كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان لو أننا أُخرسنا حقاً، لو أن أصواتنا سُكتت وأقلامنا كُسرت، لربما ظننا، في لحظة من الضعف أو الخوف، أن الحياة ستغدو أسهل. لعلنا كنا سنعيش بلا تلك المواجهة التي تحرق صدورنا يوماً بعد يوم، بلا ألم المصارحة التي تلتهم أرواحنا في صمتٍ ثقيل. قد يتوهم المرء أن الصمت ملاذ، مخرج من الفوضى، من المعاناة، ومن حقيقة لا نملك القوة لتغييرها. لكن، هل حقاً؟ هل كان الصمت لينقذنا؟ أم كان سيتحول إلى لعنةٍ نعيش معها بأرواح فارغة، بلا كرامة، بلا حياة؟ لو أن أقلامنا صمتت، لفقدنا القدرة على التعبير، على الصراخ في وجه الطغاة، على تحويل الألم الذي نحمله إلى كلمات تبني طريق المقاومة. في الصمت، تتهاوى الجدران بيننا وبين المعنى، وتصبح أرواحنا سجينةً لواقع لا يتحرك. إن الصمت ليس راحة، بل هو شكل آخر من أشكال العذاب. هو جرح لا ينزف، لكنه يتعفن في الداخل، يكبر ويزداد عمقاً حتى يصبح نهراً من الخيبة،...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بمنطقة...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان لو أننا أُخرسنا حقاً، لو أن أصواتنا سُكتت...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان أيها الشعوب المنهكة في الشرق الأوسط، إن أصوات...

بحثاً عن الضوء: رحلة البشرية نحو الوحدة والمعنى

بقلم: د. عدنان بوزان ..

في ثنايا الزمن المتموج، حيث تتصادم أمواج الوجود بقوة على صخور الحقيقة، تقبع أسئلة أبدية تعكس ذاتها على مرآة الروح البشرية، من نحن؟ وماذا نريد؟ إنها أسئلة تخترق جدران الزمان والمكان، تنبثق من أعماق الوعي الإنساني، تتسلل خلسة بين طيات الواقع والحلم، لتنسج حول الروح ثوب البحث والتساؤل.

من نحن كالبشرية، إن لم نكن رسامين يخطون بألوانهم على لوحة الكون، كل لمسة فرشاة تعكس حكاية، وكل لون يسرد قصة؟ نحن الشعراء الذين ينسجون من الكلمات عباءة تدثر الوجود، والموسيقيين الذين يعزفون لحن الحياة على أوتار الزمان. نحن البحارة الذين يجدفون في بحر الغموض، متحدين الأمواج، بحثاً عن مرفأ الحقيقة. نحن عبارة عن مزيج متفرد من الأمل واليأس، النور والظلام، الحب والخوف، نسعى دائماً لإيجاد معنى في عالم يبدو أحياناً بلا معنى.

وماذا نريد؟ نريد الإجابات على أسئلة قديمة قدر الوجود نفسه. نريد الضوء في نهاية النفق، السلام في زمن العواصف، الحب في عالم يبدو أحياناً مليئاً بالكراهية. نريد العدالة في أرض تغص بالظلم، الحرية في عالم تكبله القيود. نسعى إلى بناء جسور من التفاهم فوق أنهار الخلافات، لنكتشف أن الآخر، بكل تنوعه واختلافه، هو انعكاس لذاتنا.

نريد، في جوهرنا، أن نجد مكاننا في هذا الكون الفسيح، أن نترك بصمتنا على صفحات التاريخ، أن نخلق عالماً يمكننا أن نفخر بتوريثه للأجيال القادمة. نريد أن نعيش بمعنى، أن نحب بصدق، أن نكون جزءاً من شيء أكبر من أنفسنا.

