الحلقة الثانية : من البحث عن الحضارة الإغريقية
بقلم: د. عدنان بوزان
تعد الحضارة الإغريقية أحد أبرز الحضارات في التاريخ، حيث امتدت على مدى قرون طويلة، من عام 1200 قبل الميلاد حتى وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323 قبل الميلاد. تعتبر هذه الحضارة فترة ذهبية من التاريخ الإنساني، حيث شهدت تقدماً هائلاً في مجالات متعددة كالعلوم، والسياسة، والفلسفة، والفن.
تأتي الحضارة الإغريقية، أو الحضارة اليونانية، كفصل رائع ومشرق في سجلات التاريخ الإنساني. تمتد جذورها إلى أغوار الزمن، حيث نشأت بعد انقضاء حضارة الموكينيين (الميسينية) في اليونان القديمة، وتستمر حتى لحظة رحيل القائد العظيم، الإسكندر الأكبر، في عام 323 قبل الميلاد. تلك الفترة الزمنية تشكل فترة هامة وحافلة بالإنجازات العلمية، السياسية، الفلسفية، والفنية، حققت فيها الحضارة الإغريقية ريادة لا مثيل لها، وبنت أسساً قائمة للتقدم البشري.
على مدى هذه الحقبة الزمنية العظيمة، نشأت وتطوَّرت الحضارة الإغريقية في رحاب اليونان، وأصبحت مصدراً للتأثير العظيم على العالم المحيط بها. كانت تلك الفترة ذروة للإبداع والابتكار في ميادين متعددة، حيث تراكمت الإنجازات العلمية والثقافية، تاركة وراءها إرثاً يستمد منه العالم الحديث إلهامه وفهمه للفنون، والفلسفة، والسياسة.
تكمن أهمية الحضارة الإغريقية في تأثيرها الجذري على الحضارة الغربية. فقد كونت قاعدة للفلسفة والعلوم، ونشرت أفكارها وقيمها إلى أقطار أبعد، مما جعلتها جسراً فعّالاً يربط بين الماضي البعيد والحاضر الحديث. إن الحضارة الإغريقية لا تمثل مجرد فصل في التاريخ، بل هي روح حية تعيش في ذاكرة البشرية كنقطة تحول هامة صاغت وجه الحضارة الغربية بمفهومها الحديث وتقدمها الملحوظ.
تأثير الحضارة الإغريقية لم يقتصر فقط على المجالات العلمية والفلسفية، بل امتد إلى الفنون والأدب، حيث شكّلت مسرحياتهم الكلاسيكية وأعمالهم الأدبية نماذج رائعة للإبداع الإنساني. يتألق أعلام كالأدباء هوميروس وهيسيود، بجانب المسرحيين العظماء مثل أسكيلوس وسوفوكليس وإيوريبيديس، في سماء الأدب والفن.
وفي ميدان العمارة، أطلق الإغريق تصاميمهم الرائعة في بناء المعابده، مثل الأكروبوليس في أثينا، والتي تعد أحد أعظم المعالم الثقافية في التاريخ. كما برعوا في فنون النحت والرسم، حيث اشتهر النحاتون مثل فيدياس وبراكسيتلس بأعمالهم الفنية الراقية التي تعكس الجمال والتفرد.
تجلى تأثير الحضارة الإغريقية أيضاً في التنظيم السياسي، حيث شهدت أثينا تأسيس نظام ديمقراطي يعتمد على مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات الحكومية، وهو مفهوم سياسي تأصل في التفكير السياسي الحديث.
بهذه الطريقة، تتألق الحضارة الإغريقية كمصدر رئيسي للتقدم الإنساني والثقافي، حيث لا تزال أفكارها وتحفها الفنية تتجدد في تأثيرها على العالم المعاصر. إنها ليست مجرد فترة تاريخية، بل هي رمز للحضارات العظيمة التي استندت إليها الإنسانية في بناء مستقبلها.
موقع الحضارة الإغريقية القديمة:
تأسست الحضارة الإغريقية في أرض دولة اليونان ومحيطها، وقد شكلت هذه المنطقة المحددة محوراً حيوياً لتطور هذه الحضارة العظيمة. يشمل موقع الحضارة الإغريقية القديمة عدة مقاطع، ومن بينها:
1- اليونان القارية:
• أرض اليونان: كانت محطة البداية ومركز التأثير الأساسي للحضارة الإغريقية. تضم اليونان القارية الكثير من المدن الهامة مثل أثينا وسبارتا وكورينث، التي أسهمت جميعها في تشكيل الطابع الفريد لهذه الحضارة.
2- جزر بحر إيجه:
• جزر الإيجه: كانت الجزر المنتشرة في بحر إيجه جزءاً مهماً من الموقع الجغرافي للحضارة الإغريقية. جمال الطبيعة والموارد البحرية الوفيرة ساهمت في استقطاب الانتباه إلى هذه الجزر وفي تطوير التجارة البحرية والبنية الاقتصادية.
3- الساحل الغربي لآسيا الصغرى:
• المناطق الساحلية: تشمل هذه المنطقة المناطق الساحلية لليونان وتركيا الحديثة، وهي حيث تأثرت بشكل كبير بالحضارات المجاورة. كانت تلك المناطق نقطة انطلاق لتبادل الثقافة والتأثيرات مع الشرق الأدنى.
