طرق محتملة لزعزعة استقرار حكم نتنياهو: تحليل "نيويورك تايمز"
آزادي بوست: تسلط صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء في تقرير لها على أربعة مسارات قد تقود إلى الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل انتهاء ولايته في 2026، في ظل تزايد الضغوطات المحلية والدولية المطالبة برحيله. وتأتي هذه الضغوطات في سياق الحرب على غزة التي وضعت مصير نتنياهو على المحك، حيث يواجه معارضة شديدة داخل إسرائيل، فضلاً عن المعارضة الدولية لموقفه من قيام دولة فلسطينية.
المسار الأول يتمثل في انهيار ائتلافه الحكومي، حيث يشير التقرير إلى أن أبسط طريق للإطاحة بنتنياهو هو أن ينهار ائتلافه الذي يحكم بـ64 مقعداً في الكنيست، وأن انشقاق خمسة أعضاء فقط قد يؤدي إلى سقوط الحكومة وإجبار البلاد على إجراء انتخابات مبكرة.
المسار الثاني يتضمن "انعدام الثقة البناءة"، حيث يمكن للبرلمان التصويت على حجب الثقة بشكل يفضي إلى تغيير القيادة داخل الحزب الحاكم نفسه دون الحاجة إلى إجراء انتخابات عامة جديدة.
المسار الثالث يتعلق بخروج المعارضة من حكومة الوحدة، حيث يمكن لشخصيات معارضة داخل الحكومة أن تنسحب في محاولة لإجبار البلاد على الدعوة لانتخابات مبكرة، لكن هذا المسار يواجه تحديات كبيرة بسبب نقص الأغلبية المطلوبة لتحقيق ذلك بمفردهم.
أخيراً، المسار الرابع يتمثل في الاحتجاج المدني، حيث يمكن أن تجدد المظاهرات المناهضة لنتنياهو التي شهدتها إسرائيل قبل الحرب، مما قد يؤدي إلى ضغوط شعبية هائلة تساهم في الإطاحة بحكومته.
يشير التقرير إلى أن هذه المسارات تعكس حالة عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل والتحديات الكبيرة التي تواجه نتنياهو، حيث يبدو أن مستقبله السياسي يواجه تهديدات جدية نتيجة للأزمة الحالية والمعارض.
المسار الأول: انهيار ائتلافه
المسار الأول لإمكانية الإطاحة بحكومة نتنياهو، كما تشير "نيويورك تايمز"، يتعلق بانهيار الائتلاف الحكومي الذي يقوده. يعتمد هذا الائتلاف حالياً على 64 مقعداً في الكنيست، ويُشير التقرير إلى أن انشقاق خمسة أعضاء فقط من شأنه أن يؤدي إلى سقوط الحكومة وإجبار البلاد على إجراء انتخابات مبكرة خلال ثلاثة أشهر.
التحليل يوضح أنه في حال ترك الوزيران المتطرفان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير الحكومة، وهو سيناريو محتمل إذا وافق نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن ذلك قد يفتح المجال لحزب معارضة بقيادة يائير لبيد للتدخل مؤقتاً. ومع ذلك، لا يُتوقع أن يمنع هذا التدخل إجراء الانتخابات المبكرة.
يُشار إلى أن سموتريتش وبن غفير قد يتخذان قرار التخلي عن نتنياهو للدفع نحو انتخابات، حيث يأملان في خوضها كقادة لأحزاب تدعم الاستيطان الإسرائيلي وتعارض جهود إقامة دولة فلسطينية مستقلة. هذا السيناريو يهدف إلى جذب ناخبين من الليكود اليمينيين الذين قد يشعرون بخيبة أمل من نتنياهو وحزبه بسبب تصرفاتهم في الأزمات الأخيرة.
هذا التحليل يعكس الديناميكيات السياسية المعقدة داخل إسرائيل ويبرز كيف يمكن أن تؤدي القضايا الداخلية والسياسات تجاه الفلسطينيين إلى تغييرات كبيرة في الساحة السياسية الإسرائيلية.
المسار الثاني: "انعدام الثقة البناءة"
المسار الثاني لإمكانية الإطاحة بحكومة نتنياهو يتمثل في ما يُعرف بـ"انعدام الثقة البناءة"، وهو يعد أكثر تعقيداً ويتطلب تحركاً من داخل حزب الليكود نفسه. وفقاً لأمنون أبراموفيتش، المحلل السياسي في القناة 12 الإسرائيلية، يتطلب هذا المسار أن ينفصل خمسة مشرعين على الأقل من حزب الليكود عن الحكومة الحالية ويختاروا بديلاً لنتنياهو من داخل الحزب، ومن ثم يجب الحصول على موافقة أغلبية المشرعين على هذا الاختيار. الهدف من هذا الإجراء هو إسقاط الحكومة مع الحد من الفوضى والتعطيل الذي يمكن أن ينجم عن هذه العملية.
