السادس والعشرين من الشهر الجاري، نؤكد نحن، أبناء الشعب الكوردي في سوريا، أن هذا المؤتمر، رغم محدوديته، ورغم اقتصاره على طرفين كورديين دون إشراك شامل لكل القوى والشخصيات الوطنية الكوردية في عموم شمال وشرق البلاد، يبقى خطوة سياسية مهمة لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها.
إننا نقرّ بوجود نواقص حقيقية في هيكلية انعقاد المؤتمر، سواء من حيث غياب التمثيل الواسع لكافة الكورد السوريين، أو من حيث الحاجة إلى أطر تنظيمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لمختلف الشرائح الاجتماعية والثقافية والسياسية. ومع ذلك، فإن هذا المؤتمر يمثل تعبيراً صريحاً عن جزء مهم وأساسي من الإرادة السياسية الكوردية في سوريا.
وبناءً على ذلك، نؤكد أن على السيد أحمد الشرع (المعروف بأبي محمد الجولاني)، الذي يقدم نفسه اليوم كرئيس للجمهورية السورية للمرحلة الانتقالية، أن يتحلى بالمسؤولية الوطنية الكاملة، وأن يسارع إلى الاعتراف بمخرجات المؤتمر الكوردي في شمال وشرق سوريا، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من نسيج الحل الوطني الشامل، لا باعتبارها تهديداً لوحدة البلاد.
إن إنكار المطالب القومية العادلة للشعب الكوردي، أو تجاهل إرادته الحرة، لن يؤدي إلا إلى تعميق الجراح الوطنية، وتسريع تفكك الدولة السورية نحو مصير كارثي محتوم من الانقسامات والتقسيم، وهو ما لا يصبّ في مصلحة أي طرف وطني مخلص.
إن الحفاظ على وحدة سوريا الحقيقية لا يكون عبر التهميش والإقصاء، بل عبر الاعتراف بحقوق جميع مكوناتها، وعلى رأسهم الشعب الكوردي، في تقرير مصيرهم ضمن إطار وطني ديمقراطي تعددي.
إن مسؤوليتنا التاريخية تفرض علينا أن نقول بوضوح: لا وحدة دون عدالة، ولا عدالة دون اعتراف بحقوق الجميع.
وعليه، نطالب السيد أحمد الشرع، ومن خلفه كل القوى السياسية السورية، بأن يدركوا أن تجاهل الإرادة الكوردية هو تفريط بوحدة سوريا، وأن الاعتراف بمخرجات المؤتمر الكوردي هو خطوة أولى نحو بناء سوريا الجديدة، دولةً لكل أبنائها بلا تمييز، ولا إقصاء، ولا هيمنة.
إن الوقت ينفد... وسوريا تقف اليوم أمام مفترق طرق خطير.
لِنَحافظ على ما تبقى، قبل أن يفرض علينا التاريخ كلفة الانهيار.
عاشت سوريا دولةً حرّةً ديمقراطيةً تعددية.
عاش الشعب الكوردي حراً كريماً على أرضه.
٢٨ نيسان ٢٠٢٥
الدكتور عدنان بوزان