همسات الليل الحزين

بقلم: د. عدنان بوزان

الليل الحزين، رفيقي الصامت، هو ذاك القناع الأسود الذي يلف الكون، ويسدل ستاره على زوايا روحي الهشة. أجد نفسي أسير في أزقته المظلمة، حيث كل نجمة هي جرح يتسع في سماء قلبي، وكل نسمة باردة تتسلل إلى صدري، لتنكت ذاكرة تئن تحت وطأة الماضي.

في حضن الليل، أكتشف أن الوحدة ليست مجرد غياب البشر، بل هي صمت الأصوات التي لم تُنطق، وحزن الحكايات التي لم تُكتب. الليل يغرقني في تأملات طويلة، حيث تتشعب أفكاري كالأنهار المتعرجة في صحراء بلا حدود. أسمع صوت أنفاسي يتردد في الفراغ، وأشعر بثقل الساعات التي تمر ببطء، كأنها تعاند الرحيل، وكأنها تريد أن تُبقيني في أسر هذا الحزن العتيق.

في كل زاوية مظلمة من الليل، أجد ذكريات دفينة، تتجلى في صور مشوشة، تتناثر كالرماد في الهواء. أتذكر وجوهاً وأحداثاً، محاولاً استحضار ابتسامات غابت، وأصوات أُسكتت. كل ذرة في هذا الليل تحمل عبق الألم، وكأن الظلام نفسه يتألم معي، يبكي بصمت بينما أنظر إلى السماء الخالية، وكأنني أبحث عن إجابة لم تكن يوماً هناك.

أكتب كلماتي بمداد من دمع، أرسم على صفحة الليل حروفاً تتراقص كأشباح ضائعة تبحث عن مأوى. الليل الحزين، مرآة لروحي المثقلة، هو الغلاف الذي يلف عالمي الداخلي، حيث تتعانق الأحزان والآمال، في رقصة دائمة تحت سماء لا تعرف النسيان.

أعلم أن الصباح سيأتي، وسيشرق بضيائه ليزيل هذا الليل، لكن في أعماق نفسي، سيظل هذا الحزن يئن، سيظل الليل رفيقي، يحمل في طياته أحزاني وأشجاني، يتكرر معي كل ليلة، حين يتوارى النور وتبقى الذكريات وحدها لتواسي الروح الحائرة في ليلها الأبدي.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!