بقلم: د. عدنان بوزان
لميس ...
يا سنديانةَ عمري التي تُجابهُ الرياحَ العاتية
جذورُكِ تضربُ عميقاً في صخرِ الروح
وأغصانُكِ تُعانقُ الغيمَ العالي
كأنكِ وصيّةُ الأرضِ للسماء
وكأنكِ النداءُ الذي لا ينكسر.
لميس ...
يا زيتونةً عفرينيّةً خضراء
أوراقُكِ أملٌ لا يشيخ
تقاومينَ الموتَ والطغاة
كأنكِ آخرُ صلاةٍ للأرض
وأولُ نشيدٍ للحرية.
لميس ...
يا نخلةً باسقةً في صحراءٍ عطشى
تتحدينَ بردَ الشتاءِ ولهيبَ القيظ
وتثمرينَ حباً فوقَ الرماد
وتبسطينَ ظلالكِ على المتعبين
كأنكِ نبوءةُ الصبرِ التي لا تخون.
لميس ...
يا كوبانيةَ الروح
حين تمشينَ فوقَ ركامِ المدن
تُضيئينَ الدربَ بضحكةٍ من بقايا الحلم
وتُعيدينَ للبحرِ ملوحتَهُ الأولى
وللسماءِ زرقتها الطفولية.
أقرأكِ ميلادَ عشتارَ أربيل
نوراً يخرجُ من رحمِ الأسطورة
قصيدةً لا تنتهي
أغنيةً علّمتِ العصافيرَ كيف ترفضُ الأقفاص
وأورثتِ الجبالَ معنى الكبرياء.
لميس ...
يا زهرةً نبتتْ من صخورِ القلعة
تحرسينَ الذاكرةَ من النسيان
وتزرعينَ في كلِّ حجرٍ قصيدة
كأنكِ الوعدُ القديمُ الذي لم يمت
وكأنكِ النهارُ الذي لا يطفئهُ ليل.
لميس ...
أنتِ الماءُ حين يجفُّ الحقل
وأنتِ الخبزُ حين يطولُ الجوع
أنتِ القصيدةُ التي تُعلّمني
أن العشقَ مقاومة
وأن الصبرَ جناحٌ
يحملُنا فوقَ الخراب.
لميس ...
يا شجرَ الزيتون، يا النخيل، يا السنديان
يا وجعَ الأرضِ وشفاءها
يا لغةَ الفجرِ حين يولدُ من رحمِ الليل
يا امتدادَ الحلمِ من عفرينَ إلى كوباني
ومن جبالِ أربيل إلى صحراءِ الفرات.
أكتبكِ كما يكتبُ المطرُ وصيّتَهُ للأرض
وأكتبكِ كما تكتبُ الريحُ نشيدها للأشجار
وأكتبكِ كما يكتبُ الشاعرُ اسمهُ
على صخرةٍ تأبى أن تُهزم.
لميس ...
أنتِ قصيدةُ العمر
وأغنيةُ المقاومة
وأنتِ الوطنُ حين ينهضُ من رمادِه
ليقولَ للطغاة:
هنا أرضي
هنا حياتي
وهنا الحبُّ الذي لا يُهزم.