أحببتك رغم الألم والجراح
بقلم: د. عدنان بوزان
أحببتك رغم الألم والجراح، رغم النصل الذي غرسه القدر في صدري مراراً، ورغم الندوب التي خلفتها خيبات الحياة. كنتِ وما زلتِ ذلك الضوء الذي يتسلل عبر شقوق روحي، يرمّم ما تهشّم، ويبعث الدفء في أوصالي كلما لفّني صقيع الوحدة. كنتِ المعجزة التي زلزلت يقيني بأن الحب لا يزور القلوب الموجوعة، بل كنتِ الدليل الأجمل على أن حتى الأرض المحترقة يمكن أن تزهر من جديد.
أحببتك رغم العقول المجتمعية الضيقة، رغم الألسنة التي تلوك الحكايات بألف وجه، ورغم العيون التي تترقب سقوطنا كأننا جريمة تنتظر الإدانة. لم ألتفت إلى قوانينهم البالية، ولا إلى مقاييسهم الباردة التي لا تدرك معنى الانصهار في شعلة العشق. كنتِ استثناءً لكل قاعدة، روحاً لا يمكن أن تُحاصر في قفص التقاليد، كنتِ ربيعاً في زمنٍ جفّت فيه الأنهار، وأغنيتي في مدينةٍ لا تُحبّ الموسيقى.
أحببتك رغم الهجرة والغربة، رغم المدن التي عبرتها حاملاً حقيبةً ثقيلةً بذكرياتي وأشواقي، رغم الشوارع التي مشيتها وحيداً، وأنا أردد اسمك بيني وبين نفسي، كأنه تعويذةٌ تحميني من الضياع. كنتِ الوطن الذي سكنته قبل أن أسكنه، والمنفى الذي يحوّل برد الغربة إلى دفءٍ لا يُشبهه دفء. كنتِ الحنين الذي يجعلني أعود حتى دون أن أغادر، وكنتِ الحكاية التي أرويها لنفسي كل مساء، فأبتسم رغم تعب الأيام، ورغم المسافات الممتدة بيننا.
أحببتك رغم تقلبات الزمان، رغم الليالي الطويلة التي هبّت علينا كرياحٍ عاتية، كادت تقتلع جذورنا من الأرض. أحببتك رغم الصمت الذي كان يخنق الكلمات بيننا، رغم الشوق الذي كان يملأ الغرف الخالية منا، رغم الخوف الذي كان يهمس في أذني أن الحب لا يكفي أحياناً، ورغم إيماني بأن حبنا كان الاستثناء الوحيد. أحببتك لأنك كنتِ البداية التي لم أخطط لها، والقدر الذي لم أقاومه، والمأوى الذي أعود إليه كلما ضللتُ طريقي. أحببتك رغم كل شيء، وسأحبك حتى لو عاد كل شيء من جديد.