كلمة اليوم

إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية والاجتماعية للدولة، حيث تشير جميع المؤشرات إلى أن سوريا تتجه نحو تقسيم محتمل إلى فيدراليات أو كيانات شبه مستقلة، نتيجة لاستمرار الصراعات الداخلية وتداخل المصالح الدولية والإقليمية. أصبح واضحاً أن فكرة الدولة المركزية التي حكمت سوريا لعقود تواجه تحديات وجودية، بفعل التدخلات الإقليمية والدولية، وتفكك المؤسسات الوطنية، واستمرار حالة الاستقطاب الحاد بين المكونات السياسية والاجتماعية. في ظل هذا الوضع، يبدو أن النظام الإسلاموي المتطرف لم يعد يمثل مشروعاً مقبولاً أو قابلاً للتطبيق على الشعب السوري، حيث فُرض بقوة السلاح ولم يحظَ بشرعية داخلية أو خارجية. على الأرض، يبدو أن سلطة الجولاني ومشروعه الإسلاموي في إدلب والمناطق المحيطة تواجه تآكلاً متزايداً، مع توقعات بأن لا تصمد أكثر من عام ونصف في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية....

سياسة

إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية...

كلمة اليوم

بقلم: د. عدنان بوزان بعد سقوط النظام البعثي في سوريا وصعود هيئة...

كلمة اليوم

إن المشهد السوري اليوم يعكس حالة من التصدع العميق في البنية السياسية...

تصريح سياسي حازم: حقوق الكورد القومية لا نقاش فيها

إن ما يحاول البعض من أصحاب العقليات العنصرية والإسلاموية الجهادية فرضه على الكورد من محاولات لإذابة هويتهم القومية وانصهارهم في بوتقة القومية العربية أو غيرها، تحت ذريعة "المواطنة المتساوية"، هو ببساطة امتداد لممارسات قمعية فُرضت على الكورد منذ اتفاقية سايكس-بيكو وحتى يومنا هذا. أقول لهؤلاء بوضوح وبلا تردد: حقوق الكورد ليست مجرد حقوق مواطنة، بل هي حقوق قومية أصيلة ولا نقبل بأقل من ذلك مهما كانت الضغوط أو الظروف.

أي محاولة لطمس الهوية القومية للكورد أو فرض انصهارهم القسري في إطار قوميات أخرى لن تؤدي إلا إلى مزيد من الصراعات والفوضى وعدم الاستقرار. حتى إذا اختارت قوى سياسية كوردية، مثل "قسد" أو المجلس الوطني الكردي، التنازل عن الحقوق القومية وقبول "المواطنة" كحل نهائي، وحتى إن قرر كل الكورد في العالم القبول بذلك، فإنني، شخصياً، وبكل وضوح وحزم، أرفض هذا المسار رفضاً قاطعاً ولن أقبل به مهما كانت الظروف.

أؤكد أن النضال من أجل حقوق الكورد يجب أن يكون مبنياً على الشرعية والعدالة، بعيداً عن العصابات الجهادية أو النزاعات العشوائية العابرة للحدود التي أضرت بالقضايا العادلة بدلاً من خدمتها. نحن لا نحتاج لتكرار أخطاء الآخرين الذين تحولوا إلى أدوات للفوضى. ما نحتاج إليه هو مسار استراتيجي حقيقي، ووعي جماعي، يحتم على العالم الاعتراف بحقوق الكورد القومية والسياسية والثقافية مهما كانت التحديات أو التضحيات.

لن نتراجع، ولن نساوم، ولن نتنازل عن حقوقنا القومية. الكورد جزء أصيل من هذه الأرض، وحقهم في تقرير المصير ليس محل نقاش أو مساومة. على الجميع أن يدرك أن تجاهل هذه الحقوق سيزيد من تعميق الأزمات، ولن يكون هناك استقرار في المنطقة من دون احترام تطلعات الكورد وحقوقهم المشروعة.

رسالتنا واضحة وحاسمة: الاعتراف بحقوق الكورد القومية ليس خياراً بل هو ضرورة تاريخية وإنسانية، وسوف تتحقق هذه الحقوق مهما كان الثمن. وأقول وأكرر للقيادة الجديدة في دمشق وكل من يحاول العبث بمستقبل سوريا: أنتم تلعبون بالنار! هذه ليست تحذيرات فارغة، بل هي دعوة لإعادة النظر في سياساتكم الحالية. إن الإصرار على تجاهل حقوق الكورد ومحاولات فرض الهويات القسرية أو الحلول الجزئية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان والانقسام.

لا أحد منا يتمنى أن تصل سوريا إلى التقسيم الكامل، لكن الاستمرار في هذا النهج قد يدفع البلاد إلى نقطة اللاعودة. إن سوريا الموحدة ليست خياراً فقط، بل ضرورة لبقاء المنطقة بأسرها في استقرار. إن تجاوز حقوق الكورد القومية، أو محاولة فرض واقع جديد على حساب مكونات الشعب السوري، يعني فتح الباب أمام سيناريوهات كارثية قد لا تتمكن سوريا من الخروج منها بسهولة.

الوقت ليس في صالحكم، إن الاستمرار في تجاهل هذه القضايا سيجلب عليكم عواقب وخيمة، وستكون النتائج أكثر مرارة مما تتوقعون.

19/ 1 / 2025

د. عدنان بوزان

أضف تعليق


كود امني
تحديث

X

تحذير

لا يمكن النسخ!