كلمة اليوم

إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية والاجتماعية للدولة، حيث تشير جميع المؤشرات إلى أن سوريا تتجه نحو تقسيم محتمل إلى فيدراليات أو كيانات شبه مستقلة، نتيجة لاستمرار الصراعات الداخلية وتداخل المصالح الدولية والإقليمية. أصبح واضحاً أن فكرة الدولة المركزية التي حكمت سوريا لعقود تواجه تحديات وجودية، بفعل التدخلات الإقليمية والدولية، وتفكك المؤسسات الوطنية، واستمرار حالة الاستقطاب الحاد بين المكونات السياسية والاجتماعية. في ظل هذا الوضع، يبدو أن النظام الإسلاموي المتطرف لم يعد يمثل مشروعاً مقبولاً أو قابلاً للتطبيق على الشعب السوري، حيث فُرض بقوة السلاح ولم يحظَ بشرعية داخلية أو خارجية. على الأرض، يبدو أن سلطة الجولاني ومشروعه الإسلاموي في إدلب والمناطق المحيطة تواجه تآكلاً متزايداً، مع توقعات بأن لا تصمد أكثر من عام ونصف في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية....

سياسة

إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...

كلمة اليوم

إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...

تصريح سياسي تحذيري حول مستقبل سوريا والخطر المحدق بوحدتها وهويتها

إلى كل من يعنيه الأمر من القوى السياسية والاجتماعية، وإلى جميع الأطراف الفاعلة على الساحة السورية، أود أن أوجه هذا التحذير الصريح ، عسى أن تستعيدوا رشدكم وتفكروا بعمق ومسؤولية قبل فوات الأوان.

إننا نقف أمام مرحلة حساسة وخطيرة في تاريخ سوريا، حيث تلوح في الأفق بوادر حرب أهلية جديدة تهدد بتقسيم وطننا الحبيب إلى مناطق نفوذ تتقاسمها الدول الإقليمية والدولية، مما يؤدي إلى تقويض ما تبقى من سيادتنا الوطنية. إن هذا التهديد لم يعد مستتراً، بل أصبح واضحاً وجلياً أمام أعين الجميع، وهو نتيجة مباشرة لتراكم السياسات الخاطئة وتبني الأجندات الخارجية المفروضة علينا.

إننا نرفض بشكل قاطع أي محاولات لفرض نظام "إسلاموي" على الشعب السوري. كما نعارض كل الممارسات التي تسعى إلى تديين السياسة وإكراه الناس على التوجهات الدينية. إن إجبار المواطنين على الصلاة أو جمعهم في الجوامع بالقوة، كما شهدنا في بعض المناطق، لا يعكس جوهر الإسلام كدين للحرية والرحمة، بل يمثل إكراهاً دينياً غير مقبول، يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان. هذه التصرفات لا تخدم سوى تعميق الانقسامات وتوسيع الهوة بين مكونات الشعب السوري، مما يهدد بتفتيت النسيج الاجتماعي الوطني.

كما أننا نرفض بشكل قاطع أن نُساق خلف التوصيات الخارجية التي لا تهدف إلا إلى تعميق الشرخ بين السوريين، وتدمير وحدة وطننا، وزيادة الانفكاك والتقسيم. إن التبعية للأجندات الخارجية لا تزيدنا إلا ضعفاً وتزيد من معاناة الشعب السوري، وتمنعنا من الوصول إلى حلول وطنية حقيقية ومستدامة. لذا، علينا كسوريين أن نقر ونعترف بمسؤولياتنا تجاه بعضنا البعض، وأن نعمل على فتح حوار داخلي صادق وجاد لتحديد مسارنا الوطني، وصياغة مستقبلنا السياسي بأيدينا لا بأيدي الآخرين.

إننا نؤمن بأن الحل الأمثل لدولة مثل سوريا، التي تتميز بتنوعها القومي والثقافي، هو النظام الفيدرالي. هذا النظام يحترم التنوع ويعزز الوحدة في إطار العدالة والمساواة. إن بناء نظام فيدرالي يمنح كل مكون حقوقه المشروعة دون إقصاء أو تهميش هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم، وضمان وطن يسوده السلام والوئام.

سوريا التي نحلم بها هي دولة القانون؛ دولة يتساوى فيها الجميع أمام القضاء، دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو المذهب. هي دولة يحكمها نظام علماني، بعيد عن الأيديولوجيات الدينية أو القومية الضيقة. في هذه الدولة، يكون القانون هو المرجعية العليا، وتكون العدالة هي الأساس الذي يضمن الاستقرار والسلام لجميع المواطنين.

إن فرض الأيديولوجيات القومية أو الدينية بالقوة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام والتدمير. ولن يجلب ذلك سوى مزيد من المعاناة لشعبنا الذي عانى بما يكفي خلال السنوات الماضية. علينا أن ندرك أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة يكمن في بناء نظام سياسي يوازن بين الحقوق والواجبات، ويضع المصلحة العامة فوق كل الاعتبارات الأخرى.

لذلك، أوجه هذا النداء الصادق إلى كل من يحمل في قلبه ذرة حب لهذا الوطن. إن ساعة العمل قد حانت، والخطر يحدق بنا جميعاً. علينا أن نتحرك سريعاً لنجعل سوريا وطناً فيدرالياً، قائماً على العدالة والمساواة، ومبنيّاً على أسس القانون والعقلانية. سوريا التي نستحقها جميعاً هي سوريا التي تكون نموذجاً حضارياً للعيش المشترك في المنطقة والعالم.

7/ 1 / 2025

د. عدنان بوزان

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!