ثورة مير محمد باشا روندوزي, سوران عام 1834

بقلم: د. عدنان بوزان

الأمير محمد الرواندزي (1775م - 1836) كان واحداً من أمراء الإمارة السورانية، وهي كيان سياسي نشأ في القرن الثاني عشر الميلادي. تسلم الأمير محمد الرواندزي السلطة في الإمارة حوالي عام 1813. فور توليه الحكم، بدأ في محاربة خصومه وتعزيز البنية التحتية للعاصمة الإمارة، مدينة رواندز. كانت أهدافه الرئيسية توحيد القبائل الكوردية وتعزيز السيطرة على المنطقة.

قاد الأمير محمد الرواندزي حملات militaries واسعة النطاق، حيث خضع قبائل متعددة مثل شيروان وبرادوست وسورجي ودزه يى وخوشناو وبلباس ومامش. كما استولى على إمارة بادينان واقتطع أجزاءً من إمارتي بابان وبوتان. نجح في توسيع سلطته لتشمل منطقة واسعة تمتد من سنجار غرباً إلى القرى الكوردية في أذربيجان الإيرانية شرقاً، ومن حصن كيفا شمالاً إلى نهاية الأراضي التابعة لمدن مخمور والكوير وألتن كوبري جنوباً.

أصبح الأمير محمد الرواندزي شخصية سياسية بارزة في كوردستان آنذاك، وفقاً لما ورد في قول مارك سايكس: "سيد البلدان الواقعة بين الحدود الشرقية للدولة العثمانية والموصل في بداية القرن التاسع عشر".

تجسد نضال الأمير محمد الرواندزي في المقاومة ضد الدولة العثمانية والصفوي الإيراني، مما أثار الرعب في صفوفهم. بدأوا في التشويه والتشويه لسمعته وتنظيماته، ودعوا إلى محاصرته. في نهاية المطاف، نجحت القوات المشتركة للدولتين في هزيمته في عام 1836، مما أدي إلى انهيار نفوذه ونهاية حكمه.

نهاية حكم الأمير محمد الرواندزي جاءت نتيجة للجهود المكثفة التي قامت بها الدولتان العثمانية والإيرانية. تكتيكات الحملة ضد الأمير شملت حملات عسكرية وحصاراً اقتصادياً، حيث استخدمت القوات الموحدة للدولتين كافة وسائلها للقضاء على القائد الكوردي.

تم تشويه سمعة الأمير محمد الرواندزي وحملاته من قبل السلطات العثمانية والإيرانية، وذلك بهدف تبرير حملتهم ضده. قد تم استغلال أي غموض أو نقاط ضعف في إدارته أو في سجله الشخصي لتبرير العمليات العسكرية ضده.

بعد مواجهات متعددة وصراعات، نجحت الدولتين في هزيمة الأمير محمد الرواندزي في عام 1836. كانت هذه النهاية نتيجة لتفوق القوات المشتركة في القتال والحصار، وقد أدي ذلك إلى انكسار نفوذه وسقوط إمارته.

نهاية حكم الأمير محمد الرواندزي لها أثرها على المشهد السياسي في المنطقة، حيث تغيرت ديناميات السلطة والتوازنات السياسية. رغم انكساره، فإن تأثير الأمير محمد الرواندزي لا يمكن إنكاره، حيث كان له دور كبير في تاريخ كوردستان في تلك الفترة وفي المقاومة ضد السلطات العثمانية والإيرانية.

الألقاب التي حملها الأمير محمد الرواندزي تعكس الشرف والسلطة التي كان يحظى بها في إمارته وأيضاً تأثيره الكبير على الساحة السياسية في المنطقة. إليكم تفاصيلً عن بعض الألقاب التي كان يتمتع بها:

1- میری گـه وره (الأمير الكبير): هذا اللقب يعبر عن رفاهيته وأهميته كزعيم كبير في إمارته. كان يعبّر عن احترامه وتقدير الناس له.

2- محمد پاشاي رواندزي (محمد باشا الرواندزي): يشير إلى رتبته العسكرية والإدارية. كان اللقب "پاشا" يستخدم للإشارة إلى رتبة عسكرية عالية، وكان يتمتع بهذا اللقب بناءً على تفوقه في المجال العسكري والإداري.

3- ميري كۆره (الأمير الأعور): هذا اللقب قد يكون مجرد وصف لحالته الصحية، ولكن قد يكون له أيضاً معانٍ رمزية أو تاريخية.

4- پاشاي گـه وره (الملك الكبير أو الملك المعظم): يشير هذا اللقب إلى السلطة والعظمة. كانت هذه الكلمات تعكس الاحترام الكبير الذي كان يحظى به في إمارته.

5- الأمير المنصور: يُظهر هذا اللقب أنه كان يعتبر محارباً ناجحاً ومنصوراً في معاركه ومواجهاته.

6- مير ميران (أمير الأمراء): هذا اللقب الذي منحه له السلطان محمود الثاني يعكس التقدير والتميز الذي كان يحظى به في العيون الرسمية. كان يعني أنه كان يعتبر رائداً بين أمراء كوردستان.

تعكس هذه الألقاب تأثير الأمير محمد الرواندزي ودوره الكبير في تاريخ المنطقة، وكيف كان يُعتبر قائداً وزعيماً بارزاً في عصره.

بعض جوانب شخصية الأمير محمد الرواندزي:

الأمير محمد الرواندزي يظهر كشخصية متعددة الأوجه، حيث تجتمع في شخصيته مزيج من القيادة الحكيمة والتعليم الرفيع والاهتمام بشؤون رعاياه.

