أسراب الأمل
بقلم: د. عدنان بوزان
في صباحٍ مشرقٍ من أيام الربيع، حين كانت أشعة الشمس تتسلل بلطف عبر نافذة غرفتي، استيقظتُ على صوت زقزقة العصافير التي تحلق في أسرابٍ متناغمة كأنها تعزف سيمفونية الأمل. نهضتُ من سريري، وابتسامةٌ تتراقص على شفتي، فقد كنت على موعدٍ مع رحلة جديدة تستوحيها تلك الأسراب الرقيقة.
ارتديت ملابسي بسرعة، وخرجت إلى الحديقة المحيطة بمنزلنا. كانت الأزهار تتفتح بألوانها الزاهية، وأوراق الشجر تتلألأ بقطرات الندى التي تعكس أشعة الشمس كأنها قطع من الألماس. شعرت بالنسيم العليل يلامس وجهي بلطف، وكأنه يهمس في أذني بكلمات مليئة بالتفاؤل والسرور.
بينما كنت أسير في الممرات المزينة بالأزهار، سمعت صوت أجنحة ترفرف فوقي. رفعت نظري لأجد سرباً من الطيور يحلق في تشكيلات متناسقة، يتحركون بتناغم بديع كأنهم يرسمون لوحات من الأمل في السماء الصافية. كانت تلك الطيور ترمز بالنسبة لي إلى الأمل الذي لا يفارقنا، مهما اشتدت الصعاب ومهما تعاظمت التحديات.
تابعت السير حتى وصلت إلى تلٍ صغير يطل على وادٍ أخضر. جلست على صخرة كبيرة هناك، وأخذت أتأمل في جمال الطبيعة حولي. كانت الطيور ما تزال تحلق في السماء، وكأنها ترشدني إلى معنى أعمق للحياة. شعرت في تلك اللحظة أن الأمل ليس مجرد شعور عابر، بل هو قوة داخلية تدفعنا للاستمرار والمضي قدماً، رغم كل شيء.
بينما كنت غارقاً في أفكاري، تذكرت قصةً قديمة رواها لي جدي عن طائر الفينيق الأسطوري. كان يقول إن هذا الطائر الرائع ينبعث من رماده بعد احتراقه، ليبدأ حياة جديدة مليئة بالأمل والتجدد. تلك القصة كانت تذكرني دومًا بأن الأمل لا يموت، بل يتجدد ويزدهر من جديد، تماماً كما تفعل الطبيعة في كل ربيع.
استغرقت في تأملاتي حتى غابت الشمس خلف الأفق، مخلفةً وراءها لوحة ساحرة من الألوان الدافئة. نهضت وعُدت أدراجي إلى المنزل، وقلبي يفيض بالأمل والإلهام. أدركت أن الأمل يشبه تلك الطيور التي تحلق في السماء، يرافقنا في كل لحظة، يحملنا على جناحيه نحو مستقبل أفضل، ويجعلنا نؤمن بأن الغد يحمل في طياته فرصاً جديدة وإمكانيات لا حصر لها.
وفي تلك الليلة، غفوت على سريري وأنا أحلم بأسراب الطيور التي ملأت سمائي بالأمل، عازماً على أن أحلق معها في عالمٍ من التفاؤل والفرح، مهما كانت الظروف ومهما عصفت بنا الرياح. ففي نهاية المطاف، الأمل هو ما يجعل الحياة تستحق العيش، وهو ما يدفعنا لنحلم ونعمل من أجل غدٍ أفضل.