تصريح سياسي حازم: حقوق الكورد القومية لا نقاش فيها
إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...
كلمة اليوم: سوريا بين فوضى الداخل وتدخلات الخارج: طريق العودة إلى الوحدة والسلام
بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...
سوريا بين مفترق الطرق: نحو فيدرالية أم تقسيم؟
إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...
بمناسبة رأس السنة: سوريا الأمل، عهد جديد من الحرية والكرامة
يا أبناء سوريا الحبيبة، يا من صنعتم التاريخ بآلامكم وصمودكم، ها نحن نقف اليوم على أعتاب عام جديد. عامٌ نأمل أن يكون مفعماً بالسلام، مليئاً بالكرامة، وحافلاً بتحقيق العدالة والمصالحة. هذه اللحظة ليست فقط مناسبةً للاحتفال، بل هي دعوة للتأمل العميق، للتفكير بما مررنا به كشعب، وما نطمح إليه كوطن موحّد في تنوّعه.
لقد كانت السنوات الماضية مليئة بالمآسي التي حفرت في نفوسنا جروحاً لن تمحوها الأيام بسهولة. ولكن، في عمق هذه المآسي، تتجلّى بذور الأمل. علّمنا الألم أن الحرية ليست هبةً تُمنح، بل حقٌ يُنتزع بالنضال، وأن الكرامة ليست مجرد شعارٍ يُرفع، بل جوهر وجودنا الإنساني.
أيها السوريون الأحرار، إن سوريا التي نعرفها لم تعد كما كانت. من تحت الأنقاض، ومن بين جراح المدن المدمّرة والقرى المهجورة، يبرز سؤالٌ أساسي: كيف يمكن أن نعيد بناء هذا الوطن؟ ليس فقط بناء الحجر، وإنما بناء الإنسان، وصياغة هوية وطنية تجمع كل أبنائها بمختلف انتماءاتهم وخصوصياتهم الثقافية.
إن انهيار النظام البعثي البائد يمثل بداية عهدٍ جديد، عهدٍ يحمّلنا مسؤولية كبيرة في صياغة مستقبل سوريا. لكن هذه البداية تتطلب منا الوعي والحكمة، والعمل الجاد لبناء مستقبل قائم على العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية. علينا أن ندرك أن تجاوز مآسي الماضي يستوجب مواجهة شجاعة مع أخطائنا جميعاً، كحكومة، وشعب، وقوى سياسية.
أيها الشعب العظيم، لا يمكن الحديث عن مستقبل سوريا دون معالجة القضية الكوردية، التي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من القضية الوطنية. إن الكورد في سوريا هم أبناء هذا الوطن، وشركاء في نضاله، وحملة إرثه الثقافي والتاريخي. لقد عانى الكورد من سياسات القمع والإنكار لعقود طويلة، لكنهم ظلوا متمسكين بهويتهم وبحقهم في العيش بكرامة ضمن وطنهم.
إن حل القضية الكوردية هو مفتاح الاستقرار والسلام في سوريا الجديدة. هذا الحل لا يمكن أن يكون عبر تسوياتٍ عابرة، بل يجب أن يكون عادلاً وشاملاً، في إطار نظام ديمقراطي تعددي يضمن حقوق جميع المكونات السورية. نحن نؤمن بأن نظاماً فدرالياً أو كونفدرالياً ديمقراطياً يمكن أن يكون السبيل الأمثل لتحقيق العدالة والمساواة، وضمان مشاركة الجميع في صنع القرار السياسي والإداري.
أيها المواطنون في سوريا وفي كل مكان، لا يمكننا النظر إلى مستقبل سوريا بمعزل عن محيطها الإقليمي. فالشرق الأوسط اليوم يقف على مفترق طرق، حيث تتصارع قوى بين السعي للاستبداد ورغبة الشعوب في الحرية والديمقراطية.
إننا نؤمن أن استقرار المنطقة لن يتحقق إلا عبر تغيير جذري في الأنظمة الاستبدادية التي تغذّي الفوضى والصراعات. في مقدمة هذه الأنظمة يقف النظام الإيراني، الذي أصبح عنصر شرٍ واضحٍ في المنطقة. نظام ولاية الفقيه لم يكتفِ بقمع شعبه، بل عمل على تصدير الأزمات ودعم الميليشيات المزعزعة لاستقرار الدول الأخرى.
أيها الأحرار في كل مكان، إن مستقبل المنطقة يعتمد على تعاون الشعوب وتحررها من قيود الأنظمة الاستبدادية والطائفية. نحن ندعو إلى بناء نظام إقليمي جديد قائم على الديمقراطية واحترام التعددية، نظامٌ يحترم حقوق الشعوب كافة، من الكورد والعرب إلى الفرس والتركمان، المسلمين والمسيحيين والإيزيديين ويضمن مشاركتهم العادلة في صنع القرار.
إلى كل السوريين، عرباً وكورداً وسرياناً وآشوريين وتركماناً وغيرهم، رسالتي في هذا العام الجديد هي أن الوحدة لا تعني الذوبان، والاختلاف لا يعني الانقسام. سوريا الجديدة لن تكون الأقوى بالسلاح، بل بالأفكار. لن تكون الأغنى بالموارد، بل الأرفع بالكرامة الإنسانية.
فلنجعل من هذا العام بداية لتاريخ جديد، تاريخ نكتبه بأيدينا لا بأيدي الآخرين. تاريخ نخط فيه الحرية والعدالة والمساواة كمبادئ أساسية لا تقبل النقاش أو المساومة.
في نهاية هذه الكلمة، دعوني أقول: إن الأمل ليس رفاهية، بل هو ضرورة. الأمل هو ما يبقينا واقفين رغم كل الانكسارات. ولكن سوريا الجديدة تحتاج أكثر من الأمل؛ إنها تحتاج إلى العمل، إلى إرادة التغيير، وإلى رؤية واضحة للمستقبل.
دعونا نعمل معاً لبناء سوريا ديمقراطية تعددية، تضمن الحقوق، وتحترم الكرامة، وتكون نموذجاً للشرق الأوسط في السلام والاستقرار.
كل عامٍ وسوريا وشعبها بألف خير، وكل عامٍ وأنتم أقرب إلى تحقيق الحلم الذي يستحقه وطننا الحبيب.
31 / 12 / 2024
د. عدنان بوزان