ولد الأمير محمد الرواندزي سنة 1775 في مدينة رواندز، وتم تنصيبه أميراً على إمارة سوران عام 1813م. ولغرض الوقوف على العوامل التي أسهمت في تكوين شخصية الأمير محمد والبيئة التي تربى وعاش فيها والمنابع الأولى لثقافته، لابد من الحديث عن نشأة الأمير ولو بإيجاز شديد، كان الأمير مصطفى حاكم أمارة سوران (والد الأمير محمد) هو أول من لاحظ إمارات النبوغ والذكاء على ابنه والمواهب الفطرية التي يتمتع بها منذ أن كان صبيا" يافعا", فأحاطه برعاية خاصة وعهد بتربيته وتعليمه إلى أساتذة خصوصيين من خبرة علماء كوردستان وفي مقدمتهم العالم المشهور الملا احمد الملا آدم الديليذة يي الذي استقدمه مصطفى بك من منطقة بالة كان واسكنه في رواندز وبنى له مدرسة ومسجدا" كانت آثارهما باقية إلى عهد قريب، وقد اعتنى هذا العالم الجليل بتعليم الأمير محمد العلوم الإسلامية واللغات الكوردية والفارسية والعربية، وبعد أن أنهى الأمير الشاب تحصيله العلمي بتفوق نصبه أبوه حاكماً على قرى (دولي گه وران، جولة ميرگ، دولي هه روتيان، سة رجيا) فكان يقضي أيامه في تلك القرى مهتما بشؤون رعاياه. وقد عرف الأمير محمد منذ شبابه برجاحة العقل وحسن التدبير والحزم وقوة الإرادة.

إليكم بعض الجوانب المميزة لشخصية الأمير محمد الرواندزي:

1- نشأته وتربيته:

وُلد الأمير محمد في مدينة رواندز في عام 1775، وكان والده الحاكم مصطفى يلاحظ قدراته وذكائه الفطري. تم تكليف أساتذة خصوصيين ذوي خبرة في علوم كوردستان لتعليمه، ومن بينهم الملا أحمد الملا آدم الديليذة، الذي قام بتوجيهه وتعليمه.

2- تعدد المواهب واللغات:

قام الملا أحمد الملا آدم بتعليم الأمير محمد الرواندزي العلوم الإسلامية واللغات الكوردية والفارسية والعربية. كان الأمير يظهر تفوقاً في تحصيله العلمي وتعدد المواهب، مما أعد الطريق لتألقه اللاحق في الحكم.

3- قيادة حكيمة:

بعد استكمال تحصيله العلمي، تولى الأمير محمد الرواندزي حكم إمارة سوران في عام 1813. كان لديه رؤية حكيمة وحسن تدبير في إدارة شؤون إمارته. وكان يشيد بقوة الإرادة والقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة.

4- اهتمام بشؤون الرعايا:

يبرز اهتمام الأمير محمد بشؤون رعاياه، حيث كان يقضي أيامه في القرى التابعة لإمارته، معززاً التواصل الفعّال مع السكان. كان يعكف على حل مشاكلهم وتلبية احتياجاتهم، مما جعله شخصية محبوبة بين الناس.

5- رجاحة العقل والحزم:

يُذكر الأمير محمد الرواندزي برجاحة عقله وحسن تدبيره، كما كان يتمتع بقوة الإرادة والحزم في اتخاذ القرارات. كان يظهر تفوقاً في المجالات الحربية والإدارية.

كان الأمير محمد الرواندزي شخصية قوية وحكيمة، تجمع بين التعليم الرفيع والرعاية الفعّالة للرعايا، مما جعله قائداً بارزاً في تاريخ كوردستان في عصره.

كان لمصطفى بك خمسة أخوة هم: تمرخان الذي كان يدير (هاوديان) ويحيى بك الذي كان يتولى الحكم في (سيدة كان) وبايز بك الذي كان يدير شؤون (باثشتيان) وحسن بك واحمد بك اللذان كانا مرافقين لأخيهما الأكبر مصطفى بك، وكان هؤلاء الخمسة يثيرون مشاكل وأزمات لا نهاية لها بتمرداتهم ودسائسهم حتى ضاق صدر الأمير مصطفى بك بهم وبتصرفاتهم الرعناء، خاصة بعد أن وهنت قواه وأدركه التعب والإرهاق ونال منه المرض وضعف بصره حتى أوشك على العمى،

وحين أراد الأمير مصطفى بك التخلي عن الحكم والاعتزال بنفسه لم يجد أحداً«جديراً» باستلام السلطة من بعده سوى ابنه الأكبر محمد، وكان من السهل على الأمير الشاب استلام السلطة بشكل تقليدي كما جرت العادة، ولكنه لم يكن أميراً«عادياً» من الذين يتوارثون الحكم أبا«عن جد، بل كان أميراً» متميزاً«ولديه أهداف كبيرة وواضحة وطموحات جريئة بعيدة المدى يريد تحقيقها، هي أهداف وطموحات الشعب الكوردي في الحرية والعدالة والمساواة والتقدم، لم يكن يريد السلطة لنفسه، بل لإنشاء إمارة كبيرة قوية ومزدهرة، لذا فقد حدد عدة شروط لاستلام الحكم، وبعد أخذ ورد بينه وبين والده مصطفى بك دام أكثر من عام، قبل الأخير بشروط أبنه وتنازل عن الحكم وسكن بعيداً» عن رواندز وتعهد بعدم التدخل في شؤون الحكم.

