بين ضفاف الزمن: ألوان الحياة وفصول الأمل
بقلم: د. عدنان بوزان
تحاكي نهاية السنة بألوانها المتنوعة، في مشهدٍ فاتن يختلط فيه الحنين بالتساؤلات، ويتلألأ الوقت كجوهرة نادرة في سماء الزمان. هل هو احتفالٌ بتحدّيات العام الفائت؟ أم هو مجرد لحظة انطلاقٍ جديدة نحو أفق مجهول؟
في هذا الزمان العجيب، يرتفع صوت الفرح كالنغم الهادئ يملأ الفضاء. البشر يتسابقون في اقتناص لحظات السعادة، يغلبهم الشوق للغد الذي يعدهم بآمال جديدة. ولكن، هل هو حقاً بداية جديدة أم مجرد تواصل لأحداث لا تنقضي؟
الحياة تبرز بكل تناقضاتها، حيث يتصارع الثريّ والفقير في مسرح الوجود. الحظ يبتسم لبعضهم بينما يعاني آخرون من ألم الحياة. العدل والظلم يلتقيان في متاهات هذا العالم، حيث تتجاوز الأرض حدود الفهم، ويبقى الإنسان يحاول فهم لغزها المعقّد.
في الأماكن الراقية، حيث ينعم البعض بالكرامة والأمان، تتوالى اللحظات برقي وعفوية. بينما في الأماكن المظلمة، يتراكم الظلم كسحابة سوداء تعترض ضوء الحياة. تتلاقى الأقدار، وكأنما الزمان يعزف سيمفونية متنوعة، يجمع فيها بين الفرح والحزن، والضوء والظلام.
وهكذا يمضي الزمن بلا همسات تغير مجرى الأحداث. الغني يتعهد بالترف والمتعة، بينما يعيش الفقير في مهب الرياح العاتية. يستمر العالم في دورته اللامتناهية، والإنسان يحاول التأقلم مع الحياة الغامضة التي تحمل في طياتها الكثير من التحديات.
وكما يلتفت الناس إلى العام الجديد بابتسامة التفاؤل، يظل هناك صوتٌ هامسٌ في أعماق الليل يتحدث عن تجارب الحياة. هناك قصصٌ تبنيها الصبر، وأحلامٌ تتوارى خلف أبواب الظروف الصعبة. هناك من يستعد لبداية جديدة، وآخرون يحملون أحلامهم المكسورة من عام إلى عام.
وفي هذا السراج الفاني للزمن، يبقى الإنسان يتساءل: هل يمكن للسنوات الجديدة أن تحمل التغيير المنشود؟ هل يمكن للأمل أن يضيء مصباح العمر، ويخلق حقيقة جديدة مشرقة؟
قد يكون الاحتفال بنهاية السنة مجرد تذكير بأن الحياة مستمرة، وأن لكل لحظة في الزمن قيمتها وجمالها. وفي هذا الاحتفال، نجد فن البقاء يتجدد، وروح المقاومة تشع جمالاً. البشر يستعدون لتحمل ما قد يأتي، ويبنون جسوراً من التفاؤل ليسروا عبور الأيام المظلمة.
فلنحمل معنا في رحلتنا الجديدة تلك القصص الملهمة التي نسجتها أرواح قوية، ولنكن كالفصول المتنوعة في كتاب الزمان، نرقص بألوان الفرح والألم، ونعيش بكل انقضاء وابتسامة. فقد يكون العام الجديد فرصة لتجديد النية والتفاؤل، وليكن هذا الاحتفال بداية لرحلة جديدة نحو أفق مليء بالأمل والتغيير.
في هذا السياق المعقّد، يظل الناس يحتفلون بنهاية كل عام، وكأنما يروون حكاية جديدة في كتاب الزمن. يتبادلون التهاني والأماني، في حلقة تواصل غير متوقعة. فالحياة، رغم تعقيدها وتناقضاتها، تظل جميلة بطريقتها الفريدة، والناس تستمر في رحلتها، تترقب ما يحمله الغد بفارغ الصبر وتطمح إلى لحظات سعيدة في العام الجديد، رغم كل التحديات التي قد تكون في انتظارهم.
لذلك، فيما نستقبل العام الجديد، دعونا نتسلح بروح التحدي والإصرار، ولننظر إلى الغد بعيون مشرقة. قد تكون السنوات مراحل في كتاب الحياة، ولكن في نهاية المطاف، يبقى الإنسان صانعاً لقصته الخاصة، والعام الجديد هو فرصة لكتابة فصل جديد في هذا السفر الرائع الذي نعيشه.