أزادي بوست:
1- ترحيب روسي ودبلوماسية موازية:
أعلن الكرملين، عبر المتحدث باسمه دميتري بيسكوف، عن ترحيب موسكو بزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حال تم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. كما جدد الرئيس فلاديمير بوتين دعوته لجميع قادة العالم لمشاطرة روسيا فخرها بيوم النصر، الذي يحتفل به في التاسع من مايو سنوياً. يأتي هذا الإعلان في ظل مناخ سياسي متوتر بين موسكو والغرب، في وقت تفرض فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عقوبات صارمة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. غير أن الكرملين أكد أن هذه العقوبات "تفرض بسرعة وتُرفع بسرعة"، ملمحاً إلى إمكانية تحقيق تفاهمات مع واشنطن بعيداً عن الضغوط الغربية التقليدية.
2- مغزى الاتصال الهاتفي بين بوتين وترامب:
الاتصال الأخير الذي استمر لمدة ساعة ونصف بين بوتين وترامب عكس إرادة الطرفين في استكشاف سبل التعاون، لا سيما في ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية وتبادل الأسرى بين البلدين. ووفقاً لما كشف عنه بيسكوف، فقد تم الاتفاق على تشكيل فرق تفاوضية بشأن أوكرانيا والتطبيع بين موسكو وواشنطن، وهو مؤشر على رغبة الجانبين في البحث عن حلول وسطية.
إلا أن اللافت في التصريحات الروسية هو عدم الإشارة إلى أي دور لأوروبا أو أوكرانيا في هذه المباحثات الثنائية، وهو ما يعكس رؤية موسكو بأن واشنطن تبقى الفاعل الأساسي في حل النزاع، بينما تعتبر العواصم الأوروبية أطرافاً ثانوية في المعادلة.
3- دلالات حضور ترامب المحتمل إلى موسكو:
يأتي الحديث عن زيارة ترامب إلى روسيا في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الأمريكي انقسامات حادة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويُعرف ترامب بمواقفه الأقل تشدداً تجاه موسكو مقارنة بمنافسيه الديمقراطيين، وهو ما يجعله شخصية محبذة في الأوساط الروسية.
من ناحية أخرى، فإن زيارة ترامب المحتملة إلى موسكو قد تثير ردود فعل حادة في الداخل الأمريكي، حيث لا تزال مسألة "العلاقات الروسية – الأمريكية" نقطة خلاف جوهرية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خاصة بعد الاتهامات التي لاحقت ترامب سابقاً بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
4- رسالة بوتين إلى الغرب:
إن الترحيب العلني بزيارة ترامب في هذا التوقيت يحمل دلالات سياسية واضحة، فهو يؤكد مجدداً أن موسكو لا تزال تسعى للتواصل مع واشنطن، لكنها تفضل الحوار بعيداً عن الوسطاء الأوروبيين. كما أن تأكيد بوتين على استقبال قادة الدول في عيد النصر، يهدف إلى إبراز صورة روسيا كدولة صامدة بوجه العزلة الغربية، وقادرة على الحفاظ على مكانتها الدولية رغم العقوبات المفروضة عليها.
في الختام، زيارة ترامب إلى روسيا – إن حدثت – ستكون حدثاً فارقاً في العلاقات الدولية، ليس فقط على صعيد العلاقة بين موسكو وواشنطن، ولكن أيضاً فيما يتعلق بتوازن القوى داخل السياسة الأمريكية نفسها. فهل سيغامر ترامب بمثل هذه الزيارة وسط الضغوط الداخلية والخارجية؟ أم أن الإعلان الروسي ما هو إلا ورقة دبلوماسية تهدف إلى توجيه رسالة إلى خصوم موسكو؟ الأيام القادمة ستكشف الكثير.