في الفترة التاريخية التي شهدت نهاية حكم الأمير مصطفى بك وبداية فترة حكم ابنه الأكبر محمد، كانت الأوضاع في إمارة سوران تعيش حالة من الاضطرابات والتحديات نتيجة لتمرد ودسائس أخوة الأمير، الذين كانوا يشكلون عبئاً على الإمارة بسبب تصرفاتهم الرعناء والتمردية.

الأخوة الخمسة، تمرخان ويحيى بك وبايز بك وحسن بك وأحمد بك، كانوا يتسببون في إثارة الفوضى والأزمات المستمرة بتمرداتهم ومؤامراتهم. وكانوا يتسببون في تقويض سلطة الأمير مصطفى بك وإشعال فتيل الصراعات داخل الإمارة.

مع تقدم الأمير مصطفى بك في العمر وتأثره بالتعب والإرهاق وضعف بصره، زادت المشاكل والضغوط على كاهله. وعندما وصلت الأمور إلى حد الاستحالة، قرر الأمير مصطفى بك التخلي عن الحكم والاعتزال، ولكن وجد نفسه في موقف صعب حيث لم يكن هناك من يعتبر "جديراً" بتولي المسؤولية بعد رحيله.

كان الأمير الشاب محمد، ابن الأمير مصطفى بك، هو الشخص الذي قرر الأمير مصطفى بك تسليم الحكم له. وبالرغم من أن استلام الحكم كان يمكن أن يكون عملية تقليدية، إلا أن الأمير محمد كان يتمتع بصفات تميزت بالطموح والرؤية الواضحة.

لم يكن الهدف من السلطة هو لصالح الأمير محمد بشكل فردي، ولكن كان يتمنى بناء إمارة قوية ومزدهرة تحقق تطلعات الشعب الكوردي في الحرية والعدالة والمساواة. كان لديه رؤية طويلة المدى وسعى إلى تحقيق أهداف كبيرة تخدم الجماعة.

تم تحديد عدة شروط لتسليم الحكم، وبعد مفاوضات طويلة بين الأمير مصطفى بك وابنه محمد، قبل الأخير بالشروط المطروحة وتمت إقامة الانتقال السلمي للحكم، حيث انعقدت بداية فترة حكم الأمير محمد باعتباره الأمير الجديد لإمارة سوران.

الواقعة التي ترويها مذكرات الدكتور روس تكشف عن جانب مهم ومثير للدهشة من شخصية الأمير محمد الرواندزي، وهو انفتاحه على العالم الخارجي واهتمامه الجاد بتطوير التربية والتعليم في إمارة سوران.

تجلى هذا الاهتمام عندما استدعى الأمير محمد الدكتور روس، طبيب القنصلية الإنجليزية في بغداد، لمعالجة والده المريض. بعد أداء المهمة الطبية، جلس الدكتور روس مع الأمير في المساء وبدأوا بالحديث حول مواضيع مختلفة. كانت دهشة الدكتور روس كبيرة عندما سأله الأمير محمد عن حالة التربية والتعليم في إنجلترا.

هذا السؤال يظهر انفتاح الأمير على آفاق العلم والتعليم في العالم الغربي، وكذلك يشير إلى تفهمه لأهمية التعليم وتطوير المعرفة في إمارته. وفي السياق الثقافي لتلك الفترة، حيث كانت بعض الأمراء والزعماء يجهلون القراءة والكتابة، كانت هذه السمة منفردة ونادرة.

قد يكون هذا الاهتمام بالتعليم جزءاً من رؤية الأمير محمد لتحقيق التقدم والرفاهية في إمارته. رغم التحديات التي كانت تواجه المنطقة في تلك الفترة، إلا أن الأمير كان يدرك أهمية العلم والتعليم في بناء مستقبل قوي ومزدهر لشعبه وإمارته.

تظهر المذكرات والروايات التي تتحدث عن الفترة التي حكم فيها الأمير محمد الرواندزي في إمارة سوران، مدى استقرار واستمرارية الحياة الاقتصادية والاجتماعية في تلك الفترة. يبدو أن الأمير كان قويّاً ليس فقط في التصدي للتحديات الأمنية والعسكرية بل أيضاً في بناء نظام إداري قائم على القانون والعدل.

1- تأمين الأمان:

تمثلت قطع السراق وقطاع الطرق في إحدى الإجراءات الفعّالة التي اتخذها الأمير محمد لضمان أمان إمارة سوران. بفضل هذه الإجراءات، غابت الأعمال الإجرامية والاضطرابات في المنطقة، مما ساهم في جعلها مأمونة ومستقرة.

2- سيادة القانون والعدل:

يظهر من السجلات التاريخية أن إمارة سوران كانت تتميز بسيادة القانون والعدل. قام الأمير محمد بتشكيل مجلس استشاري يتألف من أفراد ذوي خبرة واختصاص، وهم أرباب حرف وصنائع. هذا التشكيل يعكس اعتماد الأمير على الخبرات المتنوعة في إدارة شؤون الإمارة.

3- التفاعل مع الخبراء:

يتضح من تكوين مجلس الاستشارة أن الأمير كان يدرك أهمية التفاعل مع الخبراء في مجالات متعددة. استخدم معظم أعضاء المجلس مهاراتهم وخبراتهم في الحرف والصنائع للمساهمة في إدارة الأمور الإدارية واتخاذ القرارات الهامة.

4- التطوير الاقتصادي:

يشير اهتمام الأمير بتطوير التربية والتعليم إلى رغبته في تحقيق التقدم الشامل. فقد كان يتساءل حول حالة التربية في إنجلترا، مما يعكس رغبته في استلهام أفضل الممارسات من العالم الخارجي لتحسين أوضاع إمارته.