4- المدن والمستوطنات البحرية:
• المستوطنات البحرية: شهدت المناطق الساحلية والجزر العديد من المدن والمستوطنات البحرية التي كانت مراكزاً حيوية للحضارة الإغريقية. تمثل هذه المدن المحاور الثقافية والاقتصادية التي أسهمت في ازدهار الحضارة.
تأثرت الحضارة الإغريقية بالموقع الجغرافي الفريد الذي نشأت فيه، حيث جمعت بين التضاريس المتنوعة والموارد الطبيعية الوفيرة. كانت البحر الأبيض المتوسط محوراً لتوسعها وتفاعلها مع حضارات مختلفة، وأدى ذلك إلى تشكيلها لحضارة هجينة جديدة في فترة الهلنستية. بفضل هذا الموقع الاستراتيجي، تمكنت الحضارة الإغريقية من التأثير في المناطق المحيطة بها وبناء تاريخها العظيم.
الديانة في الحضارة الإغريقية:
كانت الديانة جزءاً أساسياً من حياة الإغريق القديمين، حيث كانوا يؤمنون بوجود آلهة عديدة تتسم بالقوة والفهم والمشاعر البشرية. الآلهة اليونانية تشكلت في إطار ميثولوجي غني، وكانت تعكس قيم ومعتقدات المجتمع.
1- الآلهة الرئيسية:
• زيوس: كان ملك الآلهة وزعيمهم، يُعتبر مصدراً للقوة والعدالة.
• هيرا: زوجة زيوس وملكة الآلهة، ترمز إلى الزواج والأسرة.
• أثينا: آلهة الحكمة والحرب، تمثل النية الحكيمة والاستراتيجية.
2- الآلهة الفنية والثقافية:
• أبولو: إله الموسيقى والفنون، كان يُعتبر ملهماً للفنانين والشعراء.
• أفروديت: إلهة الحب والجمال، ترمز إلى الجاذبية والإغراء.
3- الآلهة ذات الطابع الاجتماعي:
• ديونيسوس: إله النبيذ والاحتفالات، يُحتفل به في مهرجانات واحتفالات ذات طابع اجتماعي.
4- الآلهة ذات الطابع الطبيعي:
• ديميتر: إلهة الزراعة والخصوبة، كانت ترتبط بالمحاصيل والنمو الطبيعي.
كان للآلهة دور مهم في حياة الإغريق، حيث كانوا يلجؤون إليهم في الأوقات الصعبة ويقدمون لهم الشكر في الأوقات الجيدة. كان هناك أيضاً كهنة وعرافون يعملون كوسطاء بين البشر والآلهة، وكانوا يقدمون التوجيه والنصائح باعتبارها رسائل إلهية.
رغم وجود العديد من الآلهة، كانت الديانة الإغريقية تركز بشكل كبير على السلوك الأخلاقي للفرد. كانت القيم والأخلاق تحتل مكانة مهمة في الديانة الإغريقية، وكان المجتمع يسعى لتحقيق الفضيلة والعدالة والاحترام في حياتهم اليومية.
الملابس في الحضارة الإغريقية القديمة:
تعكس ملابس الحضارة الإغريقية القديمة تقاليد المجتمع والطقوس اليومية للأفراد. كانت الملابس تحمل صفات الفضفاضة والراحة، مع اهتمام بالتصميم والأناقة. إليكم نظرة عامة على أسلوب الملابس للرجال والنساء في هذه الحضارة:
1- ملابس الرجال:
• كانت ملابس الرجال تتألف عادة من تونيك فضفاضة وبدون أكمام تصل إلى الركبة، وهي تسمى "كيتون". يمكن أن يتم لف قطعة قماش إضافية حول الكتفين أو الخصر لزيادة الراحة أو التزيين.
• السراويل القصيرة أو البنطال كانت جزءاً من الزي، وكانت تصل إلى أسفل الركبة.
• في الأحيان، يرتدى الرجال رداءاً طويلاً يسمى "هيماتيون"، وكان يُلبس على الكتف ويترك حراً من الخلف.
2- ملابس النساء:
• كانت ملابس النساء تتميز بالفضفاض والطول الذي يصل إلى الكعبين. تُعرف التونيك التي ارتدتها النساء باسم "كيتون" أيضاً.
• استخدمت النساء أشرطة أو حزاماً لتحديد الخصر وإضفاء لمسة من التفصيل الأنثوي على الملابس.
• كانت الملابس مصنوعة غالباً من الصوف لتوفير الدفء، وكانت تعتبر الألوان الزاهية والزخارف البسيطة جزءاً من الأزياء اليومية.
3- الحذاء والشعر:
• كان الحذاء الشائع لدى الرجال والنساء هو الصندل الجلدي.
• فيما يتعلق بالشعر، كان للرجال شعر قصير وكانوا يحلقون لحيتهم، باستثناء الرجال الأكبر سناً الذين كانوا يتركون لحا.
