كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان لو أننا أُخرسنا حقاً، لو أن أصواتنا سُكتت وأقلامنا كُسرت، لربما ظننا، في لحظة من الضعف أو الخوف، أن الحياة ستغدو أسهل. لعلنا كنا سنعيش بلا تلك المواجهة التي تحرق صدورنا يوماً بعد يوم، بلا ألم المصارحة التي تلتهم أرواحنا في صمتٍ ثقيل. قد يتوهم المرء أن الصمت ملاذ، مخرج من الفوضى، من المعاناة، ومن حقيقة لا نملك القوة لتغييرها. لكن، هل حقاً؟ هل كان الصمت لينقذنا؟ أم كان سيتحول إلى لعنةٍ نعيش معها بأرواح فارغة، بلا كرامة، بلا حياة؟ لو أن أقلامنا صمتت، لفقدنا القدرة على التعبير، على الصراخ في وجه الطغاة، على تحويل الألم الذي نحمله إلى كلمات تبني طريق المقاومة. في الصمت، تتهاوى الجدران بيننا وبين المعنى، وتصبح أرواحنا سجينةً لواقع لا يتحرك. إن الصمت ليس راحة، بل هو شكل آخر من أشكال العذاب. هو جرح لا ينزف، لكنه يتعفن في الداخل، يكبر ويزداد عمقاً حتى يصبح نهراً من الخيبة،...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بمنطقة...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان لو أننا أُخرسنا حقاً، لو أن أصواتنا سُكتت...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان أيها الشعوب المنهكة في الشرق الأوسط، إن أصوات...

السياسة النبيلة: الكلمة كجسر لبناء السلام والعدالة في عالم مضطرب

بقلم: د. عدنان بوزان

في عالم تسوده الانقسامات السياسية والاضطرابات الاجتماعية، تأتي الكلمة كأداة حاسمة لبناء السلام والاستقرار. السياسة ليست مجرد صراع على السلطة أو نفوذ اقتصادي، بل هي فن إدارة العلاقات الإنسانية بمهارة وحكمة لتحقيق المصلحة العامة. الفلاسفة والسياسيون العظام يعلموننا أن الطريق إلى السلام يبدأ بالفهم العميق للآخر، بغض النظر عن اختلافاته، والإصغاء إلى همومه ومشاكله.

اليوم، نجد أن الكراهية تنتشر بسرعة بين الشعوب والأمم، مدفوعة بخطابات تحريضية وسياسات قمعية. هذه الكراهية تُغذَّى من عدم المساواة والظلم والتمييز، حيث تُستغل الفوارق العرقية والدينية والإثنية لإشعال نيران الفتن. لكن السياسة النبيلة، تلك التي تُبنى على مبادئ العدالة والحرية والمساواة، قادرة على تحويل هذا الواقع المؤلم إلى مستقبل أكثر إشراقاً.

الخطاب السياسي العاقل والمستنير يمكن أن يكون جسراً بين الفئات المختلفة، مُروِّجاً لقيم الاحترام المتبادل والتعايش السلمي. لا يمكن أن تتحقق العدالة في مجتمع ما إذا كانت أصوات الضعفاء والمهمشين تُهمَّش وتُقمع. فالعدالة تتطلب أن يكون لكل فرد فرصة للتعبير عن نفسه والمشاركة في صنع القرارات التي تؤثر على حياته. ومن هنا، تأتي أهمية حرية الكلمة والرأي كأعمدة أساسية لبناء مجتمع عادل ومتوازن.

السياسة الحكيمة تقتضي التعامل مع الفوارق على أنها مصادر غنى وقوة، وليست أسباباً للنزاع والتفرقة. في عالم يزداد تعقيداً، تصبح الحاجة إلى قيادات سياسية ذات رؤية شمولية وفهم عميق لتاريخ المجتمعات وتطلعاتها المستقبلية أكثر إلحاحاً. إن بناء السلام يتطلب من القادة السياسيين أن يكونوا مستعدين للتحاور مع جميع الأطراف، بغض النظر عن مدى اختلاف وجهات نظرهم. هذه السياسة الشاملة تعزز من قوة المجتمع وتجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات.

على الرغم من التحديات الكبيرة، هناك أمثلة تاريخية تثبت أن السياسة يمكن أن تكون قوة إيجابية للتحول. نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، ومهاتما غاندي في الهند، هما مثالان حيّان على كيف يمكن للكلمة السياسية الحكيمة أن تقود إلى تحقيق التغيير الاجتماعي العميق والمستدام. لقد استخدم هؤلاء القادة الكلمة كأداة لتحفيز الحركات الشعبية نحو التغيير، رافضين اللجوء إلى العنف ومؤمنين بأن الحوار والتفاهم هما السبيل الوحيد لتحقيق العدالة والسلام.

اليوم، ومع التقدم التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الكلمة أكثر قوة وتأثيراً من أي وقت مضى. يمكن استخدام هذه الوسائل لنشر الرسائل الإيجابية وتعزيز التفاهم بين الشعوب، لكنها أيضاً يمكن أن تكون أدوات لنشر الكراهية والتحريض. من هنا، تبرز مسؤولية القادة السياسيين والمثقفين في استخدام الكلمة بحكمة، والعمل على تعزيز الخطابات التي تدعو إلى الوحدة والتعاون بدلاً من الفُرقة والنزاع.

الواقع السياسي الحالي يتطلب منا أن نكون واعين لخطورة الانقسامات وأن نعمل بجد لبناء جسور التواصل والتفاهم. السياسة ليست ساحة حرب، بل هي مجال لصنع القرارات التي تخدم الصالح العام وتعزز من رفاهية الشعوب. إن النضال من أجل العدالة والسلام يجب أن يكون نضالاً مستمراً، مدعوماً بالكلمة الطيبة والفعل النبيل.

في الختام، يمكننا القول أن السياسة النبيلة تتطلب من القادة رؤيةً أبعد من المصالح الضيقة والفورية. عليهم أن يكونوا قادرين على رؤية الصورة الكبيرة، وأن يدركوا أن تحقيق السلام والاستقرار يأتي من خلال تحقيق العدالة والمساواة للجميع. إن فهم الآخر والإصغاء إليه، هو أول خطوة نحو بناء عالم يسوده السلام والرخاء. لذا، يجب أن نعمل جميعاً على تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، والارتقاء بالخطاب السياسي إلى مستوى يعكس أسمى معاني الكرامة والاحترام المتبادل.

X

تحذير

لا يمكن النسخ!