كلمة اليوم: الواقع السياسي الراهن: رؤية فلسفية نحو التغيير والتقدم
بقلم: د. عدنان بوزان في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بمنطقة...
كلمة اليوم: صمت الأوطان وثورة الأقلام: بين الركوع والمقاومة
بقلم: د. عدنان بوزان لو أننا أُخرسنا حقاً، لو أن أصواتنا سُكتت...
كلمة اليوم: ما وراء الأنقاض: كيف تبني الشعوب مستقبلها؟
بقلم: د. عدنان بوزان أيها الشعوب المنهكة في الشرق الأوسط، إن أصوات...
عملية "طوفان الأقصى" وأخطاء إسرائيل الإستراتيجية: تحليل عميق
بقلم: د. عدنان بوزان
هذا التحليل السياسي يشير إلى ثلاثة أخطاء إستراتيجية قامت بها إسرائيل وأدت إلى نجاح عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. في تنفيذ عملية "طوفان الأقصى". هذه العملية لم تكن مجرد هجوم عابر، بل كانت مأساة إستراتيجية لإسرائيل، فقد كشفت عن ثلاثة أخطاء إستراتيجية جسيمة أودت بها إلى هذه النتيجة الكارثية.
سنقوم بتحليل النقاط وسنوجز الأخطاء الثلاثة :
1. الاعتماد الزائد على التكنولوجيا:
إحدى الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبتها إسرائيل كانت الاعتماد المفرط على القدرات التكنولوجية. ويشير إلى أن إسرائيل اعتمدت بشكل كبير على التكنولوجيا في جيشها، ولكن هذا الاعتماد لم يكن كافياً في مواجهة الهجوم الذي شنته كتائب القسام. استخدام مقاتلي الكتائب لمسيّرات صغيرة سمح لهم بتعطيل روابط الاتصال بين الأنظمة التكنولوجية الإسرائيلية، مما أدى إلى عدم فعالية الاستخدام الفعّال لتلك التكنولوجيا.
إذاً،إحدى من هذه الأخطاء الفادحة كانت الثقة الزائدة في قدرات التكنولوجيا الحديثة. رغم تطور الأسلحة والأنظمة التكنولوجية، إلا أنها ليست حلاً وحيداً. في هذه العملية، لذلك أظهرت مقاتلي "كتائب القسام" براعتهم في استخدام المسيّرات الصغيرة، التي تمكنت من تعطيل الاتصالات بين الأنظمة التكنولوجية الإسرائيلية. الثقة المفرطة في التكنولوجيا كانت وهماً تحطم أحلام إسرائيل الأمنية.
• عدم فحص الثغرات الأمنية: أحد أبرز الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها إسرائيل هو عدم فحص الثغرات الأمنية في نظامها الدفاعي. كما أشار بن يشاي، كان لدى حماس تقديرات دقيقة حول نقاط الضعف في النظام التكنولوجي والتنظيم الأمني للجيش الإسرائيلي. هذه الثغرات الأمنية لم تتمثل فقط في التكنولوجيا بل أيضاً في الإستراتيجية والتقديرات الخاطئة.
• ضعف استراتيجي في التقديرات: ثمة خطأ استراتيجي آخر كان يتمثل في التقديرات الخاطئة لإسرائيل حول حركة حماس. عندما لم ترد إسرائيل بالتصعيد في وجه العمليات الاستهدافية لقادة حركة الجهاد الإسلامي، قامت حماس بتكثيف تحركاتها واستعداداتها لعملية "طوفان الأقصى". هذا التقدير الخاطئ سمح لحماس بالتخطيط بشكل كامل للهجوم الذي أسقط العديد من الخطط الإسرائيلية.