باختصار، يظهر من خلال هذه الوقائع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية أن إمارة سوران كانت تتمتع بفترة من الاستقرار والازدهار تحت حكم الأمير محمد الرواندزي، وأنه كان لديه رؤية شاملة لتحقيق التطور في مختلف جوانب الحياة في إمارته.

القوة العسكرية:

كان الأمير محمد الرواندزي واعياً تماماً لأهمية بناء البنية التحتية العسكرية لتعزيز قوته العسكرية وضمان استقرار إمارة سوران تحت حكمه. قام بتشييد العديد من الحصون والقلاع التي كانت تلعب دوراً حيوياً في تأمين الإمارة وحمايتها من التحديات الخارجية.

من بين الحصون الشهيرة التي شيدت خلال حكم الأمير محمد:

1- سيدكان: تعد هذه الحصن أحد البنية الدفاعية التي أقيمت لتأمين المنطقة وحمايتها من الهجمات الخارجية.

2- شیروانیان: يُعد هذا الحصن جزءاً من إستراتيجية الأمير لتحصين المناطق الحدودية وتعزيز الأمان.

3- عقره: تشير بقايا هذا الحصن إلى دوره الهام في الحفاظ على أمان المنطقة وتصديه لأي تهديدات.

4- رواندز: قلعة رواندز لعبت دوراً أساسياً في تأمين العاصمة وجعلها محطة محصنة.

5- درا: يُعد هذا الحصن جزءاً من النظام الدفاعي الذي بناه الأمير لتحصين المناطق الحدودية.

بجانب الحصون، قام الأمير ببناء جسور إستراتيجية، منها جسر برسيرين، الذي كان له أهمية كبيرة في ربط المناطق المختلفة وتيسير حركة القوات والتجارة.

يُظهر هذا الاهتمام الكبير بالبنية التحتية العسكرية والدفاعية قوة الإمارة واستعدادها للتصدي لأي تحديات قد تواجهها. كما يبرز الأمان والاستقرار الذي حققته إمارة سوران في ظل حكم الأمير محمد.

بالإضافة إلى بناء الحصون والقلاع، أظهرت السجلات التاريخية أن الأمير محمد الرواندزي كان لديه اهتمام كبير بتطوير القدرات العسكرية الشاملة لإمارته. من خلال بناء البنية التحتية وتعزيز القوات العسكرية، كان يهدف إلى جعل إمارة سوران قوية ومنيعة أمام التحديات المحتملة.

يشير بناء الجسور الإستراتيجية إلى التفكير الاستراتيجي في ربط المناطق المختلفة وتسهيل حركة الجيش والتجارة. جسر برسيرين، على سبيل المثال، كان له أثر كبير في تحقيق التواصل الفعال بين المناطق، مما سهل التنقل وتحسين التواصل الاستراتيجي.

من الجدير بالذكر أن هذه الجهود العسكرية لم تكن محدودة فقط في مجال الدفاع والتحصين، بل تمتد أيضاً إلى تطوير التعليم والثقافة. كما هو واضح من سؤال الأمير حول حالة التعليم في إنجلترا، كان لديه رغبة في جلب أفضل الممارسات من الخارج لتحسين قطاع التعليم في إمارته.

في النهاية، يبرز توازن الأمير محمد بين تعزيز البُنية العسكرية وتطوير القدرات الثقافية والتعليمية، مما ساهم في جعل إمارة سوران مركزاً شاملاً للقوة والتقدم في الفترة التي حكم فيها.

دو کنگر را نهادم بردو پیکر رواندز شد روين دزبار دیکر" تترجم هذه العبارة إلى اللغة العربية بمعنى: "قام ببناء مرقبين على ميداني القتال، فأصبحت رواندز قلعة حصينة من جديد."

ويحتمل أن الأمير محمد قام أيضاً بتشييد المرقبين الآخرين (برجي المراقبة) في شرقي مدينة رواندزو المعروفين ب(قونگري شمام) ، لقد عملت هذه المنشأت الحصينة على حماية حمى الأمير وإدخال الرعب في قلوب منافسيه، وخاصة أمراء بابان الذين بنوا بدورهم الحصون والقلاع أيضاً.

" لم يهتم مير محمد ببناء القلاع فقط، وإنما أسست قوات عسكرية ضاربة، وتوجد بهذا الخصوص تقارير متنوعة ، فحسبما يذكر فریزر Fruiser ، " بلغت القوة الضارية للأمير (50000) رجل: «لقد بات مؤكداً بان له خمسين ألف رجل تحت إمرته»." يقول موکریانی بالاستناد إلى قصيدة (مليخا- مه ليخا) واستنطاق العديد من المسنين الكرده بأن «قوة جيش الأمير قد بلغت في سنة 1829 م حوالي خمسة عشر ألف جندي، منهم خمسة آلاف مقاتل في سلاح المشاة، وعشرة آلاف مقاتل من سلاح الفرسان»

ويقول الدكتور روس (Roos) الذي تفقد شخصياً جيش الأمير محمد سنة 1833 م، فلا يوجد هناك اختلاف كبير مع العدد الذي ذكره موكرياني «استنتج الدكتور روس (Roos) إن القوة العسكرية في المخيم هي في حدود عشرة آلاف رجل، وهي اقل من نصف الجيش النظامي، فقد أرسلت البقية إلى المنزل لحصاد المحصول،» وفي مكان آخر يذكر الدكتور روس «علم الدكتور بان الجيش يتألف من خمسة عشر إلى عشرين ألف رجل،

