مجلة دمع القلم
صدور العدد الثاني عشر من مجلة 'دمع القلم' | ديسمبر - كانون الأول
مع كل عدد جديد من دمع القلم، تتجدد رؤيتنا لمعنى الكلمة، إذ إنها ليست مجرد حروفٍ تنسج الجمل، بل هي كيانٌ حيٌّ ينبض بوهج الفكر وعمق التساؤل. الكلمة هي الضوء الذي يشق طريقه في عتمة الواقع، وهي السفينة التي تحملنا عبر أمواج التأمل، سواء كانت هادئة أو عاصفة. وفي هذا العدد الثاني عشر، نتأمل تلك المسافة الشاسعة بين الحرف والصمت، بين الحلم والحقيقة، وبين ما نحن عليه وما نطمح أن نكون عليه.
الكتابة ليست عملاً عابراً أو نشاطاً وقتياً، بل هي فعلٌ وجودي، مغامرةٌ تتحدى صخب العالم، ومحاولةٌ لإعادة رسم خارطة الذات في مواجهة الفوضى والعبث. إنها البوصلة التي نستخدمها في البحث عن الحقيقة، تلك الحقيقة التي كثيراً ما تختبئ خلف أقنعة الكلمات الزائفة وأوهام المفاهيم المستهلكة. الكتابة فعل مقاومة، مقاومةٌ ضد الفراغ الروحي الذي يبتلعنا، وضد الاغتراب الذي يجعلنا غرباء عن أنفسنا قبل أن نكون غرباء عن العالم.
في هذا العدد، نجد أنفسنا أمام نصوصٍ تشبه المرايا؛ كل نصٍّ يعكس جزءاً من أرواحنا، بما تحمله من شروخ وألوان، ومن أسئلة وأجوبة ناقصة. كل كلمة تحمل في طياتها صرخةً من الألم، أو لمحةً من الأمل، أو خيطاً دقيقاً يربط بين الماضي والمستقبل. إنها الكلمة التي تجرح لتداوي، والتي تصدم لتوقظ، والتي تحفر في أعماقنا بحثاً عن نبعٍ دفين من المعاني المنسية.
نحن في زمنٍ يتسارع فيه كل شيء؛ زمنٍ تُختصر فيه الأحلام إلى عناوين، وتُبتذل فيه المعاني لتصبح شعارات. وفي وسط هذا الصخب، يبقى الأدب ملاذاً هادئاً، جزيرةً نلجأ إليها لنستعيد ذواتنا التي تاهت في متاهات العولمة والسطحية. دمع القلم ليس مجرد مجلة أدبية، بل هو محاولةٌ مستمرةٌ لبناء جسرٍ بين الحرف والروح، بين الفكر والإحساس، بين القارئ والنص، حيث تصبح الكلمة تجربةً إنسانية متكاملة.
مع كل نصٍّ تقرؤه في هذا العدد، ستجد نفسك مدعواً للتأمل، لإعادة النظر في يقينياتك، ولطرح أسئلةٍ جديدة لم تخطر ببالك. لأن الأدب الحقيقي لا يمنحك الإجابات بقدر ما يمنحك الشجاعة لمواجهة الأسئلة الكبرى، تلك الأسئلة التي نخشى أحياناً مواجهتها. فالأدب ليس تسليةً عابرة، بل هو فعل تغيير؛ تغيير يبدأ من الداخل لينعكس على الخارج، ويعيد تشكيل رؤيتنا للعالم ولأنفسنا.
إننا نكتب لأننا نؤمن بقوة الكلمة، وبقدرتها على اختراق الجدران السميكة التي تحيط بقلوبنا وعقولنا. نكتب لأننا نرفض أن نكون شهوداً صامتين على الظلم، وعلى العبث، وعلى تلاشي الإنسان في دوامة الاستهلاك. نكتب لأن الحرف يحمل في داخله بذرة ثورة؛ ثورة ضد الجهل، وضد الخوف، وضد التردد الذي يمنعنا من أن نكون ما نحن قادرون على أن نكونه.
في هذا العدد، كما في الأعداد السابقة، نعيد التأكيد على أن الأدب هو فعل حب؛ حبٌّ للحياة رغم مرارتها، حبٌّ للإنسان رغم ضعفه، حبٌّ للحقيقة رغم غموضها. كل نصٍّ هو نبضة حياة، وكل كلمةٍ هي خطوة نحو الأفق المجهول الذي نحلم به. ومع كل قارئٍ يفتح صفحات هذا العدد، نتشارك الحلم ونواصل الرحلة؛ رحلة الكلمة التي لا تنتهي.
إلى اللقاء في العدد القادم، حيث تستمر هذه الرحلة... رحلة الأدب، رحلة الحياة.
بقلم رئيس التحرير
القراءة ألكترونيا من الرابط التالي
https://online.fliphtml5.com/uczyba/cxxa/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للقراءة أو تنزيل العدد أضغط الملف في الأسفل