من شطحات الحياة
بقلم: د. عدنان بوزان
الحياة قاموس من الذكريات مليء بالمواقف والمشاعر وبالصور والأشخاص.. فتمر بنا الذكريات منها السعيدة ومنها المؤلمة التي نتمنى لو لم تمر بنا ولكن لا توجد ذكريات سعيدة فقط ..
وقفت أمام ذلك الطريق وذلك الدرب الذي شهد تاريخ بشاعة الظروف والواقع المؤلم وذكرياتنا فلم أجد إلا أطلال زائلة ومتهالكة وبقايا عمر رحلت نحو المجهول وذكريات مهترئة لن تعود وأحلام ضائعة بين الأيام والشهور.
عبر رحلة الحياة الطويلة.. والتي قد تنتهي في أية لحظة.. نتصادف بلحظات تترك لنا فرصة للذكرى لترافقنا هذه اللحظات بكامل تفاصيلها عبر الحاضر وصولاً إلى المستقبل الذي ما انفك ينتظرنا بكل ما يحمله من غموض.. وهكذا نصير مضطرين لتحمل عبء ذكريات بعضها يكون النسيان ملائماً لها..
بين ثنايا الماضي نترك مجموعة من التفاصيل.. وبمجرد ما نتصادفها من جديد تذكرنا بأننا مررنا من هناك ذات قد تكون الذكرى تستحق التذكر وقد لا تستحق ذلك لكننا حيال الأمر لا نستطيع المقاومة فذاكرتنا محفوفة بالذكريات ومهيأة لتذكرها في أية لحظة..
فنضطرين بكل ما تحوم حوله الذكرى أن ندع ذاكرتنا تسبح في تفاصيل انقضت والحق أننا نجد ضالتنا في تذكر اللحظات الجميلة.. رغم الحسرة التي تتملكنا من ضياعها خصوصاً عندما نتأكد أنها لن تتكرر ونفس الحسرة تصيبنا كلما وجدنا أنفسنا أمام ذكريات لطالما حاولنا الهرب منها لكننا بقدر ما نفعل ذلك بقدر ما تسكننا هذه التفاصيل..
فتستهلك ذاكرتنا بعضاً من طاقتها لمقاومة ما ينطوي عليه هذا النوع من الذكريات. في الغالب تحوم ذكرياتنا حول أشخاص قضينا معهم جزء مهما من عمرنا..
هناك من ظل وفيا لنا.. وهنا من ترَكَنا على قارعة الطريق بحثا عن آخر قد يلبي ما يبحث عنه من احتياجات..
وبدورنا ظللنا أوفياء لمن وجدناهم يستحقوننا وخذلنا أولئك الذين خذلونا..
وخذلنا أيضاً بعضاً ممن كانوا يعولون علينا وبين هؤلاء وأولئك دارت حكايتنا وجمعتنا بهم ذكريات.. التصقت بذاكرتنا..
وهي الذكريات التي تذكرنا بالأشخاص أولاً ثم الأحداث والمواقف وهم الذين يذكروننا بتلك الذكريات..
فلا نجد مفراً منها رغم ندمنا على كثير منها لأننا خلال رحلتنا هذه عبر الحياة أدركنا متأخرين أننا ضيعنا كثيراً من عمرنا رفقة أشخاص لا يستحقون حتى أن يدخلوا إلى حياتنا لكن ما أسوأ الحياة حين تمتحنك كرها!
ذكريات محطمة تقف على حدود الماضي لتمنعنا حتى من استرجاع الفرحة التي كانت فيه لكي لا نذكر منه إلا حزنه وأحساه ذكريات تحطمت بعد أن كانت لنا هي كل شيء كنا نطمح أن تكون هي الحاضر وهي المستقبل كنا نطمح أن تبقى مستمرة معنا تساعدنا على إكمال رحلتنا تمدنا بالأمل تمنحنا الثقة بأنفسنا وبمن حولنا ذكريات كانت أشبه بضوء الشمس الذي يجلي ظلمة الليل كانت هي أجمل أيام العمر عشناها بفرحة حتى ولو مضى فيها أيام حزينة لكن طعم الفرح فيها غلب كل شيء لكنه لم يستطع أن يغلب مرارة هذه الأيام طعم الفرح الذي ذقناه لم ينسنا شيء من طعم الحزن الذي نذوقه بل هذا الفرح كان هو أساس هذا الحزن لربما لو لم يكن موجود في حياتنا لما حزنا كل هذا الحزن فأن يكون فرح ماضيك هو نفسه حزن حاضرك ومستقبلك.