من الذين تعطلوا في المعسكر (أو المخيم)، فقد تم الاستيلاء على مدينة عقره قبل وقت قصير» وهذا الرقم قريب من الذي ذكره خيلاني في مذكراته «لمقتضى المتطلبات السياسية، رفع الأمير قوته العسكرية بعد عودته من بهدينان، وهذا يعني انه زاد عدد الجنود الذين يتقاضون الرواتب إلى خمسة الآف من الخيالة وعشرون ألفاً من المشاة» وهناك أيضاً معلومات أخرى حول قوة جيش الأمير فبموجب ما يذكره الدملوجي، بلغت قوة جيش الأمير محمد في سنة 1835م حينما هاجم منطقة الايزيديين (40000-50000) رجل " ويشبه سليمان الصائغ جيش الأمير محمد عند الهجوم على الايزيديين سنة 1829 م بالجراد وذلك نظراً لكثرة عددهم) ويخمن محمد فيدا في مقاله المقتضب حول الأمير محمد " القوة الإجمالية لجيش الأمير (المشاة والفرسان) بأربعة وعشرين ألف مقاتل. تقرير الدكتور روس أدق من غيره مقارنة بالتخمينات الأخرى لأن روس كان شاهد عيان رأي جيش الأمير في حالة الحرب رأي العين، أدنى قوة لجيش الأمير سنة 1833م كانت حوالي (20000) مقاتل، ثم ارتفع هذا العدد باستمرار لغاية عام 1836م (تاريخ سقوط الأمير محمد).

كان امتلاك أحد الأمراء لهذا العدد من المقاتلين يعتبر في حينه ذا أهمية بالغة ويحسب له حسابه ، إذ استطاع أن ينافس الجيش القاجاري والعثماني كذلك. ولكن القوة الضارية لجيش ما لا تعتمد على عدد الجنود فقط، بل على نوعية القيادة وعلى التنظيم والتسليح أيضاً.كانت القيادة الواقعية لجيش سوران في يد الأمير محمد نفسه، الذي برهن على قدرته العسكرية عبر سلسلة من الانتصارات ".

ويستنتج من ذلك أنه كانت لجيش سوران قيادة جيدة ، أما عن تنظيم تلك القوات العسكرية فيقول الدكتور روس «ليس المعسكر نفسه آية مظاهر التنظيم العسكري فالشيء الوحيد الذي كان منتظما كان سلسلة الخيم الصغيرة المحيطة بخيمة الباشا، والتي تضم حرسه الخاص وتعداده ثلاثة آلاف، هؤلاء يعملون أيضاً كخدم تحت إمرته، فالمشاة يحملون البنادق والخناجر، أما الفرسان فيحملون الرماح والخناجر» نرى في هذا التقرير، أن جيش الأمير محمد كان ينقسم إلى صنف المشاة والفرسان، ولم يؤيد موکریاني هذه المعلومات فحسب وإنما أضاف بهذا الخصوص ما يلي «كانت الأزياء العسكرية للعقداء والجنود، والمرافقين المنتمين إلى سلاح المشاة والفرسان مختلفة عن بعضها»

إن مثل هذا التصنيف إلى مشاة وفرسان یعنی تقدماً بالنسبة إلى النظام التقليدي لجيوش رؤساء العشائر التي افتقدت هذا التصنيف، وكذلك كان للانضباط الذي يذكره الدكتور روس ، أهمية بالغة لذلك الجيش «فلم يكن يسمع أي صوت، وكان باستطاعة كل شخص أن يكون في موضع معين خلال خمس دقائق»

كاولوكا وخلفها مدينة رواندز ولم يجند الأمير محمد في جيشه العشائر الكوردية فقط، بل إن مجموعة من عشائر الطي العربية ، وقد أدى مثل هذا التوزيع إلى نشوء الحقد القومي على الكورد الذين كان في أيديهم زمام قيادة الجيش والدولة، و لربما لم يكن أمام الأمير محمد خیار آخر غير هذا، ولكن وعلى كل حال كان الأمير يبذل جهده لتخفيف وتهدئة التوتر عن طريق تناوله الطعام العشاء في كل أمسية مع طائفة من أفراد إحدى القبائل وبالتناوب وذلك حسبما يذكر الدكتور روس .. وقد تمكن الأمير محمد بواسطة هذه الدبلوماسية البارعة من السيطرة على جيشه سيطرة تامة، إذ لا تجد رغم كل شيء في أي تقرير دلائل تشير إلى حدوث أي تمرد أو عصيان في جيشه.

من الواضح أن الأمير محمد في وضع تمكن فيه من صنع المدافع، فقد بنى الأمير سنة 1815م مصنعاً للأسلحة في حي كاولوكان برواندز وعين الأسطة رجب رئيساً وخان كلدي مساعداً له. فقد قام الأسطة رجب بصنع المدافع.

وفي عام 1817 صبت المدافع في مصانع رواندز وخرجت للاستعمال وكان عددها 222 مدفعاً من زنة قنطارين وأربعة وستة قناطير ثم ضربت مدافع أخرى في السنين التالية. ومازال مدفع الأسطة رجب في مدينة رواندز.

بالإضافة إلى مجموعة من الجوانب الهامة حول الأمير محمد الرواندزي وتحدياته وجهوده في تنظيم جيشه وتطوير الهيكلية العسكرية والإدارية في إمارة سوران. إليكم بعض النقاط المهمة:

1- تقدم التنظيم العسكري: يُظهر تقدماً ملحوظاً في تنظيم القوات العسكرية في إمارة سوران برؤية الأمير محمد. تم تقسيم القوات إلى فئتين، مشاة وفرسان، مما يعكس استيعاباً للتطورات العسكرية الحديثة وتقنيات القتال.

