عندما أصرخ
بقلم: د. عدنان بوزان
عندما أصرخ، يتحرر صوتي من قيود الصمت الموحش، يندفع من أعماقي كتيار جارف، محملاً بثقل الأحزان والآلام التي طالما كتمتها. صرختي ليست مجرد صوت يخترق الفضاء، إنها انعكاس لروح تتوق إلى الفهم والتحرر.
في لحظة الصرخة، تتفتح أبواب الروح المغلقة، وتتحول الكلمات إلى دوي يشق عنان السماء، تاركاً وراءه صدى يهز الوجدان. عندما أصرخ، لا أبحث عن تعاطف أو ردود أفعال، بل أسعى لإعادة رسم حدود وجودي واستعادة توازني الداخلي.
مع كل صرخة، تخف الأحمال التي أحملها، وأشعر بأنني أستعيد جزءاً من ذاتي كان مسلوباً بين زحام الحياة وصخبها. الصراخ يمنحني القوة لأواجه، والشجاعة لأتقدم، والأمل بأن يكون ما بعد الصدى صفاء وسكينة.
في كل مرة أصرخ فيها، أُعيد تعريفي لمعاني كثيرة قد غُيبت بين طيات الروتين واليوميات. عندما أصرخ، أنا لا أنكسر، بل أنا أُعيد بناء نفسي من جديد.
عندما أصرخ، تُمزق الستائر السميكة التي كانت تحجب عني رؤية حقيقتي. أكتشف مع كل صدى يعود إليّ أن هناك جزءاً مني ينتظر أن يُفهم ويُحتضن. الصرخة ليست علامة ضعف، بل هي استعلان للقوة، إعلان عن رفض الاستسلام للقهر الذي يحيط بالروح.
عندما أصرخ، أشعر بأني أشارك العالم قصتي بلغة لا تحتاج إلى ترجمة؛ لغة الإنسان الأولى التي تنبع من القلب مباشرة. صرختي هي دعوة لكل من يشعر بالوحدة والضياع، دعوة للعودة إلى الذات ومواجهة العالم بكل ما فيه من تحديات.
مع كل صرخة، تتسع رئتاي لاستقبال الهواء الجديد، وكأنني أولد من جديد. يصبح العالم أمام عيني أكثر وضوحاً، وتصبح معركتي مع الحياة أكثر معنى. صرختي هي تذكرة لي وللعالم أنني ما زلت هنا، ما زلت أقاوم، وأن حياتي تستحق كل لحظة من الكفاح.
عندما أصرخ، أرسم خارطة طريق لنفسي نحو مستقبل حيث الصوت لا يُكتم، وحيث الروح لا تُقيد. عبر صرختي، أقول لكل من يسمع: إن الحياة، مهما كانت قاسية، فإن لدينا دائماً القدرة على التعبير والتغيير والأمل في بدايات جديدة.