الضياع في أحضان الغربة
بقلم: د. عدنان بوزان
في داخل الغابة المظلمة والغربة المؤلمة، تتلاشى جمالية الحياة في وجه الوحدة، حينما تجد نفسك وحيداً، محاطاً بأصوات زئير الذئاب. تتشابك أشجار الظلام وتلامس أوراق اليأس، فيما تتسلل الأصوات المرعبة لتعزف سيمفونية الخوف.
الذئاب، تلك المخلوقات الجائعة على أطراف العائلة، تتجاوز حدود الأرض الآمنة، تلتهم أثرياء العلاقات وتتلاعب بأوصال الدم واللحم. الغابة تصبح ساحة مظلمة لمعركة البقاء، وكل شجيرة تتحول إلى جندي في صفوف الخطر.
وهنا، في هذا الظلام الملتهب، تصبح الوحدة قفصاً ضيقاً يضيق حولك، وينبعث منه عبق الموت الذي يخترق الحواس. في هذا السياق المأساوي، يتبدل الوجه الرقيق للحياة إلى وجه شاحب ومحطم.
قد تحاول الهروب إلى عالم آخر، حيث يتلاقى الفجر برونق الأمان، ولكن حتى هناك، يتلاشى الضوء في محيط الهمسات المظلمة. وكلما اقتربت من الحافة، كلما زادت الذئاب جياعاً، وزادت الغابة رعباً.
في هذا السياق القاتم، تتسائل عن معنى الحياة، وهل يستحق البقاء في هذا الكون الذي تكون فيه الخيبة والخيانة أشد حدة من أنياب الذئاب. ورغم جمالية الطبيعة المحيطة، يصبح العالم الداخلي أكثر تأثراً بظلمة اللحظة.
وكأن الحياة تخفي معاناتها في كل صدى من أصداء الغابة، وأنت، الروح الضائعة في هذا البحر ، تحمل قلباً ينزف وروحاً تصارع بين البقاء والرحيل.
في اللحظات الحرجة تتساءل: هل الحياة فعلاً جميلة، أم أنها مجرد خيبة أمل وألم؟ يراودك شعور اليأس والضياع، وكلما طغى الليل على النهار، زادت الظلمة في داخلك.
لكن في هذا الظلام الكئيب، قد تجد شرارة صغيرة، نور خافت يتسلل إلى قلبك. قد تجد في تأملك للوضع، قوة للصمود ومقاومة للظروف الصعبة. ربما يكون الجمال في قدرتك على التحدث بصوت قوي ضد الظلم والظروف الصعبة.
رغم أن الغابة قد تكون مظلمة، إلا أنك لا تزال جزءاً من الطبيعة، والطبيعة تعلمنا أن الحياة تتجدد، والشمس ستشرق مرة أخرى. لذا، قد يكون هناك فجر ينتظرك، حيث يتجدد الأمل وتستعيد جمالية الحياة.
قد تكون الذئاب من حولك هم من تحب، ولكن هل يستحقون أن يسرقوا رونق حياتك؟ قد يكون هناك تفاصيل صغيرة في الظلام، تنتظر لتعيد الضوء إلى حياتك. عسى أن يكون لديك القوة للتغلب على الظروف الصعبة واستعادة الجمال في رحلتك الصعبة.