2- الانضباط والتنظيم: يشير إلى الانضباط العالي داخل الجيش، حيث لا يسمع أي صوت ويمكن لكل فرد أن يكون في موضعه المحدد خلال خمس دقائق. هذا يشير إلى تحقيق الأمير لمستوى عالٍ من التنظيم والإدارة العسكرية.

3- التوزيع الجغرافي للجيش: قام الأمير محمد بتجنيد أعضاء من عشائر الكورد وكذلك عشائر الطي العربية، مما أسهم في تنوع الجيش وتوحيد مكونات المجتمع. ومع ذلك، أشير إلى أن ذلك قد أثار حقداً قومياً ضد الكورد، الذين كانوا يتولون القيادة.

4- الدبلوماسية والتفاهم: استخدم الأمير محمد استراتيجيات دبلوماسية للتحكم في جيشه، حيث قام بتناوب تناول العشاء مع طائفة محددة من الأفراد من عشائر مختلفة، مما ساهم في تهدئة التوترات وتقديم رؤى للمجتمع حول وحدته.

5- صناعة المدافع: يُظهر النص جهود الأمير في تعزيز صناعة المدافع في إمارة سوران. بناء المصانع وتصنيع المدافع يعكس التحرك نحو الاعتماد على الصناعات الحربية المحلية.

6- استمرارية القيادة: يشير إلى استمرارية القيادة الفعّالة للأمير محمد، حيث تمكن من السيطرة الكاملة على جيشه دون وجود أي تمرد أو عصيان، مما يبرهن على الثقة والسلطة التي كان يتمتع بها.

بالإضافة، يظهر تفاني الأمير محمد في تطوير إمارته، سواء على الصعيدين العسكري والإداري، وتحقيق التوازن بين القوة العسكرية والدبلوماسية لضمان استقرار واستمرارية الحكم.

نهاية الأمارة السورانية ومقتل الأمير محمد الرواندزي:

في سياق تصاعد التوتر بين العثمانيين والأمير محمد الرواندزي، اتخذ العثمانيون إجراءات للتصدي له ولإضعاف نفوذه. بدأت هذه الجهود بعد اتفاقية كوتاهية وتصاعد الصراع بين العثمانيين والجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا.

وفي إطار هذا الصراع، قامت الدولة العثمانية بتكثيف جهودها لتوسيع نفوذها وتقوية السلطة المركزية. كانت الأمارات الكوردية المستقلة تمثل تحدياً لهذه الجهود، وكان الأمير محمد الرواندزي من بين الزعماء الكورد الذين كانوا يحاولون الحفاظ على استقلال إمارتهم.

مع توجيه العثمانيين لتركيزهم على توسيع الحكم المركزي وإضعاف الأمارات الكوردية، أصبحت إمارة سوران والأمير محمد الرواندزي تحت ضغط شديد. قاد العثمانيون حملات عسكرية للقضاء على الأمارات الكوردية المستقلة.

في النهاية، وفي سنة 1836، تم هزيمة الأمير محمد الرواندزي وقتله. قد تم استخدام القوة العسكرية الهائلة للدولة العثمانية لسحق المقاومة الكوردية وتوحيد السلطة العثمانية في تلك المنطقة.

هذه الفترة شهدت نهاية إمارة سوران وفقدان الكورد لبعض مناطقهم المستقلة. كما أظهرت هذه الأحداث التحديات التي واجهها الكورد في تلك الحقبة والضغوط الكبيرة التي تعرضوا لها من الدولة العثمانية.

لم يلبث أمير رواندز أن تعرض لخطر كبير من جانب العثمانيين، فقد تفرغ العثمانيون بعد اتفاقية كوتاهية (بين العثمانيين وإبراهيم باشا ابن محمد علي والي مصر) لتصفية الإمارات الكوردية تأمينا لظهر الجيش العثماني عندما تبدأ الجولة الثانية بينه وبين الجيش المصري في الشام، إن أعمال ومواقف الأمراء الكورد المستقلين كانت سبباً في اعتقادهم في إضعاف وانكسار القوات العثمانية أمام جیش محمد علي والي مصر. ومن جهة أخرى أن الدولة العثمانية في عهد السلطان محمود الثاني (1808- 1839) قامت بإعادة الحكم المباشر إلى الولايات، وتوسيع هذا الحكم، وتقوية السلطة المركزية، والقضاء على الأمارات الكوردية المستقلة.

والواقع أن التشنيع على أمير رواندز كان بسبب توسع إمارته وبخاصة من ديار کورد . فحسب لها العثمانيون خطرها، فأرسلوا أحد الصدور العظام من درجة سردار اکرم للقضاء عليه . وكانت الدولة العثمانية تنضر إلى توسع إمارة رواندز بعين ملؤها الخوف والقلق واعتبرت وجودها غائلة من أمهات الغوائل قام لها الترك وقعدوا .

ونظمت قوة عثمانية في سنة 1833 م بقيادة والي سيواس رشيد باشا (الصدر الأعظم السابق لهذا الغرض)، وفي صيف 1834م بدأت القوات العثمانية مهاجمة الأقاليم الكوردية في الشمال . وحاول رشيد باشا قبل أن يصل إلى عدوه الأكبر الأمير محمد الرواندزي تصفية حسابه مع الرؤساء الكورد الذين لم يريدوا الانحياز إليه، فضرب الكورد منطقة (سعرت) وهاجم إقليم الجزيرة (بوتان)، ثم وصل إلى العمادية وقد تراجع العثمانيون أمام العمادية أكثر من مرة، ثم هاجموا عقره التي قاومت ثلاثة أشهر .

