من أنا؟

بقلم: د. عدنان بوزان 

في لحظة من الاستفهام، سألني أحد الأصدقاء بعيونه المليئة بالفضول والدهشة: "من أنت؟ هل أنت كاتبٌ أم شاعرٌ، أم روائيٌ، أم مؤرخٌ، أم فنانٌ تشكيلي، أم عازفٌ، أم رجلُ قانون، أم روحٌ فلسفية؟"

لاحظتُ الصمتَ يتسللُ إلى داخلي، مترقباً ما سأجيب به، وكأن الكلمات تتسارع للخروج وأنا أبحث عن لغةٍ تعبر بجمال وصدق عن هويتي. ثم، بينما تراقب عيناي عمق السؤال، ألقيت الجواب ببساطة، وقلت له "أنا كل شيء في جسد اللا شيء بين الجسد والروح، أنا الكلمات التي تمتزج بالألوان والأحاسيس،

أنا المشاعر التي تتجلى في لحن الحياة."أدركتُ حينها أنني أكثر من مجرد هوايات محددة، أنا الشوقُ الذي يرتسم في محيا الذاكرة والحنينُ الذي ينبض في قلبي كلما ابتعدتُ عن وطني.

أنا الفصول الأربعة التي تتناوب في رواية الحياة، أنا الشمسُ التي تضيء الظلمات والقمرُ الذي يروي أحلام الليل. أنا ذاك البستان الذي يزهر بأزهار الأمل وأنا الطيور التي تحلق في سماء الخيال.

فالحرية بالنسبة لي ليست مجرد كلمة، إنها حكاية تُروى بألوان الحياة وأنغام العاطفة، وفي قلبي أجد أنني أكثر إكمالاً عندما أفقد وطني، حيث تتجسد جميع هواياتي وأحلامي، وأجد في الحنين الذي يحتضنه قلبي، الجواب النهائي لهذا السؤال العميق. أنا الأمل الذي ينبعث من الصعاب، والإرادة التي تحقق المستحيل.

أنا القصة المستمرة في صفحات الزمن، حيث يلتقي الحلم بالواقع ويتراقصان في رقصة جميلة. أنا الشموع التي تنير دروب الظلام والمرساة التي تثبتني في بحر الحياة. في صمتي، يكمن قدري، وفي روحي، تتراقص كلماتي، تنطق بلغة الأحاسيس والأفكار، وعندما يتلاقى الألم مع الأمل، ينبثق من داخلي قوة لا تعرف الحدود.

إن الحرية بالنسبة لي ليست مجرد حق، إنها حالة وجودية تمتزج فيها الروح بأعماق الكون، تطير بعيداً بلا قيود وتستكشف أبعاد الحياة بكل حماس وإثارة. أنا الحرية المستدامة في قلب كل إنسان، الحق الذي لا يُمكن نزعه أو منعه.

إنها الشمس التي تشرق في كل فجر جديد، والنجمة التي تلمع في سماء الأمل. أنا الحرية، أنا الحياة بكل تفاصيلها الجميلة والمؤلمة، وفي هذا الوجود المتجدد، أجد نفسي وأكتشف قيمتي وجمالي.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!