بكل وضوح وصراحة نقول: إنّ ما يسمى بالانتخابات البرلمانية التي تفرضها السلطة الانتقالية الجديدة في دمشق ليست سوى مسرحية سياسية فاقدة للشرعية، لأنها جرت خارج أي إطار انتقالي معترف به دولياً، وفي ظل غياب كامل للبيئة المحايدة، وتحت سلطة أمر واقع لم تنتَخب بإجماع السوريين. هذه الانتخابات باطلة دستورياً، مرفوضة شعبياً، ومدانة وفق القانون الدولي، إذ تمثل خرقاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار 2254 الذي يؤكد ضرورة عملية سياسية شاملة تتيح مشاركة جميع السوريين في تقرير مستقبلهم.
إن أي صندوق انتخاب في دمشق لا يعني شيئاً لأبناء السويداء، ولا لأبناء الساحل، ولا لشعوب شرق الفرات. فالشرعية لا تمنح بمرسوم فوقي أو بانتخابات صورية، بل تستمد من إرادة الناس الحرة التي أكدتها العهود والمواثيق الدولية. ولهذا نؤكد أن من حق هذه المناطق، وفي اليوم ذاته الذي تفرض فيه هذه الانتخابات غير القانونية، أن تنظم استفتاءً شعبياً حراً لتقرير مصيرها، بما في ذلك خيار الانفصال عن مركز لم يعد يعبر عن إرادتها.
إن مبدأ حق تقرير المصير مكرس في القانون الدولي، بدءاً من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 1)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهو ليس خياراً ثانوياً، بل حقاً أساسياً للشعوب، يضمن لها الحرية في اختيار شكلها السياسي ونظامها الاقتصادي والاجتماعي، بعيداً عن الإكراه والاستبداد.
وعليه، فإن استمرار السلطة الانتقالية في دمشق في إدارة البلاد بقرارات أحادية، وإغلاق أبواب الحل السياسي التوافقي، سيقود حتماً إلى تفكك الكيان السوري، ويمنح المشروعية الكاملة للمناطق الأخرى كي تمارس حقها في بناء مؤسساتها السيادية والدستورية المستقلة. إن أي انتخابات تنظَّم بمعزل عن التوافق الوطني، وبلا ضمانات دولية، هي خطوة باطلة قانونياً، ولا قيمة لها أمام الشرعية الحقيقية التي تستمد من إرادة الشعوب وممارستها لحقها المشروع في تقرير مصيرها.
24 / 8 / 2025
د. عدنان بوزان