• الفشل في فهم العدو: الفشل في فهم جوهر وسمات العدو كان خطأ آخر فادح. إسرائيل لم تدرك بالكامل العدو الذي تواجهه، ولم تعترف بقدرات وتنظيمية حماس بشكل صحيح. بدلاً من التركيز على العمليات الاستهدافية، توقعت إسرائيل أن حماس ستتسلل لاستهداف مناطق أو مستوطنات معينة. هذا الفهم الضعيف للتهديد أدى إلى عجزها في الاستجابة الفعّالة للهجوم الذي قادته كتائب القسام.
الاستنتاج:
تكشف عملية "طوفان الأقصى" عن الثغرات الكبيرة في إستراتيجية إسرائيل الأمنية وتحديداً في التقديرات وفهم العدو. هذه الأخطاء لم تؤثر فقط على النتائج العسكرية بل أيضاً على الأمن القومي والاستقرار في المنطقة. يجب على إسرائيل أن تتعلم من هذه الأخطاء وتعيد النظر في إستراتيجيتها الأمنية، مع التركيز على فحص الثغرات والتقديرات الصحيحة للعدو. الاعتماد الزائد على التكنولوجيا والاستراتيجيات التقليدية لن يكون كافياً في مواجهة التهديدات المتغيرة في العالم اليوم.
2. فشل منظومة العوائق المادية:
إسرائيل كانت تعتمد بشكل كبير على منظومة من العوائق المادية وأجهزة التحكم والمراقبة على طول حدود قطاع غزة لمنع عمليات التسلل. ومع ذلك، تمكنت كتائب القسام من تجاوز هذه العوائق وتجاوز الحواجز بفعالية. هذا يشير إلى عدم كفاية تلك المنظومة في وجه الهجمات الفعّالة والمنظمة التي قادتها الكتائب.
إذاً، بالرغم من هذه المنظومة المتطورة، استطاعت "كتائب القسام" تخطي هذه العوائق بكل بساطة وفعالية. هذا يشير إلى أن إسرائيل أخفقت في فهم التحديات الحديثة وفشلت في تقديم استجابة فعّالة لها.
3. الرهان على العوائق المادية والتكنولوجية:
إسرائيل قامت برهانٍ خاطئ على أن العوائق المادية والتكنولوجية ستكون كافية لمنع أي هجوم. إلا أن نجاح "طوفان الأقصى" يظهر أن هذه العوائق ليست كافية بمفردها. ويشير إلى أن هذه الثقة الزائدة في القدرات التكنولوجية والعوائق المادية قادت إلى الفشل في التصدي للهجمات الفعّالة والمبتكرة التي قادها العدو.
لذلك، إحدى الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها إسرائيل كانت الثقة المفرطة في نظرية الردع. رغم قوة القوات الإسرائيلية وتكنولوجياها، كانت إسرائيل تعتمد بشكل كبير على فكرة أن قوتها ستكون كافية لمنع أي هجوم فلسطيني. ولكن "طوفان الأقصى" أظهر أن هذه الثقة كانت غير مبررة. الردع وحده لم يكن كافيا لمنع هذا الهجوم المدمر.
خلاصة القول، إنّ الفشل الاستخباراتي هو أكبر مظاهر الفشل الإسرائيلي في عملية "طوفان الأقصى" والذي تمثل في عدم الحصول على معلومات استخبارية مسبقة، على الرغم من مشاركة عدد كبير من الأشخاص في التخطيط والإعداد والتدريب قبل العملية. أنّ إسرائيل توصلت إلى قناعة إستراتيجية مفادها بأنه يتوجب القضاء على حكم حركة حماس، لأنه لا يمكن الحفاظ على نمط حياة طبيعي طالما ظلت الحركة على رأس الحكم في غزة، ما يتطلب شن عملية برية تستغرق أسابيع أو أشهراً.
في الختام، يجب أن تكون هذه الأحداث درساً قاسياً لإسرائيل وللمجتمع الدولي. يجب أن يتوقف العالم عن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والردع كوحيدتين من وسائل الدفاع، ويجب أن نتعلم أن التنوع في الاستراتيجيات والاستجابة الذكية للتحديات هما المفتاح لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.