كلمة اليوم

إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية والاجتماعية للدولة، حيث تشير جميع المؤشرات إلى أن سوريا تتجه نحو تقسيم محتمل إلى فيدراليات أو كيانات شبه مستقلة، نتيجة لاستمرار الصراعات الداخلية وتداخل المصالح الدولية والإقليمية. أصبح واضحاً أن فكرة الدولة المركزية التي حكمت سوريا لعقود تواجه تحديات وجودية، بفعل التدخلات الإقليمية والدولية، وتفكك المؤسسات الوطنية، واستمرار حالة الاستقطاب الحاد بين المكونات السياسية والاجتماعية. في ظل هذا الوضع، يبدو أن النظام الإسلاموي المتطرف لم يعد يمثل مشروعاً مقبولاً أو قابلاً للتطبيق على الشعب السوري، حيث فُرض بقوة السلاح ولم يحظَ بشرعية داخلية أو خارجية. على الأرض، يبدو أن سلطة الجولاني ومشروعه الإسلاموي في إدلب والمناطق المحيطة تواجه تآكلاً متزايداً، مع توقعات بأن لا تصمد أكثر من عام ونصف في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية....

سياسة

إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...

كلمة اليوم

إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...

ملامح التحول التركي والتحالفات الجديدة ضد الحقوق الكوردية في سوريا

تمر السياسة التركية تجاه القضية الكوردية في سوريا بمرحلة تحول جذري، حيث لم تعد تركيا تعتبر المجلس الوطني الكردي أو الائتلاف السوري المعارض أدوات فعّالة لتحقيق أجنداتها الرامية إلى تقويض طموحات الشعب الكوردي. هذه الكيانات، التي كانت يوماً جزءاً من الاستراتيجية التركية، فقدت تأثيرها وفاعليتها. لذا، باتت أنقرة تركز جهودها على شراكات مباشرة مع قوى أكثر نفوذاً على الأرض، مثل هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، بهدف تكثيف الضغوط على الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.

في مواجهة هذا التحول، يحاول المجلس الوطني الكردي المحافظة على وجوده السياسي من خلال السعي للتحالف مع أطراف جديدة تناهض الحقوق الكوردية. ويبدو أن خطوات قادته الأخيرة لا تتعدى كونها محاولة يائسة لتجنب التهميش الكامل. برزت هذه المحاولات في سعيهم للتنسيق مع هيئة تحرير الشام، حيث قدموا أنفسهم كـ"مظلة سياسية للشعب الكوردي"، على أمل الحصول على دعم الجولاني. إلا أن هذا المسعى قوبل بالرفض، حيث تدرك هيئة تحرير الشام أن المجلس الوطني الكردي كيان هامشي لا يمتلك القدرة على التأثير في المعادلة السياسية أو الميدانية.

وفي مسعى آخر، انخرط قادة المجلس الوطني في مبادرات ظاهرها الدعوة إلى الوحدة الكوردية، لكن باطنها استهدف تفكيك التضامن الداخلي والدولي مع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية. اللقاءات التي عقدوها مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية، المعروفة بتضحياتها في الدفاع ، لم تكن تهدف إلى تعزيز الوحدة بقدر ما كانت محاولة لإضعاف الموقف الكوردي العام، وتهيئة الأرضية لتحركات سياسية تصب في مصلحة أطراف تسعى لإنهاء المشروع الكوردي في سوريا.

هذا التحول الخطير في مسار المجلس الوطني الكردي لا يمكن فصله عن تاريخه في تقديم الخدمات السياسية لأطراف معادية للقضية الكوردية. لقد أصبح المجلس أداة بيد قوى خارجية، تعمل على تحقيق أجنداتها على حساب المصالح القومية للشعب الكوردي، مما أفقده شرعيته أمام جماهيره.

اليوم، بات من الضروري على الوطنيين الكورد اتخاذ موقف حاسم وصريح تجاه هذه الانحرافات. إن الحفاظ على مكتسبات الشعب الكوردي في سوريا يتطلب التبرؤ من الكيانات التي أثبتت عبر السنوات عدم قدرتها على المساهمة في مشروع التحرر الكوردي، بل تحولت إلى عبء على القضية.

إن المرحلة الراهنة تتطلب مواجهة التحديات بروح وطنية حقيقية، بعيداً عن المصالح الفئوية والانقسامات الداخلية. فقط من خلال وحدة الصف الكوردي القائمة على الصدق والإرادة المشتركة، يمكن للشعب الكوردي التصدي للتحالفات الإقليمية التي تهدد وجوده وحقوقه المشروعة.

27 / 12 / 2024

 

د. عدنان بوزان

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!