يا ليلُ، قد هاجَ شوقي
بقلم: د. عدنان بوزان
يا ليلُ، كم هاجَ شوقي في حضنِ ألمي، كم اندلعت نيران الحنين داخل صدري اليتيم! أنا هاهنا، وحيدٌ بين جدران الليل الساكنة، وحيدٌ كالنجم الضائع في سماء مظلمة، يبحث عن ملاذ ودفء.
أعلمُ أن الحياة تحمل في جنباتها لحظاتٍ جميلة وأخرى مريرة، لكنني، يا ليل، أجد نفسي ملتصقاً بالظلام كالرماد المتطاير في عتمة الليل. تتساقطُ قطراتُ المطر على نافذتي بحسرة، كأنها دموعُ السماء التي تشاركني في حزني ووحدتي.
أتأملُ النجوم في سماءك اللا متناهية، وأتساءلُ عن مصيري في هذا الكون الواسع. هل سأجد طريقي إلى السعادة المفقودة، أم سأظل متشبثاً بأملٍ بائس يتلاشى كلما زادت مرارة اللحظات؟
يا ليل، أنا هنا أبحث عن ذراع تحتضنني وتشعرني بالأمان، عن قلب يشاركني الألم ويعينني على تحمل وزن الحياة. أغرقُ في بحر عتمتي، وأسألك بحرارة: هل ستكون الفجر القادم نهاية الليل ومعه نهاية ألمي؟
يا ليل، أتساءل عن سر الصمت الذي تحمله لياليك، هل هو مجرد غموض مؤقت سيمضي بطلوع شمس جديدة، أم هو إشارة إلى عمق الأحزان التي تختبئ في أرواحنا؟ يبدو أن الليل يحمل في جعبته أسرار الحياة وألغازها، وأنا هنا أحاول فك غموضها وكشف ألوانها المختلطة.
قلبي المنكسر ينادي بصوت همسات خافتة، يبحث عن معنى لهذه الرحلة الطويلة في دوامات الألم. رغم الحزن الذي يكتنفني، أحمل في داخلي شرارة الأمل التي تتوهج بين الظلام، فقد رأيت نجوماً تتلألأ في ليالي سوداء، ورأيت زهوراً تنمو في أماكن قاحلة.
لعلّ الحلم الذي أحمله في عمق روحي يكون البوصلة التي تقودني نحو شروق جديد، نحو بداية تاريخ جديد يمتلئ بالفرح والسعادة. أما إلى حين ذلك، سأظل هنا، أتأمل في لياليك يا ليل، وأنتظر بصبر الفجر الذي سيضيء دربي ويبث في قلبي دفء الأمل.