رقصة القلم في بستان الصمود
بقلم: د. عدنان بوزان
في دهاليز الفكر والعلم، يتسلل المثقف بسحر لا يُضاهى، يلمس الأفكار كأنها أنغام موسيقية تتناغم بروعة في روحه. إنه كالفنان الذي يخلق لوحات فنية باستخدام ألوان الكلمات وأدوات الفكر، ينسج قصصاً من المعرفة ويروي حكايات الحياة بأسلوبه الخاص.
يتألق المثقف عبر حروفه التي تنساب كأنها نهرٌ من الجمال، يحمل في طياتها روحاً ذكية تتفجر بالأفكار السامية. إنه يبتكر ويبدع، يرفع راية الإبداع بفهمه العميق ورؤيته البارعة. يكون المثقف كراعٍ يمتد عالياً نحو السماء، وكأرضٍ خصبة ينمو فيها ثمار العقل والتفكير.
في أرجاء الفضاء الذهبي للمعرفة، تتسلل الحكمة والإلهام بين أضلع المثقف، كأنها أنسجة ذهبية تغلفه وتملؤه بلمعان لا ينضب. إنه يقتحم ذلك العالم بكل ذهن مفتوح وقلب تعطش للفهم والجمال. إنه المثقف، حامل القلم السحري الذي يتراقص بين السطور كفنان يخلق لوحة فنية عبقة بأريج الفهم والابتكار.
يبحث المثقف عن جوانب لا تنتهي في عالم الأفكار، يعتلي قمم الفهم ويلتقط شذا الأفكار الجميلة ليضيء بها دروب الحياة. ينبعث التألق من حروفه كالنجم في سماء اللغة، يتسابق الكلمات لترقص على أنغام الإبداع، يطلق الأفكار كطيور الحرية تتألق في سماء العقل.
ولكن في بلادنا على أرض الحروب والدم، يتلامس القلم بصعوبة مع الورق، فكأنه يعاني من يأس خفي. لا يستطيع أن يلتقط بين يديه الحروف والكلمات بحرية كما يحلم، بل يشعر كما لو كان مقيداً بقيود لا تنتهي. القلم هنا يكون كشجرة يابسة، تتحدى الرياح وتتناقش مع الألم والعذاب، فالكلمات تختنق ولا تجد متسعاً لتتسلق فراغ الورقة.
رغم الجفاف والعتمة، إلا أن تلك الشجرة اليابسة تتحدى الظروف، والقلم اليائس يصمد وسط الجفاف. رغم أنه لا يستطيع أن يحمل بين طياته عبق الخبر ورونق الحياة، فإنه يحارب وكأنه جندي يدافع عن آخر معقل من الجمال والفهم. وهكذا، يظل المثقف في بلادنا كشجرة يابسة، يحتفظ بقوته الداخلية رغم قسوة الزمان، ويحلم بأن يكون يوماً قلماً حراً يرسم أحلام الحياة بألوان الأمل والتغيير.