• النساء كان لديهن شعر طويل يتم تسريحه وربطه بأشرطة أو يتم جمعه في كعكة أو ذيل حصان.
تظهر ملابس الحضارة الإغريقية اهتمامها بالراحة والوظيفة، مع تركيز على التفاصيل الزخرفية والزينة البسيطة. كانت الملابس تعكس مفهومهم الفريد للجمال والأناقة في حياتهم اليومية.
الألوان التي استخدمت في الحضارة الإغريقية
في الحضارة الإغريقية القديمة، كانت استخدامات الألوان متنوعة، وقد تم الحصول على العديد من الدرجات المختلفة من اللون باستخدام مجموعة واسعة من المواد الطبيعية. إليكم نظرة على بعض الألوان ومصادرها في هذه الحضارة:
1- اللون الأحمر:
• تم الحصول على اللون الأحمر الأصفر من مركب الزرنيخ الطبيعي.
• استخدم الفنانون مادة تُعرف باسم "دم التنين" للحصول على اللون الأحمر الفاتح.
2- اللون الأرجواني:
• استخدمت أصباغ مثل النيلي للأزهار والألوان المماثلة.
• استُخدم اللون البنفسجي، الذي أُنتِجَ من الأسماك الصدفية، بشكل شهير، وكان متوفراً بدرجات اللون البنفسجي والأرجواني الحقيقي والقرمزي العميق.
3- اللون الأزرق:
• استخدم الرسامون الأزوريت والأزرق المصري، الذي كانت مصدره الأسماك الصدفية.
• كان الأزرق المصري صبغة زرقاء داكنة استخدمت في مجموعة متنوعة من الوسائط.
4- اللون الأخضر:
• استخدم الرسامون النحاسي الصناعي الأخضر، المعروف أيضاً بـ "أخضر اليونان".
• تم الحصول على اللون الأخضر من خلال خلط الأصباغ الصفراء والزرقاء المستمدة من الطحالب والنباتات.
5- اللون الأصفر:
• استخدم الفنانون أصباغاً مستمدة من مادة أكسيد الرصاص للحصول على درجات مختلفة من اللون الأصفر.
6- اللون البني:
• حصل الرسامون على درجات اللون البني من المواد المحترقة ومن أصباغ الطين والحديد والمنغنيز.
7- اللون الأبيض:
• كانت الأصباغ البيضاء الرصاصية هي المكمل الرئيسي للوحة الألوان.
• استُخدم الرصاص الأبيض السريع الجفاف بشكل كبير.
8- اللون الأسود:
• اعتمد الرسامون على المصباح الأسود والأسود الكربوني والأسود العاجي الجديد.
تظهر هذه الألوان الوفيرة في الحضارة الإغريقية تقنيات متقدمة وتفنناً في استخدام الأصباغ الطبيعية والاصطناعية لإضفاء جمال وحياة على الفنون والحياة اليومية.
معاني الألوان في الحضارة الإغريقية
في الحضارة الإغريقية، كانت الألوان تحمل معانٍ ورموزاً مهمة، وكان لكل لون دوره الخاص في التعبير عن المشاعر والرموز الاجتماعية. إليكم فحص لبعض معاني الألوان في هذه الحضارة:
1- اللون الأحمر:
• كان اللون الأحمر يرتبط بالانتقالات في حياة الأفراد. فكان يُستخدم في الحجاب الذي ترتديه العرائس، مما يرمز إلى تغيير حالتهن من فتاة إلى زوجة.
• كان يستخدم أيضاً في أكفان الموتى، مما يرمز إلى الانتقال من الحياة إلى الحياة الآخرة.
2- اللون الأسود:
• كان يُرتبط بالحداد والنعي، ولكن أيضاً يُستخدم للتعبير عن الوضع الاجتماعي للأفراد. ارتداؤه كان يُظهر الاحترام للفقيد وفي الوقت نفسه يُبرز وضع المعزين في المجتمع.
3- اللون البنفسجي:
• كان يُربط بالملوك والطبقة العليا في المجتمع. كان استخدام اللون البنفسجي محدوداً نظراً لندرته في تلك الفترة.
4- الألوان الوطنية (الأزرق والأبيض):
• تعد الألوان الوطنية لليونان وهي الأزرق والأبيض رمزاً للهوية الوطنية. الأزرق يرتبط بلون السماء والبحر، بينما يُرمز الأبيض إلى نقاء وجمال الطبيعة.
5- الألوان الأخرى:
• كانت الألوان الأخرى مثل الأصفر تُستخدم لإثراء اللوحات الفنية والتعبير عن الحياة بألوان مشرقة.
في النهاية، كان استخدام الألوان في الحضارة الإغريقية ليس فقط للزخرفة والجمال، بل كان يحمل معاني عميقة ترتبط بالمشاعر والرموز الاجتماعية، مما يبرز الدور الهام الذي كانت تلعبه الألوان في تعبير هذه الحضارة العظيمة.
إدراك اليونانيين للألوان
إدراك الإغريق القدماء للألوان كان مختلفاً تماماً عن إدراكنا الحالي، وهذا يظهر في الكتابات والأعمال الفنية التي تركوها. كان لديهم نظرة فريدة للألوان، ورغم أنهم استخدموا اللون في فنونهم وكتاباتهم، إلا أن تفسيراتهم للألوان قد تختلف عن الفهم الحديث.
