تصريح سياسي حازم: حقوق الكورد القومية لا نقاش فيها
إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...
كلمة اليوم: سوريا بين فوضى الداخل وتدخلات الخارج: طريق العودة إلى الوحدة والسلام
بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...
سوريا بين مفترق الطرق: نحو فيدرالية أم تقسيم؟
إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...
نحو سوريا ديمقراطية: رؤية للدستور الفيدرالي واللامركزي لحل الأزمة الوطنية
إن الوضع في سوريا اليوم يستدعي تبني نموذج دستوري يتسم بالمرونة والشمولية، يسمح لجميع المكونات السورية بالتعايش السلمي والمساواة تحت راية دولة واحدة. فقد عانت سوريا، طوال أكثر من عقد من الزمن، من الحرب والنزاع الذي أثر بشكل عميق على نسيجها الاجتماعي والسياسي. وبالتالي، فإن البلاد بحاجة ماسة إلى إعادة بناء هيكلها السياسي والاجتماعي على أسس جديدة تضمن حقوق الجميع في المشاركة الفعالة في تقرير مصيرهم. ومن هنا، يبدو أن الحل الأنسب للأزمة السورية يتجسد في تبني دستور فيدرالي يحترم خصوصية كل مكون في البلاد، مع ضمان وحدة الدولة السورية.
1. الفيدرالية: حلاً واقعياً للوضع السوري:
إن تبني نظام فيدرالي في سوريا ليس مجرد خيار سياسي، بل هو الحل الأمثل في مواجهة التعددية العرقية والدينية والطائفية التي تتميز بها البلاد. فالفيدرالية تمنح الكورد السوريين - الذين يشكلون جزءاً مهماً من المجتمع السوري - الحق في إدارة شؤونهم الثقافية والإدارية الخاصة بهم في إطار وحدة الدولة. ولكن من المهم التأكيد على أن الفيدرالية لا تعني الانفصال أو التقسيم، بل هي آلية لإدارة التنوع بطريقة تحقق التوازن بين الحقوق والحريات لجميع المكونات، بما يضمن للكل فرصة العيش بكرامة ضمن دولة موحدة.
2. الدولة اللامركزية: ضمانات للكورد في إطار الفيدرالية:
بالنسبة للكورد السوريين، لا يوجد خلاف حول أن النظام اللامركزي سيكون الأنسب في المرحلة الحالية، بشرط أن يكون هذا النظام جزءاً من إطار دستوري فيدرالي يشمل جميع المكونات السورية. في هذا السياق، يجب أن يتضمن الدستور السوري الجديد بنداً يضمن الاعتراف باللغة الكوردية كلغة رسمية ثانية في الدولة، وذلك تكريماً للهوية الثقافية الكوردية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ سوريا وتنوعها الحضاري.
3. إشراف الأمم المتحدة على صياغة الدستور:
من أجل ضمان الوصول إلى دستور عادل وديمقراطي، يجب أن تتم صياغة هذا الدستور تحت إشراف الأمم المتحدة. إن إشراف الأمم المتحدة على عملية كتابة الدستور سيضمن أن يكون الدستور شاملاً ومتوافقاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويعكس الإرادة الحرة لجميع المكونات السورية، بما فيها المكونات الكوردية والعربية والآشورية والأرمنية وغيرها.
4. حق الكورد في إعلان إقليم خاص أو إقليم فيدرالي:
إن الدستور يجب أن يتضمن بنداً خاصاً بالكورد، يضمن لهم حق إعلان إقليم خاص أو إقليم فيدرالي إذا ظهرت أية مظاهر من العنصرية أو الطائفية أو الاستبداد من قبل السلطة المركزية. هذا البند سيمنح الكورد الحق في اتخاذ إجراءات قانونية لإعلان إقليم فيدرالي خاص بهم في حال كانت الظروف تستدعي ذلك، وذلك لضمان حماية حقوقهم وحرياتهم في حال تعرضت هذه الحقوق للتهديد.
5. تسمية الدولة الجديدة: "الجمهورية السورية"
بموجب الدستور الجديد، يجب أن تكون سوريا دولة ديمقراطية تعددية تضمن حقوق جميع مواطنيها بغض النظر عن العرق أو الدين. ولذلك، يحق للسوريين اختيار تسمية الدولة وفقاً للهوية الوطنية التي تجمعهم، مثل "الجمهورية السورية". هذا سيتوافق مع التطلعات الشعبية للانتقال إلى دولة يسود فيها حكم القانون والمساواة.
6. العلمانية وفصل الدين عن الدولة:
من الضروري أن يكون الدستور السوري الجديد علمانياً، بحيث يضمن فصل الدين عن الدولة. العلمانية تضمن للمواطنين جميعاً، دون استثناء، حرية المعتقد والممارسة الدينية، وتمنع تداخل الدين مع السياسة. هذا المبدأ أساسي لضمان حقوق الأفراد وحرياتهم في بناء مستقبل ديمقراطي بعيداً عن الهيمنة الدينية. وبالتالي، فإن أي دستور يجب أن ينص على احترام التنوع الديني والحفاظ على سيادة القيم الإنسانية والمواطنة الفاعلة.
7. الاحتفاظ بالقوة العسكرية لحين الانتهاء من صياغة الدستور:
في المرحلة الانتقالية، يجب أن تظل جميع المكونات بالاحتفاظ القوة العسكرية تحت سيطرة وحداتها الخاصة، إلى حين الانتهاء من صياغة الدستور الجديد وانتقال السلطة إلى السلطة الشرعية عن طريق الانتخابات الديمقراطية. يجب أن يكون هناك اتفاق دولي يضمن عدم استخدام القوة العسكرية لحسم الخلافات السياسية، وأن تظل القوات العسكرية تحت إشراف قيادة وطنية موحدة بعد إقرار الدستور. هذا سيمكن السوريين من إجراء انتخابات نزيهة وشفافة لتشكيل حكومة شرعية تمثل جميع الأطياف السورية.
في الختام، إن الحل السياسي المستدام في سوريا يكمن في تبني نظام فيدرالي عادل وشامل، يحترم تنوع البلاد ويضمن حقوق جميع المكونات، خاصة الكورد الذين يشكلون جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي السوري. هذا النظام سيكون مدعوماً بدستور جديد يتمتع بالإشراف الدولي، ويحتوي على بنود تضمن الحقوق الثقافية والسياسية لجميع الأطراف. في ظل هذه الظروف، يمكن لسوريا أن تتجاوز أزمتها وتبدأ مرحلة جديدة من البناء الوطني المشترك، وتحقيق العدالة والسلام الدائمين.
10/ 1 / 2025
د. عدنان بوزان