هذا الخيار، مع ذلك، يواجه تحديات كبيرة، تتمثل في الانقسامات داخل حزب الليكود وقدرة نتنياهو على استخدام المعلومات الحساسة لتأليب أعضاء الحزب ضد بعضهم البعض. يُشار إلى أن نتنياهو يتمتع بمهارة في المناورة السياسية، حيث يستخدم تهديدات بالموت السياسي ضد من يفكرون في التحرك ضده، وهو ما يجعل عملية تحديه من الداخل محفوفة بالمخاطر ومعقدة.
هذا المسار يكشف عن عمق التحديات السياسية داخل حزب الليكود ويبرز الصعوبات التي قد تواجهها أي محاولة لتغيير القيادة من الداخل.
المسار الثالث: خروج المعارضة من حكومة الوحدة
المسار الثالث الذي تحدثت عنه "نيويورك تايمز" يتعلق بإمكانية خروج المعارضة من حكومة الوحدة، خاصة الوزيرين بني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذين يمكنهما الانسحاب من الحكومة في زمن الحرب في محاولة لقيادة حركة لإجراء انتخابات مبكرة. ومع ذلك، يواجه كلاهما عقبة كبيرة تتمثل في نقص الأغلبية اللازمة لإسقاط حكومة نتنياهو بمفردهما.
غانتس، الذي يعتبر حالياً أحد أكثر السياسيين شعبية في إسرائيل، يبدو متردداً وغير متأكد من توقيت أو جدوى ترك الحكومة، بينما كان آيزنكوت، العضو في حزب غانتس، أكثر وضوحاً وحدة في انتقاداته لنتنياهو خلال الحرب.
هذا المسار يعكس التوترات داخل حكومة الوحدة ويسلط الضوء على الصعوبات التي قد تواجه أي محاولة لتغيير الحكومة من الداخل. كما يبرز التحديات التي يواجهها قادة المعارضة في تحقيق توافق كافٍ لدعم خطوة جريئة كالانسحاب من حكومة الوحدة، وهي خطوة قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة لكنها تتطلب تنسيقاً ودعماً واسع النطاق.
المسار الرابع: الاحتجاج المدني
المسار الرابع لإمكانية الإطاحة بحكومة نتنياهو يتركز حول الاحتجاج المدني، وهو يُعتبر من قبل البعض كأكثر المسارات ترجيحًا لتحقيق هذا الهدف. يُشير التقرير إلى أن إسرائيل شهدت تظاهرات واسعة النطاق مناهضة لنتنياهو استمرت لنحو تسعة أشهر قبل الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي عملت على تقسيم البلاد بشكل كبير. ورغم أن الحرب قد خلقت نوعاً من الوحدة الوطنية، إلا أن هناك تصدعات بدأت تظهر بالفعل حول قضايا متعلقة بالحرب، مثل مسألة الرهائن، وكيفية إنهاء الحرب، والتعامل مع غزة والفلسطينيين بعد توقف القتال.
ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في مؤسسة بروكينغز، يرى أن التظاهرات التي تتجاوز الحدود السياسية التقليدية وتجمع بين القلق حيال الرهائن والغضب من إخفاقات 7 أكتوبر يمكن أن تشكل ضغطاً كبيراً على الائتلاف الحكومي للدعوة إلى انتخابات في وقت ما خلال العام 2024.
من ناحية أخرى، تشير الصحيفة إلى أن المسؤولين الأمريكيين يرون أن المواجهة المباشرة مع نتنياهو حول حل الدولتين قد تؤدي إلى نتائج عكسية، مما يعزز مكانة نتنياهو داخل حزب الليكود وعلى الساحة الإسرائيلية ككل، باعتباره العائق الرئيسي أمام قيام الدولة الفلسطينية.
هذا المسار يبرز قوة الحركات الاحتجاجية المدنية والتأثير الذي يمكن أن تحدثه في السياسة الإسرائيلية، خاصة عندما تجمع بين القضايا العاجلة والغضب الشعبي تجاه السياسات الحكومية وإخفاقاتها.