الشاعر هوميروس، مثلاً، قد وصف الألوان بطريقة مختلفة عما نعرفه اليوم. واستخدم في وصف الألوان المعدنية مثل الأسود والأبيض، ولكن تأتي هذه الوصفات بأشكال وتفاصيل قد تكون غريبة بالنسبة لنا. وصف البحر كالخمر والأغنام بلون بنفسجي يظهر كيف كان إدراكهم للألوان يختلف عن الواقع.
تفسيرات هذه الظواهر قد تكون مرتبطة بعوامل ثقافية ولغوية. في بعض الأحيان، قد يكون لديهم كلمات محددة لتصف لون معين، وفي أحيان أخرى قد يعتمدون على وصفات متقدمة ورمزية لنقل تجربتهم الحسية.
يظهر هذا الاختلاف في إدراك الألوان كفرصة لفهم كيف تطوّرت ثقافتهم وكيف كانت رؤيتهم للعالم تتشكل. يبقى الأمر موضوعاً للدراسة والتفسير، حيث يساهم في إلقاء الضوء على تطور الوعي الإنساني في ميدان الفن والثقافة.
آثار الحضارة الإغريقية
تركت الحضارة الإغريقية، واليونان القديمة بشكل عام، أثراً عظيماً ودائماً على مسار التاريخ والثقافة البشرية. تعتبر آثارها محط اهتمام وإعجاب العديد من الباحثين والمفكرين، فقد كانت هذه الحضارة رافداً حافلاً بالإنجازات والابتكارات الفريدة التي لا تزال تؤثر في العالم اليوم.
تمتد آثار الحضارة الإغريقية على العديد من المجالات، بدءاً من العلوم والفلسفة وصولاً إلى الفنون والأدب. في مجال العلوم، ساهم الفلاسفة الإغريق في تطوير نظريات وأفكار تمثل الأساس للعديد من التقدمات العلمية في العصور اللاحقة. أعطت الفلسفة الإغريقية بزعامة أسماء كبيرة مثل أفلاطون وأرسطو مسارات التفكير الفلسفي والأخلاقي.
في المجال الفني، تاريخ الفن الإغريقي يتميز بروعة النحت والرسم، حيث تمثلت الأعمال الفنية الإغريقية في المقاييس الجمالية والتوازن الهارموني. كانت التماثيل الإغريقية تعبر عن الجمال الطبيعي والإنساني، وكانت الأعمال الأدبية مثل الألسنة والملحنين والمسرحيات تعكس قدرة الإغريق على فهم وتجسيد تعقيدات الحياة البشرية.
إلى جانب ذلك، خلفت الحضارة الإغريقية أثراً عميقاً في المفاهيم السياسية والديمقراطية. تأثير نظامها السياسي والاجتماعي ما زال حاضراً في تشكيل الأفكار الحديثة حول الحكم والمشاركة المواطنية.
تتنوع آثار الحضارة الإغريقية بين القدرة على التفكير الفلسفي العميق والفنون الراقية والنظم السياسية المبتكرة، مما يجعلها مصدر إلهام دائم ومستمر للدراسة والتأمل.
البارثينون:
البارثينون هو منارة العمارة اليونانية الكلاسيكية، وهو معلم تاريخي يعتبر رمزاً للحضارة الإغريقية. يقع البارثينون على تل الأكروبوليس المرتفع في قلب أثينا، العاصمة اليونانية. بُني هذا المعلم الرائع في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد واكتمل في عام 438 قبل الميلاد. تم تشييده خلال الحكم الذهبي لمدينة أثينا، حيث كان الفنان اليوناني الشهير فِدِياس والمعماري كالليكراتيس هما الرائدين في تصميمه.
يُعتبر البارثينون قدوة للعمارة الكلاسيكية اليونانية بفضل تصميمه الهندسي المثالي والتفاصيل الجمالية. يتألف المبنى من معبد دوري، حيث يحتوي على النقوش الرائعة والأعمدة الضخمة التي تُظهِر الفن اليوناني في أوجه. يتميز البارثينون بالكمال الهندسي، حيث تم استخدام نظام دوري الكورنثي الكلاسيكي في تصميم الأعمدة، وتم توظيف التناسق الرياضي بشكل فعّال في توزيع العناصر المعمارية.
كمعبد للإلهة أثينا، تم نقل التماثيل والزخارف المذهلة إلى متحف الأكروبوليس في أثينا للحفاظ عليها. يُعَتَبَر البارثينون اليوم موقعاً أثرياً هاماً وجزءاً لا يتجزأ من تراث الحضارة الإغريقية. يتوافد الزوار من جميع أنحاء العالم لرؤية هذا الشاهد التاريخي على الابتكار والجمال في الهندسة والعمارة اليونانية القديمة.
معبد زيوس الأولمبي:
معبد زيوس الأولمبي هو إحدى المعابده التاريخية البارزة في أثينا، اليونان، والتي كرست لعظمة الإله زيوس، إله السماء والرعد في الأساطير اليونانية. بدأ بناء هذا المعبد الضخم في عام 174 قبل الميلاد واستمر العمل عليه لفترة طويلة قبل أن يكتمل تحت إشراف الإمبراطور الروماني هادريان في عام 131 ميلادي.
