رحلة الباحث: بين متاهات الأديان وضوء التسامح

في عالمٍ متنوعٍ ومتشابكٍ بأديانه ومعتقداته، تنبثق شخصيةٌ فريدة، تحمل في ثناياها التسامح والاحترام. إنها أنا، الكوردي المحترق بلهيب الأديان ومتاهاتها. لستُ من أتباع موسى، ولا من أتباع المسيح، ولا أتبع بوذا أو مانوياً أو زاردشتاً، لكنني أحترمهم جميعاً. في هذا العالم الواسع، أجد نفسي مشتتاً بين تعدد الطرق وتنوع المعتقدات.

أحترم الإسلام، لأنني أجد فيه حب النبي وتقديره لشعبه، ولكن هذا لا يعني أنني أرتدي هويتهم بقدر ما يجب عليهم أن يُحترموا. أنا بالنسبة لهم من سليل سليمان، لكنني لم أستفد شيئاً من هذا النسب سوى الذم والإهانة. في مرحلة مراهقتي، تعلمت أنني مسلم لغوياً، أي أنني أسلمت أمري للآخر، ولكنني لا أعرف من هو هذا الآخر.

أسمع فقط عن وكلاء يجوبون الناس ويحذرونهم من المعاصي والفحشاء. لقد فقدت حقي في امتلاك فكري، فأصبح رهناً لهذا الآخر المجهول، وحُرِمت من البحث عن حقيقة تثير فضولي كإنسان. قد كسرت قيود شبابي واتجهت نحو النقيض الجامد، ولكن بلا جدوى. فالاثنان يعملان من أجل الملك والتملك، سواءٌ كان عن طريق تخويف المجهول أو بوعي مصطنع.

أما أنا، فآمنت بمعرفة الذات السقراطية وديمقراطية أفلاطون. أحببت في سبينوزا حب الحياة وتقديسها، وفي نيتشه حب الطبيعة وتأمل الكون، وفي الحلاج كرهت الجسد الفاني وآمنت بوحدة الوجود. ومع ذلك، لا يزال لدي أمل وحيد يضيء طريقي، وهو مركبة آينشتاين الزمنية. قد تكون هذه المركبة الوحيدة قادرة على توجيهي نحو الحقيقة المفقودة بين ثنايا الكذب والخديعة. هذه هي حقيقتي، أنا الكوردي المحترق بلهيب الأديان ومتاهاتها. أعيش في عالمٍ متنوعٍ ومعقدٍ، أينما أجد نفسي أحترم الجميع بغض النظر عن معتقداتهم، حتى عباد الجرذان الذين يختارون طريقهم الخاص في التعبير عن معتقدهم.

أنا هنا، أجوب بين أديان العالم وأتسلق تلك المتاهات، لأجد ضوءاً يرشدني إلى الحقيقة والتسامح. قد يبدو الطريق طويلاً وصعباً، ولكني ما زلت أمضي قدماً بثقة وإصرار، في سعيي للتواصل والتفاهم بين الثقافات والمعتقدات المختلفة.

فلنستمر في رحلتنا معاً، حيث يلتقي الفكر والروح، وحيث يتجاوز التسامح والاحترام حدود الأديان والمذاهب. لنبني جسوراً من التفاهم والمحبة، ولنجتاز تلك المتاهات بشغف وإبداع، حتى نصل إلى ضفاف الحقيقة ونعيش في عالمٍ متسامح يضم الجميع بألوانه وتنوعه..

 

بقلم: د. عدنان بوزان

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!