في نهاية المطاف، نحن البشرية، كائنات متعددة الأوجه، معقدة، متناقضة أحياناً، لكن دائماً مدهشة في سعيها وتطلعها. نحن الساعين دائماً لفهم اللغز الذي نحن عليه، والعالم الذي نعيش فيه. من نحن كالبشرية إن لم نكن المستكشفين الأبديين للمعنى والغاية، الطامحين إلى تجاوز حدود المعروف، لنغوص في أعماق مجهولة بحثاً عن إجابات، وربما، بحثاً عن أسئلة جديدة أكثر إثارة للتفكير؟

ماذا نريد؟ نريد أن نكون شهوداً على ميلاد عصر جديد، عصر يتعانق فيه العلم والروحانية، حيث الحقيقة ليست حكراً على القليلين بل ميراثاً للجميع. نسعى لتحقيق توازن بين غريزتنا البدائية للبقاء ورغبتنا الأسمى في الرقي والتحليق نحو آفاق أرحب من الوجود. نرغب في عالم يسوده العدل والمساواة، حيث يُعترف بقيمة كل فرد وتُحترم كرامته الإنسانية بغض النظر عن خلفيته أو معتقده.

نريد أن نترك وراءنا الخلافات التي مزقت نسيجنا الاجتماعي، لننسج بدلاً منها شبكة من العلاقات الإنسانية المبنية على التفاهم والاحترام المتبادل. نسعى إلى عالم يكون فيه الحوار جسراً للتواصل، والتسامح سبيلاً للعيش المشترك.

في هذا العالم المثالي الذي نحلم به، لا نسعى فقط للإجابة على سؤال "من نحن؟" بل نطمح أيضاً إلى فهم "ماذا يمكننا أن نكون؟" إنها رحلة تحول، ليس فقط للفرد بل للإنسانية جمعاء، حيث الغاية ليست الوصول إلى نهاية محددة بل الاستمرار في المسير، في البحث، في النمو.

إننا، كالبشرية، نحمل داخلنا القدرة على العظمة والرقي، لكن يجب أن نتذكر دائماً أن الطريق إلى هذا المستقبل المشرق يبدأ بخطوة واحدة، خطوة تتطلب منا أن ننظر داخل أنفسنا وأن نتساءل ليس فقط عما نريد، بل أيضاً عما نحن على استعداد للتضحية به من أجل تحقيق ذلك. يتطلب منا أن نكون جريئين بما يكفي لنعيد تعريف مفاهيمنا عن النجاح والسعادة، لنسعى ليس فقط لتحقيق الرفاهية الشخصية بل الرفاهية الجماعية والشمولية.

إن هذا السعي يتطلب منا التغلب على الانقسامات الضيقة التي تفصل بيننا، سواء كانت هذه الانقسامات عرقية، دينية، ثقافية، أو اجتماعية. يتطلب منا أن نتجاوز مفهوم الأنا لنحتضن فكرة نحن، متحدين في سعينا نحو مستقبل يحقق الإمكانات الكاملة للبشرية جمعاء.

نحن كالبشرية، في جوهر رحلتنا، نبحث عن الوحدة في التنوع، عن القوة في الاختلاف، عن السلام في الصراع. نسعى لأن نكون مرآة تعكس أفضل ما فينا، لأنفسنا وللعالم من حولنا. نريد أن نرتقي بمفهوم الإنسانية إلى مستويات جديدة من الفهم والتعاطف والتعاون، حيث نتشارك جميعاً في رسم مستقبل يسوده الحب والعدالة والازدهار لكل كائن حي.

من نحن كالبشرية؟ نحن المستكشفون الأبديون، المبدعون، الحالمون، المحاربون من أجل العدالة، وبناة الجسور نحو مستقبل أفضل. نحن القصة المتواصلة، المكتوبة بأيدينا، في كل يوم، في كل لحظة.

ماذا نريد؟ نريد أن نعيش بمعنى، أن نحب بعمق، وأن نترك بصمتنا الإيجابية على العالم. نريد أن نرى مجتمعاتنا تزدهر في بيئة تحترم الكرامة الإنسانية وتنمي الإمكانات اللامحدودة لكل فرد.

فلنجعل سعينا نحو الإجابة على هذه الأسئلة الأزلية، والتطلع نحو تحقيق هذه الأماني العظيمة، بمثابة البوصلة التي توجه أفعالنا وقراراتنا. لنكن جميعاً جزءاً من هذا السعي النبيل، متحدين في روح الأمل والإيمان بإمكانية خلق عالم أفضل. فمن خلال الجهود المشتركة والرؤية الموحدة، يمكننا تجاوز التحديات وتحقيق أحلامنا الأعظم.

X

تحذير

لا يمكن النسخ!