يتميز معبد زيوس الأولمبي ببنيانه الهائل والمهيب، حيث يضم 104 من الأعمدة الكورنثية الرائعة. تم استخدام الرخام الأبيض اللامع في بناء المعبد، مما منحه مظهراً رائعاً وجمالياً. يُعتَبَرُ معبد زيوس الأولمبي نموذجاً من نماذج العمارة الكلاسيكية اليونانية، حيث استُخدمت التفاصيل الزخرفية والنظام الهندسي بشكل يبرز رقي وأناقة الهندسة اليونانية.
وعلى الرغم من أن المعبد يظهر اليوم نصف مدمر، إلا أنه يعتبر إحدى المعالم السياحية الهامة في أثينا. يمكن للزوار استكشاف هذا الموقع التاريخي والتأمل في بقايا العمارة الرائعة التي شيدت لتكريم إله السماء، زيوس، والاستمتاع بالمنظر الرائع للمدينة من هذا الموقع المميز.
معبد بوسيدون:
يعد معبد بوسيدون في سونيون أحد المعابده البارزة في اليونان القديمة ويقع في أقصى الطرف الجنوبي لشبه جزيرة أتيكا. تم بناء المعبد تقريباً في عام 440 قبل الميلاد، حيث قام بإعادة بنائه فوق أنقاض معبد سابق يعود تاريخه إلى العصور القديمة.
تتميز هذه المنطقة بموقعها الفريد الذي يحاط بالبحر من ثلاث جهات، مما يمنحها منظراً بانورامياً رائعاً للمياه الزرقاء المتلاطمة. المعبد كان مخصصاً لعبادة بوسيدون، إله البحر وزعيم اللاهوت البحري في الأساطير اليونانية. يُعتَبَرُ هذا المعبد إحدى روائع العمارة الكلاسيكية اليونانية ويعكس التصميم الهندسي والفني الراقي لتلك الحقبة.
رغم أن العديد من الأجزاء قد فقدت على مر العصور، إلا أن بعض الأعمدة لا تزال قائمة، وتعطي للزوار فكرة عن الجمال والروعة التي كانت تميز المعابده اليونانية القديمة. يُظهِر المعبد تأثيرات معمارية مشتركة مع معبد هيفايستوس في الأكروبوليس، مما يشير إلى إمكانية أن يكون المهندس المعماري نفسه قد صمم هذين المعبدين.
معبد بوسيدون يعد موقعاً تاريخياً وسياحياً مهماً يجذب الزوار الذين يتوافدون لاستكشاف جماله والتمتع بإطلالته الرائعة على البحر.
معبد زيوس في القيروان:
يعتبر معبد زيوس في القيروان واحداً من أبرز المعابده اليونانية في ليبيا الحالية. تقع القيروان في أعالي المدينة ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس قبل الميلاد. كانت القيروان جزءاً من خمس مستعمرات يونانية هامة في المنطقة.
في العام 115 ميلادياً، خلال تمرد يهودي، تم تدمير المعبد، ولكن الرومان أعادوا بناؤه خمس سنوات لاحقاً، وكان ذلك في عهد الإمبراطور هادريان. ومع ذلك، جلب الدمار للمعبد من جديد في عام 365 ميلادياً عندما ضربه زلزال، مما أدى إلى تحوله إلى أنقاض.
ما يميز معبد زيوس في القيروان هو حجمه الضخم، حيث يُعد أكبر من معبد البارثينون في أثينا. يعكس المعبد تصميماً هندسياً رائعاً وفنياً فريداً يعكس الروعة الفنية للعصور القديمة.
على الرغم من الدمار الذي لحق بالمعبد في مرات عديدة على مر القرون، إلا أن إعادة بنائه المتكررة تظهر إصرار الحضارة على الاحتفاظ بتراثها الثقافي والتأكيد على أهمية هذا الصرح الديني. اليوم، يُعد معبد زيوس في القيروان موقعاً تاريخياً هاماً يجذب السياح والباحثين على حد سواء لاستكشاف تلك الآثار الرائعة.
مسرح هيرودوس أتيكوس:
يعتبر مسرح هيرودوس أتيكوس واحداً من الآثار البارزة في أثينا، حيث يتمركز على المنحدر الجنوبي الغربي للأكروبوليس. قام هيرودوس أتيكوس، الأثيني الثري والمستثمر السخي، ببناء هذا المسرح كتكريم لذكرى زوجته أسباسيا أنيا ريجيلا.
يميز المسرح نقوشه الفنية وتصميمه المعماري الرائع. يمتد المسرح بشكل شديد الانحدار، ويتألف من جدار أمامي ذي ثلاثة طوابق، مما يتيح سعة استيعاب تصل إلى 5000 شخص. يتميز سقف المسرح بأنه مصنوع من خشب الأرز اللبناني، الذي كان باهظ التكلفة ويرفع من قيمة المسرح بشكل لافت.
