تصريح سياسي حازم: حقوق الكورد القومية لا نقاش فيها
إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...
كلمة اليوم: سوريا بين فوضى الداخل وتدخلات الخارج: طريق العودة إلى الوحدة والسلام
بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...
سوريا بين مفترق الطرق: نحو فيدرالية أم تقسيم؟
إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...
سوريا بين مفترق الطرق: نحو فيدرالية أم تقسيم؟
إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية والاجتماعية للدولة، حيث تشير جميع المؤشرات إلى أن سوريا تتجه نحو تقسيم محتمل إلى فيدراليات أو كيانات شبه مستقلة، نتيجة لاستمرار الصراعات الداخلية وتداخل المصالح الدولية والإقليمية.
أصبح واضحاً أن فكرة الدولة المركزية التي حكمت سوريا لعقود تواجه تحديات وجودية، بفعل التدخلات الإقليمية والدولية، وتفكك المؤسسات الوطنية، واستمرار حالة الاستقطاب الحاد بين المكونات السياسية والاجتماعية. في ظل هذا الوضع، يبدو أن النظام الإسلاموي المتطرف لم يعد يمثل مشروعاً مقبولاً أو قابلاً للتطبيق على الشعب السوري، حيث فُرض بقوة السلاح ولم يحظَ بشرعية داخلية أو خارجية.
على الأرض، يبدو أن سلطة الجولاني ومشروعه الإسلاموي في إدلب والمناطق المحيطة تواجه تآكلاً متزايداً، مع توقعات بأن لا تصمد أكثر من عام ونصف في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. بالمقابل، نجد أن دمشق، العاصمة التاريخية لسوريا، أصبحت عملياً تحت وصاية غير مباشرة من قوى دولية، وعلى رأسها إسرائيل، التي تعمل على ضمان استقرار الجنوب السوري بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
في هذا السياق، نجد أن مشروع التقسيم الفيدرالي لسوريا يكتسب زخماً متزايداً، مدعوماً بتوافق ضمني بين القوى المؤثرة في الصراع السوري. يتضح هذا السيناريو في التوجه نحو إنشاء كيانات مستقلة أو شبه مستقلة، منها:
1- إقليم علوي على الساحل، ليكون كياناً مستقلاً يضمن حماية العلويين هناك، بعيداً عن أي ارتباط بنظام دمشق.
2- إقليم درزي في الجنوب، يحظى بدعم ورعاية إسرائيلية، ويعمل كمنطقة عازلة تسهم في استقرار الحدود الجنوبية لسوريا.
3- إقليم كوردي شرق الفرات، يمثل طموح الشعب الكوردي في تحقيق حكم ذاتي متكامل، مع عودة قوات بيشمركة روج لضمان استقرار المنطقة، في إطار توافقات مع التحالف الدولي.
إضافة إلى ذلك، فإن الوضع في العاصمة دمشق يعكس واقعاً مختلفاً، حيث أصبحت المدينة عملياً تحت وصاية دولية غير مباشرة، مع تأثير إسرائيلي واضح على صياغة مستقبل الجنوب السوري. هذا الواقع يعزز فكرة أن سوريا، كما عرفناها سابقاً، قد لا تعود إلى حالتها الموحدة المركزية، بل قد تتحول إلى دولة فيدرالية تتميز بتنوع كياناتها السياسية والإدارية.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن سوريا تتجه نحو مستقبل يحمل في طياته تحولات جذرية قد تكون مؤلمة، لكنها تعكس الواقع الراهن على الأرض. التقسيم الفيدرالي يبدو كحل مرحلي أو دائم، مدعوماً بتفاهمات دولية وإقليمية تهدف إلى إنهاء النزاع المستمر وضمان الاستقرار في المنطقة.
ختاماً، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الشعب السوري، في نهاية المطاف، هو الذي سيدفع ثمن هذا التقسيم إذا لم يتم تحقيق مشروع وطني جامع يعيد بناء سوريا على أسس العدالة والمساواة. المرحلة القادمة تتطلب وعياً وطنياً عميقاً، وحواراً حقيقياً بين السوريين بعيداً عن الإملاءات الخارجية. فإرادة الشعب وحدها قادرة على تجاوز هذا المصير المظلم وبناء مستقبل يليق بتضحياته وآماله.
14/ 1/ 2025
د. عدنان بوزان