تَارِيخ الصَّحافة الكوردِية بين النضال والمقاومة .. تأليف الدكتور عدنان بوزان
بقلم: د. عدنان بوزان
في صدر هذا العمل المتواضع، نقتحم أبواب التاريخ لنسبر أغواره، بحثاً عن جذور ومسارات الصحافة الكوردية، تلك الرسالة التي نمت وترعرعت في حقول النضال والمقاومة. نستعرض في هذه الصفحات ملحمة لم تكن لتقل عن غيرها في شجاعتها وصمودها، حيث تشكلت الصحافة الكوردية في أتون الصراعات والتحديات التي واجهت الشعب الكوردي عبر العصور.
منذ بزوغ فجرها في أواخر القرن التاسع عشر، كانت الصحافة الكوردية معبراً حقيقياً عن آمال وآلام شعب يسعى لصون هويته وثقافته في مواجهة الاضطهاد والغزو الثقافي. لقد كانت كلماتها الحرة بمثابة شعلة تنير درب الكفاح، تدوي في السهول والجبال، تحكي قصص البطولة والألم، وتنقل الأحداث بأمانة، رافضةً أن تخضع لقيود السلطان أو تقهر تحت وطأة القمع.
نتتبع في هذه المقدمة أولى خطوات الصحافة الكوردية، من أول صحيفة تأسست في القاهرة، مروراً بتطوراتها في العراق، سوريا، إيران وتركيا، وكيف استطاعت هذه الصحافة أن تكون صوتاً للمقاومة والتحدي في وجه الظلم والطغيان. سنروي كيف شكّلت هذه الصحافة منصة للثقافة والأدب والفكر الكوردي، وكيف ساهمت في تعزيز الهوية الكوردية وحفظ اللغة والتراث.
إن هذه الرحلة عبر صفحات الصحافة الكوردية ليست مجرد استعراض لتاريخ نضالي مجيد، بل هي تأمل عميق في الروح الإنسانية التي لا تقهر، والتي تستمد قوتها من الحق والعدالة والأمل بغدٍ أفضل. في هذا الكتاب، نعيد كتابة تاريخ الصحافة الكوردية بأقلام تبتغي الحقيقة، مؤمنة بأن الكلمة لها القدرة على تغيير مجرى التاريخ.
لذلك، نقدم في هذه الصفحات قصة الصحافة الكوردية، وهي قصة غنية بالأحداث، مزدانة بأسماء الشجعان الذين حملوا القلم في مواجهة الرصاص، وأولئك الذين أضاءوا طريق الحرية بالحروف والكلمات. فكل صحيفة أُصدرت وكل مقال نُشر، كان بمثابة صرخة في وجه الظلم، ونداء إلى العالم للنظر إلى قضية شعب يكافح من أجل حقوقه واعترافه.
نبدأ بتلك الفترات المبكرة حيث الإعلام الكوردي لم يكن إلا في بداياته، مستعرضين كيف كانت الجرائد الأولى تطبع باللغات المتعددة، ليس فقط للتعبير عن الهوية الكوردية بل أيضاً لتثقيف وتوعية الشعب الكوردي بما يجري حوله. تلك الجرائد التي تحولت من مجرد نشرات إعلامية إلى منابر للفكر والثقافة، وأدوات للتعبئة والتنظيم السياسي.
ومع تصاعد الحركات الوطنية وتزايد الضغوط السياسية، نلاحظ كيف اتخذت الصحافة الكوردية منحى أكثر جرأة وتحدياً. ففي الفترات الحرجة التي شهدت اضطهادات واسعة، برزت صحف كوردية تحديت كل الصعوبات لتصدر سراً، تحت التهديد والملاحقة، معبرة عن صوت الأمة الكوردية في أحلك الأوقات.
كما نسلط الضوء على الدور الذي لعبته هذه الوسائل في تحرير الفكر الكوردي وتحديثه، حيث كانت الصحافة بمثابة المحرك الأساسي للنهوض الثقافي واللغوي، ترجمت ونشرت الأدب الكوردي وأدبيات التحرير والمقاومة، ووثقت الفنون والتقاليد الكوردية التي كانت عرضة للاندثار.
إن كل زاوية من هذا الكتاب تعد شهادة على الدور الفعال الذي تلعبه الصحافة في نضال الشعوب من أجل حقوقها وكرامتها. وبينما نتتبع خطى الصحافة الكوردية، نعثر على دروس في الشجاعة، والإبداع، والإصرار على البقاء، رغم العوائق والتحديات.
بهذه الروح، يأتي هذا الكتاب كمحاولة لإعادة قراءة التاريخ من خلال القلم والورق، مؤكدين على أن الصحافة، بكل تجلياتها، هي جزء لا يتجزأ من مسيرة الشعب الكوردي نحو الحرية والاعتراف. إنها تعكس إرادة شعب لا يعرف اليأس، شعب يمتلك القدرة على تحويل أشد الأوقات ظلمة إلى لحظات من النور والأمل.
وفي تحليلنا لمسيرة الصحافة الكوردية، لا نغفل عن التحديات الجديدة التي تواجه الإعلام في عصر العولمة والتكنولوجيا. حيث نرصد تحولات واسعة في طرق نقل المعلومات والأفكار، وكيف استطاع الكورد تبني هذه الوسائل الجديدة لتعزيز مكانتهم ورسالتهم. تبرز هنا أهمية الإعلام الرقمي والشبكات الاجتماعية كأدوات فعالة في مواصلة النضال الكوردي، وكيف أن هذه المنصات أتاحت للأصوات الكوردية أن تصل إلى العالم أجمع بشكل غير مسبوق.
كما نعمق النظر في كيفية تأثير الإعلام الكوردي في تشكيل الوعي الجماعي وتعزيز الهوية الوطنية، بتقديمه لنماذج من الأدب والفن والسياسة والتاريخ، مما يجعله مرآة تعكس الروح الكوردية بكل تجلياتها. هذه المرآة لا تعكس فقط صورة للماضي، بل تعكس أيضاً رؤى لمستقبل يسوده العدل والسلام.
في ختام هذا الكتاب، نأمل أن يكون قد قدم للقارئ لمحة عن الدور البالغ الأهمية الذي لعبته وتلعبه الصحافة الكوردية في مسيرة شعب كامل نحو تحقيق العدالة والاستقلال. إنها قصة ملهمة تؤكد أن الكلمة، عندما تكتب بإخلاص وشجاعة، لها القوة ليس فقط لتحريك القلوب والعقول، ولكن أيضاً لتحريك الجبال.
بهذا نختتم مقدمتنا، متمنين أن يكون هذا الكتاب إضافة معرفية ثرية تفتح آفاقاً جديدة للقارئ وتشجعه على التعمق أكثر في تاريخ وثقافة وإعلام الشعب الكوردي.
ـــــــــــــ
اسم الكتاب : تَارِيخُ الصَّحافَةِ الكوردِيَّةِ بَيْنَ النِّضالِ وَالمُقاوَمَةِ
الكتاب : من القطع المتوسط
عدد الصفحات : 209
تأليف: الدكتور عدنان بوزان
القراءة أو تنزيل الكتاب أضغط الملف في الأسفل