خلال خمسينيات القرن الماضي، خضع المسرح لعمليات إعادة بناء وتجديد، حيث تم استخدام رخام بينديلي في إعادة بناء مناطق الجلوس وتحسين هيكل المسرح. يُعد مسرح هيرودوس أتيكوس مكاناً ثقافياً وفنياً مهماً في أثينا، حيث يستخدم لتنظيم فعاليات ثقافية وعروض مسرحية، ويستمر في جذب الزوار والمهتمين بالتاريخ والفن المعماري.
معبد هيرا في أولمبيا:
يعتبر معبد هيرا في أولمبيا واحداً من أهم المعابد اليونانية القديمة، حيث كان مخصصاً لعبادة ملكة الآلهة اليونانية، هيرا. بُني هذا المعبد في أولمبيا حوالي عام 590 قبل الميلاد، وكانت هيرا تُعتَبَرُ زوجة زيوس وواحدة من أهم الآلهة في الأساطير اليونانية.
في البداية، كان يُعتَقَد أن المعبد كان مبنياً من الخشب، ولكن في وقت لاحق تم استبداله بالحجر. يُعَدُّ هذا المعبد من بين أقدم المعابد في اليونان، وكان يتميز بوجود 16 عموداً. ومع ذلك، تعرّض المعبد للدمار بسبب زلزال في القرن الرابع الميلادي.
أثناء عمليات التنقيب، تم العثور على رأس رخامي لتمثال يُصوِّر هيرا، إضافةً إلى تمثال هيرميس الذي نحته النحات براكسيتليس. هذه الآثار تُظهِر أهمية المعبد والفن اليوناني القديم، وتسلط الضوء على تفاصيل حياة الآلهة وأهميتها في الثقافة اليونانية القديمة.
اليونان القديمة: بوابة الحضارة والإبداع
تشكلت اليونان القديمة، المعروفة أيضاً باسم اليونان، كمهد لإحدى أعظم الحضارات في التاريخ الإنساني. هذه الحضارة استمرت لقرون عديدة، تاريخها يمتد من حوالي القرن الثالث عشر قبل الميلاد حتى نهاية القرن السادس الميلادي، وتحفل بفترات مختلفة وثقافة غنية شكلت أساساً للتقدم الإنساني.
انطلقت اليونان القديمة بعد انهيار العصور المظلمة اليونانية، حيث شهدت تكوين البوليس اليونانية، وهي مجتمعات حضرية مستقلة مثل أثينا وسبارتا، والتي أسهمت في بناء الحضارة اليونانية القديمة. بدأت هذه الحقبة بتكوُّن فترة اليونان العتيقة، حيث تميزت بتوسع الثقافة اليونانية في حوض البحر الأبيض المتوسط من خلال عمليات الاستعمار.
تلا ذلك فترة اليونان الكلاسيكية، والتي تميزت بالحروب الفارسية اليونانية وابتكارات ذهبية في العلوم والفنون والفلسفة. كانت هذه الفترة محط إعجاب العالم بأكمله بفضل الأعمال الفنية الرائعة، مثل النحت والهندسة المعمارية، إضافة إلى الفلسفة الكلاسيكية التي تركت بصمة عميقة في تفكير البشر.
بفضل الفتوحات التي قادها الإسكندر الأكبر، انتقلت الحضارة اليونانية من فترة الهلنستية إلى المناطق الوسطى والشرقية للبحر الأبيض المتوسط. استمرت هذه الحقبة حتى استيلاء الرومان على المنطقة، حيث أسهمت في تشكيل الثقافة الرومانية والتأثير القائم إلى اليوم.
لم تكن الإسهامات اليونانية مقتصرة على الفنون والعلوم فقط، بل امتدت إلى الفلسفة والرياضيات. كانت الثقافة اليونانية تؤكد على الروابط بين العلم والدين، وكانت الرياضيات وسيلة للتقدم نحو المعرفة والإلهية. في النهاية، تظل الحضارة اليونانية القديمة رمزاً للإبداع والتفوق البشري، حيث كانت محوراً لتشكيل الحاضر والمستقبل، ومنحت العالم مفهوماً جديداً للحياة والتفكير. وبفضل تأثيرها الكبير على روما القديمة، نجد أن الثقافة اليونانية الكلاسيكية أسهمت بشكل كبير في تشكيل الأسس الثقافية والفكرية للعالم الغربي الحديث. أدرك الرومان أهمية هذا التأثير ونقلوا العديد من العناصر الثقافية والفلسفية اليونانية إلى إمبراطوريتهم، وهو ما ساهم في تطوير المجتمع الروماني وتعزيز مكانتهم في العالم القديم. تتجلى أهمية الحضارة اليونانية القديمة في استمرار تأثيرها على الثقافة الغربية المعاصرة. يستمر تاريخ ليونان القديمة في أن يكون مصدر إلهام للفنون، والأدب، والعلوم. تعتبر الأفكار الفلسفية لعلماء مثل أفلاطون وأرسطو وسقراط مرجعاً حيوياً للعديد من المفاهيم الفلسفية المعاصرة. الفكر الديمقراطي الذي نشأ في أثينا أيضاً يلقى تأثيراً مستمراً في الأنظمة الحكومية الحديثة.
