صدور العدد الخامس من جريدة الرؤية آزادي يوم الأربعاء 29 / 5 / 2024
افتتاحية جريدة الرؤية: الشرق الأوسط في مفترق الطرق
تشهد منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي تحولات جذرية ودراماتيكية تُلقي بظلالها على الساحة الدولية بأسرها. من سوريا إلى العراق ولبنان، وصولاً إلى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في غزة، تتشابك الأحداث وتتداخل لتشكل لوحة معقدة من الصراعات والمصالح. ومع إضافة التطورات الأخيرة في إيران، حيث تم اغتيال رئيسها قبل أيام قليلة، فإن فهم هذه التطورات ومحاولة استشراف المستقبل يتطلبان نظرة شاملة ومعمقة للوضع الراهن وتأثيراته المتعددة.
سوريا: صراع مستمر وتحولات دولية
ما زالت سوريا تعاني من آثار الحرب والأزمة السورية التي اندلعت منذ عام 2011، والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين. وعلى الرغم من أن النظام السوري قد استعاد السيطرة على معظم المناطق، إلا أن البلاد ما زالت تمثل مسرحاً لتدخلات دولية وإقليمية متشابكة. روسيا وإيران تدعمان النظام السوري بشكل كبير، بينما تسعى تركيا لتحقيق مصالحها الخاصة في الشمال السوري ومنع إنشاء إقليم كوردي على حدودها.
في هذا السياق، برزت الإدارة الذاتية الكوردية في شمال وشرق سوريا كلاعب رئيسي في المنطقة. على الرغم من تحقيقها بعض الاستقرار، إلا أنها تعاني من الفساد المستشري ومحاولات تغيير ديمغرافية المنطقة. تغيير أسماء المدن العريقة مثل كوباني إلى الفرات يعد جزءاً من هذه السياسة، وهو ما يخدم الأجندات السياسية الإقليمية ويثير قلق السكان المحليين بشأن هويتهم ومستقبلهم.
بعض التوترات بين الإدارة الأمريكية والتركية بشأن الكورد وقوات قسد من جهة، والقوات النظام السوري المدعومة من روسيا من جهة أخرى، تظل تشكل خطراً دائماً على الاستقرار. هذه الديناميكيات تعزز من تعقيد الوضع وتجعل من الصعب الوصول إلى تسوية سياسية شاملة. كما أن الوضع الإنساني المتدهور واستمرار المعاناة المدنية يضيفان طبقة أخرى من التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في محاولاته لإيجاد حل دائم للأزمة السورية.
العراق: مرحلة جديدة من الصراع والتغيير
في العراق، يستمر الصراع السياسي والطائفي في إلقاء بظلاله على مستقبل البلاد. بعد سنوات من الحرب ضد تنظيم داعش، ما زال العراق يعاني من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. الاحتجاجات الشعبية تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، مما يعكس حالة الإحباط العميقة لدى الشعب العراقي من الفساد وسوء الإدارة.
التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تلقي بثقلها على العراق، الذي يجد نفسه في وسط الصراع بين القوتين الإقليميتين. سابقاً اغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني في بغداد وفي الآونة الأخيرة الرئيس الإيراني والوفد الرفق له كان له تداعيات كبيرة على الوضع الأمني والسياسي في العراق، مما زاد من تعقيد المشهد وأثار مخاوف من تصاعد العنف. السياسة الهشة نتيجة سيطرة الحكومة الطائفية وإبعاد بعض الأطراف عن الساحة السياسية يزيد من تعقيد الوضع. في العراق، بدأت مرحلة التصفيات الجسدية والإرهاب القادم، مما يشير إلى أن البلاد قد تدخل في دوامة كبيرة من التصفيات والعمليات الإرهابية والتخريبية. بالإضافة إلى ذلك، يعاني العراق من المجاعة والفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة، والبرلمان معطل، مما يزيد من صعوبة تحقيق أي استقرار سياسي أو اقتصادي في المستقبل القريب.
