متى سيتوقف نزيف الدم السوري؟
بقلم: د. عدنان بوزان
قبل أكثر من عقد من الزمن ومع البدء بالأحداث والأزمة السورية تحت تسمية ( الثورة السورية ) انطلقت هتافات الشعب السوري من “درعا” السورية، كانت أبرزها شعاراتها ” يا الله مالنا غيرك يا الله ” وكان في بداية الأحداث .. المواطن السوري الواعي استوعب اللعبة وعلى هذا الأساس حسم أمره وكان يعلم جيداً أن التعويل على الأنظمة العربية رهانات في غير محلها وفاشلة أو كما يقولون بالعامية مجرد ” فشنك ” طخ حكي ، فلم تحرك دول الخليج والجوار ساكناً واكتفوا بالشجب والاستنكار.. وفي المقابل لم يبقى للشعب السوري الذي أطلق ثورة ضد النظام البعثي الأسدي الحاكم سوى مناشدة الله كسبيل لنصرتهم وخروجهم من هذه المحنة وتخليصهم من نظام الطاغية “بشار”.
الشعارات التي أطلقها الشعب السوري قبل هذه السنوات ترجمت على أرض الواقع وبينت مدى التواطؤ والتخاذل العربي مع المخطط ” الصهيوعربيتركلر ” الذي تنفذه دول النذالة والغدر وأثبتت هذه الشعارات مدى رخص ” الدم السوري” حيث لم يطل علينا حاكم أو رئيس عربي بتصريح أو موقف يشفي جراح المكلومين وغليل المشردين المهجرين.. وواصل النظام الأسدي جرائمه بشن الغارات وإلقاء البراميل التفجيرية وأصبح كل شيء مستباح.. وبييع الأراضي السورية قطعة تلوى القطعة إلى الروس وإيران وتركيا والغربي وسلم المناطق إلى جميع المجاميع المسلحة والمرتزقة وإرهابي العالم ..
في تلك المرحلة وحتى هذه اللحظة لم نرى أي موقف إنساني أو إيجابي من دول الجوار وغيرها أو أرسلت هذه الدول جندياً واحداً إلى سوريا لوقف الحرب المدمرة بل الجميع بحثوا عن مصالحهم ومصالح الأجندات أو أن هذه الدول أجبرت جامعة الدول باتخاذ موقف ضد النظام السوري إزاء مواقفها الهزيلة ليطلق عليها السوريون .. جامعة الدول العبرية التي وقفت متفرجة على جرائم بشار الأسد .
ولم نرى ” جيوش الدول العربية ” تحركت نحو دمشق وقصفت أركان النظام الاسدي والقضاء على بؤر الإرهاب الشيعية والسبب ليس من مصلحة الأنظمة العربية المحيطة القائمة إسقاط نظام الأسد بعد انهيار الأنظمة في بعض الدول العربية.
ولو سألنا أنفسنا سؤالاً واحداً .. لماذا لم يحصل في سوريا مناورات عسكرية على حدودها الشمالية للقضاء على النظام السوري؟ سنجد الإجابة مباشرة من فحوى السؤال هو أن التواطؤ العربي أوقع السوريين ” بالفخ ” لتشريدهم وقتلهم.. أما الدولة الجارة والشعارات الخلبية " الأنصار والمهاجرين " كذبة تاريخية لها هدف واحد من كل هذه الجعجعة هي القضاء على الوجود الكوردي فقط..
ولا يهمها لا العرب ولا أخوتهم في الدين لأن تاريخ الخوازيق شاهد على التاريخ ومدى حبهم للعرب .. وعلى العكس تماماً اتفق العرب معهم بصفتهم المرتزقة لقتل أبناء وطنهم من الكورد لتنفيذ مشاريع وأهداف أصحاب الخوازيق .. وللعلم العرب في نظر مشغليهم أقذر بني البشر لكن سيأتي دورهم بعد القضاء على الكورد .. من المضحك المبكي في نموذج الحالة السورية يطرح تساؤلات كثيرة مهما تجتمع الدول العربية ومهما انعقاد المؤتمرات والاتفاقات من جنيف إلى الآستانة وإلى الحروب العبثية والمرتزقة ليس هدفهم القضاء على إرهابي داعش ولا هدفهم القضاء على الجرائم التي ترتكب من قبل النظام الأسدي بل لديهم هدف واحد القضاء على الشعوب السورية ..
فهذا الواقع الأليم الذي يطل علينا يوماً بعد يوم يثبت لدينا ان الأنظمة العربية هي أنظمة مأجورة وعميلة محكومة بأوامر أسيادها الأمريكان والدولة العبرية..
كل هذه المسببات فرضت على الشعب السوري تدخل عسكري خارجي مجرم ولو كان على حساب أبنائه وشبابه وذبحهم بصواريخ روسية وإيرانية وتركية وأمريكية وإسرائيلية ، لكن على ما يبدو أن ” قواعد اللعبة ” في الداخل السوري قد تغيرت تماماً.. والهالة الإعلامية المركزة على تنظيم إرهابي داعش أخذ حيزاً آخر وفي اتجاه آخر .. وفتح المجال للطلعات الجوية لهدر دماء لسوريين أكثر فأكثر وتشريد البقية الباقية تحت المسميات الكثيرة ..
أم أن السيناريو الأمريكي في المنطقة سيطبق على أكمل وجه وسيعلن عن شرق أوسط جديد كما قالت وزيرة خارجية أمريكا السابقة.. شرق أوسط قائم على القتل والذبح والفوضى والتقسيم.. لعل الأيام القادمة تجيب عن هذا الطرح .
أسئلة نتركها لكم لعلى وعسى أن تجدوا الإجابات الشافية التي ستوضح لنا متى سيتوقف نزيف الدم السوري؟ ومتى سيفكرون السوريون أن يجتمعوا معاً على الطاولة وإقرار مصيرهم ومصير أبناءهم الضائع بأنفسهم بدلاً أن يتحولوا إلى مرتزقة في خدمة أجندات الآخرين...!