بين أوراق الحنين وزهور الأمل انتظار الفصل الجديد من الرحيل

بقلم: د. عدنان بوزان

بلحظات الصمت والوحدة، ولكنني أدركت أن الصمت يصرخ بصوت همسات الذكريات، والوحدة تأخذني في رحلة عبر أنفاس اللحظات الضائعة.

مر الوقت يا حبيبتي، كما يمر النسيان على أطراف الأحلام. كانت أيامنا تتداخل مع لحظات السعادة، وكنا نبني جسراً من الأحلام لنعبر به إلى عالم لا يعرف الوداع. لم أكن أتخيل يوماً أنك ستتركيني خلفك، وحينما أغلقت الأبواب خلفك، شعرت وكأني تركت وراءها كل معنى للحياة.

أنا هنا الآن، أحمل عبء اللحظات الفارغة بين يدي، حيث يبدو الزمن وكأنه يتقاطع مع زمان آخر لا يعرف للألم مرسى. أنا هنا، وأنت لست هنا، والكون يتوسع في خيبة الأمل. ندبات الفشل تتسع في فضاء عيني، تذكيراً بما فات وبما قد يكون.

الحب، يا حبيبتي، كان كالشمس التي تضيء حياتنا، ولكن الآن بدونك، أشعر وكأن الليل يسكن قلبي. كان الحب يغذي النظرة البراقة في عيوننا، ولكن مع رحيله، أدركت أن هذه النظرة أصبحت شمعة خافتة، تنتظر أن يعيد الزمن لمعانها.

أشعر هذا المساء بنسيم الخريف يتسلل إلى داخلي، يحمل معه رحيلك، ولم يجد عيناي طريقاً إلى النوم. أنا هنا، وأنت هناك، وبيننا فجوة لا يمكن سدها. حاولت أن أشغل نفسي بأشياء أخرى، لكن يبدو أن قلبي لا يرغب في الانفصال عنك.

ربما لأنني أخشى الأسوأ، أو ربما لأنني أخشى أن أكتشف الحقيقة التي قد تكون أقسى من الخيال. أشعر بالهلع حينما أفكر في فقدانك، وكأني محاصرة في لحظة لا نهاية لها من الظلام.

حاولت أن أشغل نفسي بأشياء أخرى، لكن يبدو أن ظلك يلتصق بي كالظلال في الليل. أنت في كل شيء حولي، في ضحكات الأطفال، وفي صوت المطر على النافذة، وحتى في الأزهار التي ترتعش تحت أشعة الشمس. أنت هنا، وأنا هنا، والزمن يمضي بلا رحمة، يجرني معه نحو غروب الذكريات.

في هذا الصمت الذي يحاصرني، أجد نفسي محاصرة بين ماضٍ يؤلمني وحاضرٍ يفتقدك. قد تكون الحياة مستمرة، ولكنني لا أزال هنا، متشبثة بذكراك، في انتظار يوم جديد يحمل معه عودتك، أو على الأقل نهاية هذا الألم الذي يعصف بروحي.

حاولت أن أشغل نفسي بالكتابة، لكن الكلمات ترفض الانبعاث إلا بلغة اشتياقي إليك. الأحرف تتلاشى وتتحول إلى خيوط من الحنين، تربط قلبي بذكريات لا تزال تلوح في الأفق كالشمس الخجولة في صباح الشتاء.

في لحظات الوحدة، يتسلل إليّ صوت ضحكاتنا وهمسات حديثنا الذي كان يملأ الفراغ بيننا. كم أتمنى أن يعود الزمن للوراء، حتى أتمكن من تصحيح تلك الأخطاء التي ربما أدت إلى انفصالنا.

أشعر بأن الخريف يلوح في الأفق، ومع كل ورقة تتساقط، يزداد اشتياقي إليك. ربما يحمل الخريف معه فصلاً جديداً، يعيد فيه الحياة إلى تلك الزوايا التي شابهت الفراغ بعد رحيلك.

حاولت أن أغلق عيني في لحظات الهمس الليلي، لكن الأحلام تأتي برياح الليل وتحمل صوراً من ماضينا الجميل. أتساءل مراراً وتكراراً، هل تشعرين بنفس الحنين الذي يخيم على قلبي؟

رغم ألم الفراق، يظل الأمل متأصلاً في داخلي، كما تظلين محط إلهامي. قد تكون أيامنا السعيدة قد انتهت، ولكن لا يزال بإمكاننا بناء غدٍ أفضل، سوياً أو حتى منفصلين.

أدرك أن الحياة تستمر، وسأحاول أن أتعلم كيف أسير في هذا المضمار بدونك. لكن اعلمي أن قلبي لا يزال ينبض بحبك، وروحي لا تزال تراودها أشباح اللحظات السعيدة التي عشناها سوياً.

في انتظار اللحظة التي تعودين فيها إلى حياتي، أو في انتظار يوم يأتي فيه النسيان ليروي جروح الزمن، أظل هنا، متشبثة بأمل ينبت في أعماقي كزهرة تتسلق جدار الحياة.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!