مجلة دمع القلم
ها نحن نفتح بوابة عددٍ جديد، وكأننا نزيح الستار عن فصلٍ آخر من هذا الحلم الذي يُدعى "دمع القلم"... المجلة التي لا تُكتب لتملأ الفراغ، بل لتؤثّثه بجمالٍ هادئ، وقلقٍ شفيف، وسؤالٍ يتجاوز السطح إلى غور الروح.
العدد الخامس عشر ليس مجرد رقمٍ يتلو ما سبقه، بل هو خطوةٌ أخرى في درب الكتابة المضيئة، تلك التي تُصرّ على أن تبقى يقِظةً في زمنٍ ينام فيه المعنى بين أنياب الضجيج.
آذار... شهرُ التقلّب، العابرُ بين بردٍ ما زال يسكن العظام، ودفءٍ يعد بالخصب. كأنه قصيدةٌ من طقسٍ متردّد، يُشبه الكتابة في شيءٍ ما: لا تستقرّ، لا تُرضي، ولا تأتي على هوى، لكنها حين تأتي، تمزّق الغلاف المعتاد للعالم، وتفتح نافذةً على ما لم يُقَل.
في هذا العدد، لا نَعِد القارئ بما يُشبعه، بل بما يُثير فيه الجوع النبيل: الجوع إلى التفكير، إلى الدهشة، إلى ذلك النوع من التورّط في الحياة الذي لا يُشفى منه إلا بالمزيد من الكتابة.
"دمع القلم" لم تكن يوماً مجلةً للقراءة العابرة؛ بل كانت، وما تزال، محاولةً مستمرةً لإنقاذ المعنى من الغرق، لإنعاش الكلمة وسط ركام الاستهلاك السريع، وتذكيراً بأن اللغة ما زالت قادرةً على أن تكون بيتاً، وملاذاً، وثورةً صامتة.
في هذا العدد، تتعانق المقالات كأنها أصواتٌ قادمة من أعماقٍ متعدّدة: من الفلسفة إلى الأدب، من التأملات الذاتية إلى نبض الواقع، من الحنين إلى ما مضى، إلى القلق مما هو آتٍ.
نحن لا نجمع الكلمات لتكون جميلةً فقط، بل لتكون صادقة. فالجمال الحقيقي لا ينفصل عن الصدق، والصدق لا ينفصل عن الألم، ولا عن السؤال، ولا عن تلك الرغبة العتيقة بأن يكون للحياة معنًى أعمق من ظاهرها.
ليس هذا العدد احتفالاً بما أُنجز، بل بما لم يُنجز بعد. إنه دعوةٌ مفتوحة لمن يكتب، ومن يقرأ، ومن يظلّ واقفاً عند باب اللغة خائفاً من الدخول.
تعالوا... فهنا لا يُطلب منكم أن تفهموا كل شيء، بل أن تشعروا، أن تفكروا، أن تتأملوا، وأن تقاوموا السطحية بعمق القلب.
نُهدي هذا العدد لكل من آمن أن للكلمة سلطةً لا تُرى، وأن الحروف، إذا ما كُتبت بصدق، قادرةٌ على إعادة ترتيب الداخل، ومنح الألم معنًى يُحتمل.
نُهديه إلى أولئك الذين لم يتعبوا من السؤال، ولم يرضوا بالأجوبة الجاهزة، إلى من ما زالوا يعتقدون أن الكتابة ليست مهنة، بل حالة وجود.
فإلى من يعرف كيف يُصغي إلى الحرف كما يُصغى إلى نايٍ وحيدٍ في ليلٍ طويل...
أهلاً بكم في العدد الخامس عشر من "دمع القلم"،
في موسمٍ جديد من الحيرة، والحنين، والحبر، والضوء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع تحيات أسرة التحرير
مجلة دمع القلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اقرأ إلكترونيا من خلال الرابط التالي
https://online.fliphtml5.com/uczyba/lodf/
للقراءة أو تنزيل العدد أضغط على الملف في الأسفل