وبعد سقوط عقره دخلت أطراف أخرى في المسألة مثل بریطانیا وروسیا، فزود الروس الإيرانيين بالسلاح والذخيرة، وحاول البريطانيون التقريب بين الإيرانيين (اللذين ابدوا الرغبة في التعاون) وبين العثمانيين لمقاومة الأمير محمد والقضاء عليه . ولما فشل البريطانيون في هذا المسعى تدخلوا مباشرة لدى الأمير السوراني لإقناعه بالاستسلام للقوات البريطانية على أمل أن تسعى السفارة البريطانية في الأستانة لدى الباب العالي لاستصدار العفو عنه وإعادته إلى إمارته ليحكمها مرة أخرى .

وذكر المؤرخون أسباباً عديدة أخرى اضطرت الأمير محمد إلى الاستسلام إلى رشيد باشا . وفي صيف 1836 نجحت قوات قوامها عشرة آلاف جندي من ضمنها خمسة ألوية مشاة في جنوب أذربيجان للإغارة على رواندز. وكان الضغط يزداد من الغرب على محمد باشا من قبل الجيوش العثمانية بقيادة رشيد باشا .

وأغلق الأمير محمد نفسه في رواندز بأمل أن يصمد في هذا الموقع الحصين بوجه الغارات العثمانية والإيرانية ووضع العثمانيون خطتهم على أساس أن يزحف كل من علي رضا (والي بغداد) وبيرقدار (والي الموصل) ورشيد باشا كل على رأس قواته في الهجوم من ثلاث شعب على الأمارة السورانية وبدأت القوات العثمانية تتحرك من قواعدها صوب الأمارة .

واستعد الأمير محمد للمقاومة وحصن جميع الطرق المؤدية إلى رواندز وكان يتوقع أن المعركة ستقع في سهل حرير . وسار جيش مؤلف من أربعين ألف من الكورد بقيادة أخيه احمد بك لمواجهة العثمانيين، وكان من نتيجة ذلك أن اضطر العثمانيون إلى التقهقر.

ولجأ رشيد باشا إلى الحيلة مستغلاً تدين الأمير فأرسل له رسالة منه فيها بأن لا يكون سبباً في إراقة دماء المسلمين وقال: بأن العصيان في وجه السلطان جريمة وكفر . رفض الأمير محمد الاقتراحات الداعية إلى التفاهم، وعند ذلك التجأ العثمانيون إلى الحيلة مرة أخرى، ونادوا بأن كل شخص يقف في وجه السلطان يبوء بغضب الله .

وأصدر ملا الخطي أحد علماء الدين في رواندز فتوى بهذا المعنى: (إن كل من يحارب جيش الخليفة هو کافر، وان زوجته منه طالق) وقد أثر هذا بدرجة أن ألقى جنود الأمير محمد السلاح، ونتيجة لذلك فتحت کثير من الطرق إلى رواندز، وقد قام الأمير محمد الذي حصن نفسه في رواندز فترة من الزمن، ولكن بعد نفاذ الماء والمؤن اضطر في آب 1836 أن يسلم نفسه .

وفي 3 أيلول 1836 أرسل الأمير محمد مخفورا إلى إسطنبول، ثم سمح له السلطان بالعودة إلى كوردستان ولكنه قرر سراً التخلص من هذا الحاكم الخطير الواسع النفوذ، فقتل الأمير محمد في طريق عودته في مدينة طرابزون.

وهناك العديد من الروايات تتحدث عن مقتل الأمير محمد الرواندزي إحدى هذه الروايات تذكر أن الأمير محمد استسلم للقائد العثماني قبل الفجر بصحبة الملا محمد الخطي بعد أن عهد بالأمارة لأخيه الأمير أحمد، وأظهر رشيد باشا عظيم امتنانه للملا الخطي ووعده بعودة الأمير محمد سالماً إلى رواندز، وأخذ رشيد باشا بنظر الاعتبار شهرة الأمير محمد وعامله باحترام، وبأمر من السلطان أرسله إلى إسطنبول حيث استقبله السلطان محمود الثاني باحترام وسمح له بالرجوع إلى كوردستان، لكنه قرر التخلص منه بطريقة دنيئة بإصدار أوامره إلى ولاة الطريق بقتله .

وبينما كان الأمير في طريقه إلى رواندز، فاجأه التتر ـ حامل البريد السلطاني ـ يحمل البراءة في قتله إلى والي سيواس فاعدم الحياة عام 1838 وبطريقة جلد الرقبة بالسيف على الأكثر، وبصورة سرية وأخفيت جثته عن الأنظار، وشاهد مرافقوه في اليوم التالي فروته الثمينة وبنطلونه وعمامته في أيدي الدلالين في السوق فغادروا مسرعين إلى كوردستان..ولا أحد يعرف قبره وأين يرقد ومازال هذا الأمر مجهولاً إلى الآن .. مهما يكن فأن الأمير اغتيل بعيداً عن الوطن .

