كلمة اليوم

إن إسقاط النظام البعثي المجرم ورحيله الكامل عن المشهد السياسي في سوريا هو الخطوة الأولى والأساسية لوضع حدٍّ لمعاناة شعبنا، وتحقيق تطلعاته في الحرية والكرامة والعدالة. فهذا النظام، الذي رسّخ الاستبداد والقمع لعقود طويلة، لم يكن مجرد مصدر لتمزيق المجتمع السوري، بل كان السبب الجذري في تدمير البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للوطن، مما حوّل سوريا إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، بدلاً من أن تكون وطناً آمناً ومستقراً لجميع أبنائها. في الوقت ذاته، نؤكد رفضنا القاطع للجماعات الإسلاموية الراديكالية الإرهابية المسلحة، التي استباحت دماء السوريين، واستغلت معاناتهم لتحقيق أهداف ظلامية تخدم أعداء الحرية والعدالة. إن هذه الجماعات تمثل الوجه الآخر للاستبداد الذي دمّر وطننا، وهي عدوة الشعب السوري بكل مكوناته وتوجهاته. رؤيتنا لسوريا المستقبلية تقوم على بناء دولة ديمقراطية تعددية تشاركية لا...

سياسة

بقلم: د. عدنان بوزان تشهد الساحة السورية حالياً مفاوضات مكثفة بين...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان في الثامن من ديسمبر، شهدت سوريا حدثاً تاريخياً...

كلمة اليوم

إن إسقاط النظام البعثي المجرم ورحيله الكامل عن المشهد السياسي في...

كلمة اليوم: الشرق الأوسط بين الحاجة إلى الحوار وتحديات العدالة التاريخية

بقلم: د. عدنان بوزان

في خضم التغيرات الجيوسياسية العاصفة التي يعيشها العالم، يظل الشرق الأوسط بؤرة الاهتمام الدولي، ليس فقط بسبب موقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية، بل أيضاً لأنه يمثل إحدى أكثر المناطق تعقيداً وتشابكاً من حيث الصراعات والأزمات. هذا الإقليم الذي شهد ميلاد الحضارات وازدهار الثقافات أصبح اليوم مسرحاً لصراعات لا تنتهي، تتشابك فيها الأبعاد التاريخية والدينية والاقتصادية والسياسية.

إن المشهد الراهن في الشرق الأوسط يفرض علينا التوقف والتأمل: إلى متى ستظل هذه المنطقة غارقة في دوامة الحروب والنزاعات؟ إلى متى ستظل شعوبها تدفع أثمان السياسات الخاطئة والتدخلات الخارجية والمظالم التاريخية التي لم يتم تصحيحها؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تبدأ من فهم عميق للمشاكل الهيكلية التي تعاني منها المنطقة، ومن ثم السعي إلى إيجاد حلول واقعية وشاملة، تكون مبنية على الحوار والتفاهم بدلاً من العنف والإقصاء.

الحوار، كأداة سياسية وإنسانية، ليس ترفاً في منطقتنا بل ضرورة وجودية. فالقضايا العالقة، سواء كانت الصراعات الطائفية أو القومية، أو التنافس الإقليمي بين القوى الكبرى، أو حتى مسألة الحقوق المهضومة لبعض الشعوب، مثل الشعب الكوردي، لا يمكن حلها بالسلاح أو التهديدات. إن الحوار الحقيقي يتطلب شجاعة الاعتراف بالآخر، واحترام تطلعاته، والتعامل معه كشريك في بناء مستقبل مشترك، وليس كخصم يجب إخضاعه.

وفي هذا السياق، لا يمكننا إغفال معاناة الشعب الكوردي التي تمتد على مدار قرن من الزمان، حيث تعرض الكورد لسياسات ممنهجة من القمع والتهميش والاضطهاد في دول متعددة، دون أن تُتاح لهم فرصة تقرير مصيرهم أو نيل حقوقهم الثقافية والسياسية. إن هذه المظالم ليست مجرد صفحات سوداء في التاريخ، بل هي جروح مفتوحة لا يمكن إغلاقها إلا من خلال تحقيق العدالة والمساواة، والاعتراف بحقوق الكورد كجزء أصيل من شعوب المنطقة.

وعلى الجانب الآخر، لا يمكن الحديث عن أي حل في الشرق الأوسط دون التأكيد على رفض جميع أشكال العنف والإرهاب، أياً كان مصدره أو مبرره. إن العنف لا يولد إلا المزيد من العنف، والإرهاب، الذي يدّعي أحياناً الدفاع عن قضايا عادلة، لا يؤدي إلا إلى تشويه تلك القضايا وإفقادها شرعيتها. الحلول الحقيقية تبدأ حين نختار جميعاً طريق السلام واللا عنف، وحين ندرك أن التعايش السلمي هو السبيل الوحيد لبناء مجتمعات مستقرة ومتقدمة.

اليوم، ورغم كل التحديات، يمكننا القول إن هناك بوادر أمل تظهر في الأفق. لقد أصبحت الآفاق مهيأة لإجراء عملية سلام شاملة في الشرق الأوسط، تتضمن حل القضية الكوردية كجزء أساسي منها. إن هذا يتطلب إرادة سياسية صادقة، ورؤية شاملة تأخذ في الاعتبار تطلعات جميع شعوب المنطقة، وتؤمن بأن تحقيق السلام والعدالة ليس خياراً، بل ضرورة لا غنى عنها لضمان مستقبل أفضل.

ختاماً، إن الشرق الأوسط يقف اليوم عند مفترق طرق تاريخي: إما أن نستمر في تكرار أخطاء الماضي ونغرق أكثر في مستنقع الصراعات، أو أن نتبنى رؤية جديدة قائمة على الحوار، العدالة، والسلام. الخيار بأيدينا، والتاريخ لن يرحم من يضيّع هذه الفرصة.

X

تحذير

لا يمكن النسخ!