الساحل السوري تحت نار "سلطة دمشق الجديدة": إبادة جماعية تحت ستار العدالة
- Super User
- ما وراء الخبر
- الزيارات: 1437
بقلم: د. عدنان بوزان
لم يكن الساحل السوري يوماً بعيداً عن أهوال الحرب، لكنه اليوم يواجه فصلاً جديداً من المأساة، حيث تحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات الطائفية والانتقام الجماعي على يد "سلطة دمشق الجديدة"، بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني). فبعد أن أحكمت هذه السلطة سيطرتها على دمشق، بدأت حملة ممنهجة لإبادة السكان العلويين في الساحل السوري، دون تمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين من دعم النظام السابق ومن كان ضحية له.
1- الإبادة على الهوية: من القصف إلى التصفيات الميدانية:
المشاهد القادمة من الساحل السوري مرعبة. عمليات إعدام ميدانية تُسجَّل بالكاميرات وتُنشر لترهيب السكان، رجال يُسحلون في الشوارع قبل تصفيتهم، نساء يُهجَّرن قسراً، وعائلات تُباد بأكملها لمجرد انتمائها الطائفي.
الطائرات والبراميل المتفجرة التي كانت تُستخدم سابقاً كأداة للقمع من قبل سلطة دمشق القديمة، باتت اليوم في يد "سلطة الجولاني"، التي تبرر جرائمها تحت شعار "اجتثاث فلول النظام"، بينما هي في الواقع ليست سوى حملة إبادة ممنهجة تستهدف كل من ينتمي إلى الطائفة العلوية، بغض النظر عن موقفه السياسي أو تورطه في النزاع.
2- "لم نشارك في الحرب.. لماذا نُقتل؟":
العديد من الناشطين العلويين يحذرون من مجازر تُرتكب بصمت، مؤكدين أن آلاف المدنيين الذين لم تكن لهم أي علاقة بالصراع يتعرضون اليوم لتطهير عرقي ممنهج. الملاحقات لا تستهدف العسكريين أو المسؤولين السابقين فقط، بل تصل إلى المدنيين في منازلهم، حيث يتم اقتحام البيوت، واختطاف الرجال، وتصفيتهم في الساحات، وسط تجاهل دولي مريب.
يقول أحد الناجين: "لم نحمل السلاح يوماً، ولم نكن جزءاً من أي طرف، لكنهم يلاحقوننا لأننا علويون فقط.. إنهم يريدون مسحنا من الوجود."
3- المجتمع الدولي: صمت على الجريمة:
ورغم المشاهد القاسية، فإن المجتمع الدولي يلتزم الصمت، وكأن إبادة جماعية تجري أمام أعين العالم دون أي تحرك. لا إدانات دولية، ولا تقارير أممية، ولا حتى ضغوط سياسية لوقف ما يحدث. بل على العكس، يتم الترويج لسلطة الجولاني كبديل سياسي "معتدل"، بينما تمارس هذه السلطة أكثر أشكال التطهير العرقي وحشية.
4- إلى أين يتجه الساحل؟:
الساحل السوري اليوم محاصر بالموت، بين آلة الحرب التي لم تهدأ منذ أكثر من عقد، وسلطة جديدة تمارس الإرهاب باسم "العدالة". السؤال الآن ليس فقط كيف سينجو السكان من هذه الكارثة، بل أيضاً كيف يمكن وقف هذه الإبادة قبل أن تتحول إلى مأساة أعمق تعيد إنتاج الحقد والانتقام لعقود قادمة؟
لا بد من إيجاد حل جذري لهذه المهزلة التي تنجم عن سيطرة سلطة داعشية في دمشق، تمارس القتل والتطهير العرقي تحت شعارات زائفة. استمرار هذه الأوضاع يعني أن مستقبل الساحل وأهله سيكون إما تحت الإبادة أو التهجير القسري، مما يجعل الحل الوحيد القابل للحياة هو فك الارتباط عن هذه السلطة الدموية.
إن تقسيم سوريا بات احتمالاً واقعياً، والساحل لا يمكن أن يبقى رهينة لحروب طائفية تُفرض عليه من قوى تسعى للهيمنة بأي ثمن. الانفصال عن هذا الكيان المهترئ قد يكون الخيار الأمثل لضمان بقاء سكان الساحل، بعيداً عن آلة القتل التي لم ترحم أحداً، سواء في عهد النظام السابق أو تحت سلطة الجولاني اليوم.