نغمات الألم وزهور الأمل

بقلم: د. عدنان بوزان

في عمق الليل الساكن، حيث تتساقط قطرات الدموع كنجومٍ بعيدة، ترقص روحي المكسورة وسط ألحان الحزن. أنا هاجسٌ بلا هوية، طائرٌ ضائع في سماءٍ ملبدة بالغيوم المظلمة، يعانقني الوحدة ويتغلغل الألم في جوانب قلبي المنهك.

تتعالى صرخات الأنين في كل زاوية من زوايا الروح، ويتسلل الحنين إلى أعماق الذاكرة كالنسيم البارد في ليلة شتوية قارصة. هنا، في هذا الفراغ المظلم، أجد نفسي مفتقداً للحضن الدافئ، للكلمات العذبة التي تروي عطش الروح، وللأمل الذي انطفأ كشمعة صغيرة في عاصفة لا تنتهي.

الفراق، ذلك الوجع العميق الذي يمزق القلوب ويجعلها تنزف حنيناً، يتراقص في أروقة الذاكرة كالشبح الذي لا يفارقني. كانت الأماني تتلاشى كالرمال بين أصابعي، ويبدو أن كل ما تبقى لي هو صدى أحلام كانت تراودني يوماً.

أرى في عيون الآخرين لمعان السعادة، وأشعر بألمٍ حاد يخترقني عندما أرى الحب يتفتح في حدائق قلوبهم، في حين أن قلبي يعيش في ظلام دامس، بعيداً عن أشعة الشمس الدافئة ورحمة الليالي الهادئة.

الحزن، رفيقٌ مخلص يمسك بيدي بإصرار، يعلمني دروساً لا تُدرك إلا بتجارب الفقد والانكسار. وفي هذا الحزن المستمر، أجد قوةً لأكمل رحلتي، حتى وإن كانت الطريق طويلة ومظلمة.

في غمرة الحزن والفراق، أجد نفسي يوماً بعد يوم، أتعلم كيفية قهر الألم ورفض اليأس. أصبحت أدرك أن الحياة ليست سوى سلسلة من التحديات والغموض، ورغم أن الدروب قد تكون وعرة والليالي مظلمة، إلا أنني أجد في أعماقي شرارة الأمل تتلألأ كالنجمة البعيدة في سماء الليل.

في صمت اللحظات الحزينة، أجد القوة لأكمل رحلتي، وأكتب بأحرف من الألم والصمت قصة نضالي. قد يكون الفراق قاسياً، وقد تؤلم الخيبات، ولكنني أعلم أن في كل زمان ومكان، هناك فجراً جديداً ينتظرني، هناك حلماً جديداً يستقبلني، وهناك حباً جديداً ينمو في أعماق قلبي.

فلن يستمر الحزن إلى الأبد، ولن يظل الفراق قائماً للأبد، بل ستشرق الشمس مجدداً، وستعود الضحكات تملأ الأفق، وستعود الأماني تتسلل إلى قلبي برقة وجمال. في ذلك اليوم، سأنظر إلى الوراء بابتسامة، لأفهم أن الحزن والفراق لم يكنا سوى دروس تعلمتها، وأن الألم لم يكن إلا محطة في رحلتي الطويلة نحو النضوج والتقدم.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!