باختصار، لا يمكن إغفال دور اليونان القديمة كمحطة حضارية مبدعة ورائدة في التاريخ الإنساني. فقد كانت محوراً للفكر والفن والعلوم، وما زالت ذاكرتها تعيش في الحاضر، تروي قصة تطور الإنسان وتسهم في بناء مستقبله.
التسلسل الزمني للعصور القديمة الكلاسيكية في اليونان
تمتد العصور القديمة الكلاسيكية في اليونان على مدى فترة زمنية تشهد تطورات ثقافية وسياسية هامة. إليك لمحة عن التسلسل الزمني لهذه الفترة المهمة:
1. العصور المظلمة اليونانية (حوالي 1200 - حوالي 800 ق.م):
• يُعتبر هذا الفترة منخفضاً في التطور الثقافي والاقتصادي بعد انهيار الحضارة الميكانيكية.
• تتميز بأنماط التصاميم الهندسية والهندسية على الفخار.
2. العصر العتيق (حوالي القرن الثامن قبل الميلاد):
• شهد تطورات في الثقافة والمجتمع اليوناني، وكانت أساساً للفترة الكلاسيكية.
3. العصر الكلاسيكي (القرن الخامس حتى وفاة الإسكندر الأكبر في 323 ق.م):
• بدأ بانتصار اليونان على الفرس في حروب البحر اليونانية وشهد قمة تألق أثينا.
• ازدهرت الفنون والعلوم، ونُفِّذت أعظم الأعمال المعمارية مثل البارثينون.
• حكم أسبرطة أثينا في فترات مختلفة.
4. العصر الهلنستي (323-146 ق.م):
• امتدت الثقافة اليونانية إلى الشرق الأدنى والأوسط بعد وفاة الإسكندر الأكبر.
• شهدت فترة ازدهار الفنون والعلوم.
5. اليونان الرومانية (بين 146 ق.م - 330 م):
• استمرت بين النصر الروماني على كورنث في 146 ق.م وتأسيس بيزنطة كعاصمة للإمبراطورية الرومانية في 330 م.
6. العصور القديمة المتأخرة (ما بعد الرابع إلى أوائل القرن السادس الميلادي):
• تشير إلى فترة التنصير خلال ما بعد القرن الرابع، وقد أُغلِقت أكاديمية أثينا عام 529 م على يد جستينيان الأول.
تعكس هذه الفترات العديد من المحطات الهامة في تاريخ اليونان القديمة، حيث شكلت تطوراتها الأساس للثقافة الغربية والتأثير الباقي حتى يومنا هذا.
التأريخ في اليونان القديمة
1- هيرودوت وبدايات التأريخ:
هيرودوت، المعروف بأب التاريخ، كتب عمله "تاريخ" في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث قدم سجلاً شاملاً لأحداث تلك الفترة. استخدم هيرودوت طريقة السرد التاريخي لتحليل أسباب ونتائج الحروب والأحداث الثقافية.
2- تطور علم التأريخ:
• ثوسيديديس: واصل السجل التاريخي بعد هيرودوت، حيث تناول في تاريخه "حروب البيلوبونيز" الصراعات بين أثينا وسبارطة.
• كسينوفون: تناول الفترة التي تلت "حروب البيلوبونيس" ووفاة سقراط.
• ديموستينيس: ترك تسجيلات للخطب السياسية والمحاكمات في أثينا.
3- التأثير الأثرياء:
• أفلاطون وأرسطو: ركزا على تحليل الحياة السياسية والفلسفية، حيث قاموا بتسجيل الأفكار والنقاشات.
4- القيود والتحديات:
• التحيز الأثيني: كانت معظم المؤرخين تركز على أثينا، مما يجعل بعض الجوانب الاقتصادية والاجتماعية غير موثقة بشكل جيد.
• تجاهل للقضايا الاجتماعية والاقتصادية: كان التركيز أكثر على الجوانب السياسية والعسكرية.
في نهاية اليوم، رغم هذه القيود، كانت الأعمال التاريخية في اليونان القديمة تشكل جزءاً مهماً من الإرث الثقافي، حيث قدمت فهماً أساسياً لأحداث العالم القديم وأسباب تطوره.
الفترة العتيقة في اليونان:
- الإنقاذ من العصور المظلمة:
في القرن الثامن قبل الميلاد، بدأت اليونان في الخروج من ظلام العصور المظلمة التي أعقبت انهيار الحضارة الميكانية. هذه الفترة كانت محطمة للأدب والثقافة، حيث فقد اليونانيون مهارات القراءة والكتابة وحتى نسوا الكتابة الميكانية.
- تبني الأبجدية اليونانية:
لكن خلال هذه الفترة، تطورت لغة اليونانيين وثقافتهم بشكل تدريجي. اعتمدوا الأبجدية الفينيقية وقاموا بتعديلها لإنشاء الأبجدية اليونانية. على الرغم من وجود بعض الدلائل على الكتابة بالفينيقية في اليونان منذ القرن التاسع قبل الميلاد، إلا أن أول دليل قوي على الكتابة اليونانية يعود إلى منتصف القرن الثامن.