زيارة نيجيرفان البرزاني إلى الإمارات العربية المتحدة، خاصة بعد اغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، تفتح الباب أمام احتمالات تحالفات جديدة في المنطقة. هذه الزيارة تثير تساؤلات حول طبيعة هذه التحالفات وتداعياتها على الوضع الإقليمي، خصوصاً في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران.
إيران: اغتيال الرئيس وتداعياته
أثارت حادثة اغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل أيام قليلة صدمة كبيرة في المنطقة، وزادت من تعقيد المشهد السياسي. هذا الحدث الجلل يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في إيران، التي تواجه ضغوطاً داخلية وخارجية هائلة. ردود الفعل الإقليمية والدولية على هذا الاغتيال قد تؤدي إلى تصاعد التوترات بشكل أكبر، مما يضيف بُعداً جديداً للصراعات القائمة في الشرق الأوسط.
لبنان: أزمات متراكمة وانهيار اقتصادي
لبنان يمر بأزمة غير مسبوقة على جميع الأصعدة. الانهيار الاقتصادي والمالي، الذي تفاقم بفعل الفساد المستشري وسوء الإدارة، جعل البلاد على شفا الانهيار. انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف، وتدمير جزء كبير من العاصمة.
الفراغ السياسي وانعدام الثقة في الطبقة الحاكمة يزيدان من حدة الأزمات. في ظل هذه الظروف، أصبح اللاجئون السوريون في لبنان عرضة للتمييز والعنف، مما يضيف أبعاداً جديدة للتوترات الاجتماعية والسياسية. المجتمع الدولي مطالب بدعم لبنان بشكل عاجل، ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية، ولكن أيضاً من خلال دعم الإصلاحات الهيكلية التي يمكن أن تنقذ البلاد من الانهيار الكامل.
بالإضافة دور حزب الله " الصهيفقيه" السلبية والتخريبية " دولة داخل الدولة اللبنانية" بمشاركة النظام البعثي النازي بقتل الشعب السوري بكافة الوسائل اللا أخلاقية ولا إنسانية..
فلسطين وإسرائيل: جولة جديدة من العنف في غزة
تستمر دائرة العنف في غزة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً جديداً في القصف المتبادل. الوضع في غزة كارثية بكل معنى الكلمة لا تقبل العقل وإنسانية وأخلاقية وهذا يعكس حالة الجمود السياسي المستمرة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث فشلت جميع المحاولات السابقة لتحقيق سلام دائم.
السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية تظل محور الخلاف الرئيسي، في ظل استمرار الاستيطان ومصادرة الأراضي. بينما تستمر غزة في المعاناة من الحصار الذي يفاقم من الظروف الإنسانية الصعبة لسكانها. المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مطالب بالعمل على تفعيل جهود السلام من جديد، والضغط على الأطراف المعنية للعودة إلى طاولة المفاوضات. لكن كل هذا الصراع والدمار والتشريد والاعترافات من بعض الدول وقوانين المحكمة الجنائية الدولية فلسطين نحو تقسيم إلى دوليتين عربية وإسرائيلية فقط الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل .
نظرة شاملة ومستقبل غامض
تظل منطقة الشرق الأوسط في مفترق طرق، حيث تتشابك الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية لتخلق وضعاً معقداً يصعب التكهن بمستقبله. الحلول المستدامة تتطلب تعاوناً دولياً جاداً وإرادة سياسية حقيقية من قبل الأطراف المعنية. المجتمع الدولي مطالب بالتدخل بشكل فاعل لوقف دوامة العنف والصراعات، وتقديم دعم حقيقي للشعوب المتضررة.
في هذه اللحظة الحرجة، يبقى الأمل في تحقيق السلام والاستقرار معلقاً على قدرة الدول والقوى الكبرى على تجاوز خلافاتها وتوحيد جهودها نحو مستقبل أفضل للشرق الأوسط. منطقة عانت كثيراً ولا تزال تطمح إلى السلام والأمان والتنمية.
رئيس التحرير
القراءة أو تنزل العدد أضغط الملف في الأسفل