بقلم: د. عدنان بوزان
يا لَهبَ الشــــوقِ في الأعماقِ يَنـدلعُ وهل لِنارِ الجَوى فـي الصَّـــدرِ مُنطفِعُ؟
هذي البلادُ التي في الحُـزنِ غارقـــةٌ كــأنَّـــها مــن لَـهــيبِ الظُّـــــلمِ تلتَـوعُ
أليــــسَ باكـورُ بحـــرِ الــدمِ مُنهَـــمرٌ؟ وفــي روجَ آفا ريــــاحُ المـــوتِ تَتـسعُ؟
وروجَهـــلاتُ، كـــــمـا لُـــوذٌ بمَـهلَـكةٍ والحُـــرُّ فـي أرضِـــها بـالقيــدِ مُـرتَــفعُ
نادى الضميرُ، فمَنْ يُـصغي لِصرخَـتهِ؟ في زَحمةِ الصمتِ هل يَبقَى لهُ سمعُ؟
قُـومُوا وحامُوا عـنِ الأحـلامِ فـي وَطنٍ لَــو كَــانَ يُنــطِـقُ يــومــاً، بَـاحَ وافتُجِعُ
فالســــــيفُ أبلـغُ مـن ألــفِ خطـابـةٍ والـرمـــحُ أصـــــدقُ فـي قــولٍ ومُتـبعُ
لا تســــألوا العــزَّ من قومٍ بـلا هِـممٍ قــد بــاعــوا الأرضَ، والأحـــلامُ تنقطِعُ
في كــلِّ أُفُـــقٍ لــنا جُـرحٌ ومـذبحــةٌ واللــيلُ يُـرخِي على الأمجـــادِ مُلتَـفِعُ
أرضي تحــدِّثُ عــن مجــدٍ لــهُ وَهَجٌ لكنَّـــهُ اليـــومَ بينَ الحـــــزنِ يَــرتفــعُ
أبكــيكِ يا أرضُ والــذِّكـــرى مُـبــددةٌ كأنَّـــها وَهــمُ مـاضٍ في الدُّجى سرعُ
باشـــورُ يصــرخُ في أحــداقِ مذبحهِ والــريــحُ تبــكيهِ في الآفـــاقِ والطَّلـعُ
جِئْـــنــاكِ يـــا أرضُ بـالأنَّاتِ مُنطفِضاً والمــــوتُ يحـرسُ في الأنهارِ ما زرعُوا
كم صاحَ في الليلِ من طاغٍ بمجـزرةٍ والحُــــرُّ يُقتـــلُ، والظلمــــاءُ تتــــسعُ
أينَ الســـيوفُ التي كانت مُلهَمتَـنَا؟ أيــنَ الجــيوشُ؟ أليـــسَ العـزُّ يَندفِعُ؟
هـــذي الــبلادُ نـزيفٌ لم يُـطِقْ أحـدٌ كــم في الــدمـــوعِ لِمنْ يبكيهِ مُتسعُ
أرضي تُــنادي بـصــوتٍ من مآسـيها فهــل لمجيـبٍ بصـوتِ الحقِّ مُستمعُ؟
أم هـم بـقايَـا عـبادٍ في ذلِّهم رَهَنٌ؟ والعــارُ يُبــكِيهِمُ، والقـلـبُ مُنـخَــــدعُ
هــذي بـــلادي ومــا فـيها لـمغتربٍ غيـرَ الـدمـــوعِ، وغـيرَ الجُـرحِ، والوجعُ
لا ينقطــعُ الــدمــعُ حتى تُـرفــــرِفَ رايــاتُــهُ، والعـــدوُّ المُغــــرِقُ انـصــرعُ
يا مَـن تــركتـم دمـاءَ الحُـرِّ مُنسـكِباً والحـــقُّ يُقتــلُ، والتــاريخُ يضطَــــرعُ
مـــاذا جنَينا ســــوى وُعُــودٍ مُضلِّلةٍ وحُلمُـنا فــي مـهــابِ الـريحِ ينصدعُ؟
تُرمَى المبادئُ في أرضِ الهوى بَلَداً يطــوفُ فــيه الــذي بالخِسَّةِ انخضَعُ
ناديـــتُ مَنْ كانَ يحمي حــرَّ موطنِهِ فلــم أرَ غــيرَ صـــوتِ الغـــدرِ يـرتفــعُ
إنْ كانَ مَــنْ بــاعَ أرضي غيرَ مُعتذرٍ فالمـــوتُ للـعَارِ فـي أعــناقِـــهِم وقعُ
مــا زالَ في صــدرِنا لَــوعٌ يـخـــطُّـهُ مـــدادُ جُـــرحٍ على الأطــلالِ مُـرتـبِعُ
إنْ كــانَ للحُـــرِّ مـــيعادٌ يُـؤَخِّــــــرهُ فــيومُــهُ آتٍ وإنْ طالــــتْ بــهِ الفــزعُ
ســـيعودُ من غدروا بالأرضِ نادمينَ إذا جـــرتْ سُــــننُ الأحـــداثِ تنقطِعُ
ناديــتُ يـا وَطـني، إنِّي لمَنكَــسِـرٌ فهـــل لحــزني يدٌ في عودهِ تسمعُ؟
إنْ لــم يـكن سيفُـنا حكماً لقضيَّتِنا فهـــل لغـــيرِ الظلـومِ الحُـــرُّ يخضـعُ؟
قُـومــــوا وأشعلوا برقَ النِّضالِ فلن يُــرجِـعَ الحــقَّ غــيرُ الحـدِّ إنْ قطعـوا
لا خيرَ في عيشِ من يرضى بمذلتِهِ ومـن يُـطاطــئُ فوقَ الأرضِ ينخـسِعُ
والعـــزُّ في ساحةِ الأحداثِ موعدُهُ إذا اســتعدَّ لـــهُ الأحــــرارُ وانـدفعُــوا
أوَمـا تـرونَ الــريــاحَ العــاتــياتِ بنا كأنَّـــها فــوقَ هــامِ الـدهـرِ تصطـرِعُ؟
مـا للمـبادئِ في زمانٍ صارَ سلعةً يُبــاعُ فـيهِ الـوفا، والخُـلـقُ ينخضِــعُ؟
إنْ كانَ صمــتُ الــورى داءً يُلمُّ بنا فــلا يُـداويــهِ غـيرُ السـيفِ إنْ طلـعُ
وإنْ كتبنا بــدمــعِ العـينِ مأسـاتَنا فــما لحُـــرٍّ ســـوى ســـيفٍ يُـرتِّعُـهُ
يـا موطني، إنَّني بالــروحِ مُفـتدِكَ إنْ جـــاءَ يومُ الفــدا، فالروحُ تنخضِـعُ
ســتعودُ يا وطني، مهما أحاطَ بنا دمــعُ الــردى، ويــومُ الحُـرِّيَّةِ يـلمــعُ
إنْ كانَ في العيشِ موتٌ في مذلتِنا فالمــوتُ أعــزى، وكلُّ القومِ يتبعُــوا