بقلم: د. عدنان بوزان
إذا أسفر سقوط النظام البعثي في سوريا عن وصول الإسلاميين الجهاديين إلى السلطة، فسيشهد المشهد السوري تغيرات جذرية على المستويات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية. يثير هذا السيناريو تساؤلات عميقة حول طبيعة الحكم الجديد، وعلاقاته الخارجية، ومستقبل سوريا في ظل نظام قائم على أيديولوجية دينية متشددة.
1. طبيعة الحكم ومستقبل الدولة:
غالباً ما تتبنى الجماعات الجهادية رؤى شمولية تقوم على تطبيق صارم للشريعة الإسلامية وفق تفسيراتها الخاصة، مما قد يؤدي إلى:
• تحوّل سوريا إلى دولة دينية تعتمد على قوانين إسلامية متشددة، مما قد يسهم في تقييد الحريات السياسية والاجتماعية.
• إلغاء النظام الديمقراطي والتعددي، إذ قد يتم إقصاء المعارضة السياسية، ولا سيما التيارات الليبرالية والقومية.
• فرض نظام حكم سلطوي يعتمد على الأجهزة الأمنية والعسكرية لضمان استمراره، مع احتمال نشوب انقسامات داخلية بين الفصائل الجهادية المختلفة بسبب اختلاف الأيديولوجيات والتوجهات.
2. العلاقات الدولية والتدخل الخارجي:
سيؤدي وصول الجهاديين إلى الحكم إلى عزلة دولية لسوريا، مع تزايد احتمالات التدخل العسكري الخارجي، لا سيما من القوى الكبرى والإقليمية التي تعتبر الجماعات الجهادية تهديداً مباشراً. ومن بين السيناريوهات المحتملة:
• تدخل عسكري غربي جديد بقيادة الولايات المتحدة أو التحالف الدولي تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، مما قد يعيد سوريا إلى دائرة الصراع الدولي.
• صدام مع القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران ودول الخليج، إذ قد تتعارض مصالح هذه الدول مع طبيعة الحكم الجديد، ما قد يؤدي إلى تدخل مباشر أو دعم لقوى معارضة.
• عزلة اقتصادية ودبلوماسية نتيجة رفض المجتمع الدولي التعامل مع حكومة تُصنف على أنها متشددة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان.
3. التداعيات الاجتماعية والاقتصادية:
• تراجع حقوق المرأة والأقليات: قد تفرض السلطات الجديدة قيوداً صارمة على النساء، كما قد تتعرض الأقليات الدينية والقومية (المسيحيون، العلويون، الكورد ، الدروز وغيرهم) للتمييز أو الإقصاء أو حتى التهجير القسري.
• انهيار الاقتصاد: نتيجة العقوبات الدولية، وهروب رؤوس الأموال، وغياب بيئة استثمارية مستقرة.
• هجرة واسعة: قد يشهد البلد موجة نزوح جديدة لملايين السوريين، إما بسبب التضييق الاجتماعي، أو الاضطهاد السياسي، أو الظروف الاقتصادية المتدهورة.
4. احتمالات المقاومة الداخلية والصراعات:
• ظهور حركات مقاومة داخلية، سواء من القوى العلمانية أو حتى الإسلاميين المعتدلين، مما قد يشعل صراعات داخلية.
• احتمال حدوث انشقاقات داخلية بين الفصائل الجهادية بسبب اختلاف الرؤى والأيديولوجيات، مما قد يؤدي إلى صدامات مسلحة داخل معسكر الحكم نفسه.
• اندلاع حرب أهلية جديدة بين القوى الرافضة للحكم الجهادي، مثل الفصائل الكوردية، والقوى العشائرية، وبقايا الجيش السوري، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الأمني.
في الختام، وصول الإسلاميين الجهاديين إلى السلطة بعد سقوط النظام البعثي سيؤدي إلى عزلة دولية، وأزمات اقتصادية حادة، وانقسامات داخلية حادة، مما يجعل تحقيق الاستقرار في البلاد أمراً بالغ الصعوبة. في ظل هذا السيناريو، ستصبح سوريا ساحة لصراعات إقليمية ودولية متزايدة، مما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً، مثل التقسيم أو استمرار الفوضى لعقود قادمة.