تصريح سياسي حازم: حقوق الكورد القومية لا نقاش فيها
إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...
كلمة اليوم: سوريا بين فوضى الداخل وتدخلات الخارج: طريق العودة إلى الوحدة والسلام
بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...
سوريا بين مفترق الطرق: نحو فيدرالية أم تقسيم؟
إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...
كلمة اليوم: سوريا بين فوضى الداخل وتدخلات الخارج: طريق العودة إلى الوحدة والسلام
بقلم: د. عدنان بوزان
بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة تحرير الشام إلى السلطة، تحولت البلاد من صراع ضد الاستبداد إلى مستنقع جديد من التطرف والانقسامات. لم يكن هذا التحول مجرد استبدال نظام بآخر، بل بداية لمرحلة من الفوضى العميقة التي أفرزت واقعاً سياسياً واجتماعياً أكثر تعقيداً وخطورة.
هيئة تحرير الشام، التي ترفع شعارات لا تمت إلى تطلعات الشعب السوري بصلة، لم تسعَ إلى بناء دولة وطنية تحتضن جميع مكونات المجتمع، بل عملت على فرض أيديولوجيتها الشمولية التي أضعفت النسيج الوطني وأشعلت التوترات العرقية والطائفية. هذه السياسات الإقصائية والشوفينية فتحت الباب على مصراعيه أمام التدخلات الإقليمية والدولية التي أصبحت عاملاً رئيسياً في تعميق الأزمة بدلاً من حلها.
سوريا اليوم تعيش حالة من التشرذم غير المسبوق. الملامح التي كانت تجمع هذا البلد كدولة موحدة تبددت مع تزايد النفوذ الأجنبي الذي يتلاعب بمصيرها عبر وكلاء محليين وصراعات بالوكالة. كل فاعل إقليمي أو دولي يرى في سوريا فرصة لتعزيز نفوذه، دون الاكتراث بمعاناة الشعب السوري الذي يدفع ثمن هذه الصراعات يومياً.
في هذا السياق، بدأت ملامح تقسيم سوريا تتضح شيئاً فشيئاً، سواء من خلال مناطق النفوذ المتعددة أو عبر استراتيجيات فرض الأمر الواقع التي تسعى إلى تغيير الخرائط السياسية والديمغرافية. هذا التقسيم، إن حدث، لن يكون مجرد مأساة للشعب السوري فحسب، بل خطراً على استقرار المنطقة بأكملها، حيث ستتحول سوريا إلى مركز دائم للتوترات والحروب التي تمتد آثارها إلى دول الجوار.
من بين أكثر القضايا إلحاحاً تأتي محاربة الكورد وعدم الاعتراف بحقوقهم القومية دستوريا كأحد أبرز عوامل تعميق الانقسامات في البلاد. تجاهل حقوق الشعب الكوردي، الذي يمثل جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني السوري، يُعد انتحاراً سياسياً لما تبقى من وحدة سوريا. إن الإصرار على السياسات الإقصائية ضد الكورد أو أي مكون آخر لن يؤدي إلا إلى تفكك أكبر، ويمهد الطريق لصراعات داخلية طويلة الأمد لا تخدم سوى مصالح القوى الخارجية.
ولهذا السبب، فإن الحل يبدأ بإخراج كافة القوات الخارجية من سوريا، ليعود القرار السوري إلى أصحابه الحقيقيين، الشعب السوري. لا يمكن لأي قوة خارجية أن تفرض مستقبل سوريا. فالقرار يجب أن يكون سورياً- سورياً، يستند إلى حوار شامل يعيد بناء الثقة بين مكونات المجتمع على أسس التعددية والمساواة والعدالة.
على المجتمع الدولي أن يدرك أن استمرار الوضع الحالي يعني مزيداً من المعاناة، ليس فقط للسوريين، بل للعالم بأسره. المطلوب اليوم هو مقاربة جديدة تدعم الحلول السياسية الشاملة التي تحترم سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتحويل سوريا إلى دولة الفيدرالية، وتضع حداً للتدخلات الخارجية التي تزيد من تعقيد المشهد وتغذي الصراعات.
إن سوريا ليست مجرد ساحة نزاع، بل وطن لشعب أنهكته الحرب والمآسي. لا بد أن يُمنح فرصة حقيقية للسلام والعيش بكرامة، في دولة تحتضن جميع أبنائها دون استثناء، وتحترم حقوقهم وهويتهم، لتكون نموذجاً للوحدة في التنوع، بدلاً من ساحة صراعات لا تنتهي.