وبعد هذه الأحداث ذهب بعضاً من رجال الدين والمتدينين من الكورد يبرون بوسيلة أو بأخرى ساحة الملا محمد الخطي، أما الكتاب والمؤرخون والمهتمون بالتاريخ من رجال الدين وغيرهم في مقدمتهم كيو المكرياني وحسين حزني مكرياني وغيرهم فيعدونه الطرف الرئيس في إسقاط الإمارة السورانية وكتب بعض المؤرخين أن اتهام الخطي بالخيانة جاء أول مرة من الموكرياني الذي سبق الجميع في هذا الباب . خلف الأمير محمد في الحكم أخوه رسول باشا ، وكان رسول باشا هو آخر حكام رواندز من الأمراء السورانين وخلصت المدينة من بعده للعثمانيين تماماً،

وفي مايو 13/ 5/ 1916 احتل الروس رواندز وأنزلوا بها الدماء ولكن القبائل الكوردية تصدت لهم، وبعد شهرين أو ثلاثة انسحب الروس وذلك بعد سقوط مدينة الكوت بيد العثمانيين ، وفي تشرين الثاني 1918 احتل البريطانيون رواندز.

بعد هزيمة الأمير محمد الرواندزي واندماج إمارة سوران في نطاق الدولة العثمانية، شهدت المنطقة تغييرات كبيرة. بدأت السلطة العثمانية في فرض سيطرتها بشكل أكبر على المنطقة، وتم توحيدها تحت إدارتها المركزية.

فيما بعد، وخلال فترة الحرب العالمية الأولى، شهدت المنطقة تغييرات إضافية. حين احتلت القوات الروسية مدينة رواندز في مايو 1916، وقامت بإراقة الدماء في المدينة. ومع تصدي القبائل الكوردية للروس، انسحبوا بعد فترة وتركوا المدينة.

ثم احتلت العثمانيين المنطقة مرة أخرى بعد سقوط مدينة الكوت بيد العثمانيين. بعد ذلك، في عام 1918، قامت القوات البريطانية بالاحتلال النهائي لمدينة رواندز. بهذا الشكل، انتهت الفترة التاريخية لإمارة سوران وسط تداول السلطة بين الدول الإقليمية والعالمية في سياق الأحداث الكبيرة التي شهدتها المنطقة في تلك الفترة.

في الختام، لفهم سياق انتهاء إمارة سوران وحكم الأمير محمد الرواندزي، يجب أخذ العديد من العوامل في الاعتبار، بما في ذلك الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة في تلك الفترة.

الجهل الكوردي وارتباطهم بالدين الإسلامي كانا عناصر مؤثرة في تشكيل السياق الثقافي والاجتماعي في المنطقة. قد يكون الجهل بعوامل التنمية والحكم الفعال قد ساهم في عدم استفادة الأمير محمد الرواندزي وشعبه من الفرص المتاحة لتطوير الإمارة وتعزيز القدرة الاقتصادية والعسكرية.

تاريخياً، كانت هناك تحولات في الهياكل السياسية والتوازنات القوى في المنطقة. وفي تلك الفترة، تعرضت الإمارات الكوردية المستقلة لتحديات من الدول المجاورة والقوى الكبرى، مما قد يكون له تأثير كبير على استمرارية الحكم المحلي.

بشكل عام، يمكن أن يكون انتهاء إمارة سوران وحكم الأمير محمد الرواندزي نتيجة لتداخل عدة عوامل، بما في ذلك التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية، وربما لعدم تحقيق التوازن الصحيح بين التقاليد الدينية واحتياجات التطور والتقدم في تلك الفترة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

1. Yehia, Abdul Fattah Ali. "Stories about the Great Pasha in Establishing Order and Security in the Soran Emirate." Caravan Magazine, No. 91, 1990, p. 108. 2. Silahshur, Fakhri Shams al-Din (translated by Fakhri Shams al-Din Silahshur). "The Kurdish Prince - Mir Muhammad al-Rawandzi, Known as Miri Kore." Dar Aras for Printing and Publishing, 2nd edition, 2003, p. 57. 3. Nourouz, Javad Saleh. "A Star Shining on the Genius of Reform." Pages 254, 210, 2018. 4. Yehia, Abdul Fattah Ali. "The Ottoman Attack on Kurdistan and the Fall of the Soran Emirate." Caravan Magazine, No. 54, 1987, p. 135. 5. Nourouz, Javad Saleh. "A Star Shining on the Genius of Reform." Pages 209-210, 2018. 6. Hoshiar, Joudat. "A Bright Page from the History of Industry in Kurdistan - The Rule of the Prince and the Genius of the Manufacturer." Link to the archived page, November 16, 2020. 7. Silahshur, Fakhri Shams al-Din (translated by Fakhri Shams al-Din Silahshur). "The Kurdish Prince - Mir Muhammad al-Rawandzi, Known as Miri Kore." Dar Aras for Printing and Publishing, 2nd edition, 2003, p. 71. 8. Ismael, Zubair Bilal. "Erbil in its Historical Roles." Najaf, Al-Nu'man Press, p. 311, 1971. 9. Ismael, Zubair Bilal. "History of Erbil." Erbil, Ministry of Culture Press, p. 182, 1999. 10. Yehia, Abdul Fattah Ali. "The Ottoman Attack on Kurdistan and the Fall of the Soran Emirate." Caravan Magazine, No. 52, p. 142, 1987. 11. "Mir Muhammad Rawandzi" (in American English). Archived from the original on December 2, 2022. Retrieved July 12, 2023. 12. Yehia, Abdul Fattah Ali. "The Ottoman Attack on Kurdistan and the Fall of the Soran Emirate." Caravan Magazine, No. 54, p. 142, p. 135, 1987. 13. Mohammad, Masoud. "In Praise of Hajj at the Threshold of the Scholar." Caravan Magazine, No. 72, February 1989, p. 41. 14. Nourouz, Javad Saleh. "A Star Shining on the Genius of Reform." Page 41.2018

X

تحذير

لا يمكن النسخ!