- تجزئة اليونان: شهدت اليونان تقسيماً إقليمياً إلى العديد من مجتمعات الحكم الذاتي الصغيرة. كانت الجغرافيا اليونانية هي المحرك الرئيسي لهذا التجزؤ، حيث كانت الجزر والوديان والسهول مفصولة عن بعضها البعض بفضل البحار والسلاسل الجبلية.
- تأثير البحر والجغرافيا:
• الاتصال البحري: كانت البحار وسيلة رئيسية للتواصل، مما أدى إلى تشجيع التبادل الثقافي والتجاري بين المجتمعات اليونانية المختلفة.
• العزلة الجغرافية: سهلت الجغرافيا اليونانية على كل مجتمع الحفاظ على هويته ونظام حكمه الذاتي.
رغم تحديات العصور المظلمة، نجح اليونانيون في إحياء ثقافتهم وتطوير لغتهم، وبدأوا في بناء المجتمعات المحلية الذاتية التي ستسهم في نهضتهم الثقافية والاقتصادية في الفترات اللاحقة.
حرب ليلانتين: الصراعات الاجتماعية في اليونان القديمة
تاريخ اليونان القديمة شهد العديد من النزاعات والحروب، ومن بين هذه الصراعات كانت حرب ليلانتين (حوالي 710 - 650 ق.م)، وهي أقدم حرب موثقة من العصر اليوناني القديم.
- السبب الرئيسي:
نشأت الحرب نتيجة التوترات الاجتماعية التي طغت على المدينتين خالكيذا وإريتريا. في النصف الأول من القرن السابع قبل الميلاد، ظهرت طبقة تجارية جديدة نتيجة ظهور العملات حوالي 680 ق.م. وأدى ظهور هذه الطبقة إلى توتر بين الأرستقراطيين الحاكمين والتجار الذين كانوا يسعون للمزيد من السلطة السياسية.
- التحول الاجتماعي:
شهدت اليونان في هذه الفترة تحولات اجتماعية، حيث كان النظام الأرستقراطي المعتاد يواجه تحديات من التجار الثريين الذين يرغبون في السيطرة على السلطة السياسية. كان التنافس بين الفقراء والأغنياء يتصاعد في الدول المدينة، وظهرت طغياناً شعبوياً، مهددة بالنخب الحاكمة.
- الآثار الاقتصادية: زاد نمو السكان ونقص الأراضي الزراعية من حدوث صراعات داخلية بين الطبقات الاجتماعية. في إسبرطة، أدت الحروب الميسينية إلى استعباد الميسينيين وغزو ميسينيا، مما أدى إلى ظهور ثورة اجتماعية.
خلاصة القول، تعد حرب ليلانتين جزءاً من الفترة المثيرة في تاريخ اليونان القديمة، حيث انعكست التحولات الاقتصادية والاجتماعية في نزاعات دامية. هذه الفترة الزمنية المبكرة ساهمت في بناء الأسس للتطورات المستقبلية في الحضارة اليونانية.
نظام الهيلوتس والإصلاحات الاجتماعية في أسبرطة وأثينا:
- الهيلوتس في أسبرطة:
في أسبرطة، تم استعباد السكان الذين تم إخضاعهم والذين عرفوا باسم "هيلوتس". كانوا يُجبرون على العمل وتشغيلهم من أجل المدينة. بالمقابل، كان كل مواطن في أسبرطة جندياً دائماً في الجيش الأسبرطي. حتى النخبة كانت ملزمة بالتدريب العسكري والخدمة. هذا النظام العسكري الثابت له هيلوتس والمواطنين أسهم في تقليل التوتر الاجتماعي، حيث أصبح لديهم جميعًا مسؤولية عسكرية مشتركة.
- إصلاحات ليكرجوس:
يُعزى الإصلاحات الاجتماعية في أسبرطة إلى ليكرجوس أسبرطة، وقد اكتملت حوالي 650 ق.م. جعلت هذه الإصلاحات الخدمة العسكرية إلزامية لجميع المواطنين، سواء كانوا غنيين أو فقراء، وهو ما عمل على تقليل الصراعات الاجتماعية.
- أزمة أثينا وإصلاحات سولون:
في أثينا، عانت من أزمة في الأراضي والزراعة في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، مما أدى إلى نزاع أهلي. قام الأركون دراكو بتنفيذ إصلاحات صارمة في القانون عام 621 ق.م، ولكنها فشلت في إنهاء الصراعات. في نهاية المطاف، قامت إصلاحات سولون في عام 594 ق.م بتحسين أحوال الفقراء، ولكنها في الوقت ذاته رسخت هيمنة الأرستقراطية في السلطة. توفرت بعض الاستقرار في أثينا على إثر هذه الإصلاحات المعتدلة.
خلاصة، تعكس هذه الإصلاحات والأنظمة في أسبرطة وأثينا محاولات معالجة التوترات الاجتماعية من خلال التفاعل بين الطبقات المختلفة في المجتمع، وقد ساهمت في بناء أسس أكثر استقراراً للحياة الاجتماعية والسياسية في هاتين الدولتين اليونانيتين.
اليونان في القرن السادس قبل الميلاد: توسع ونمو اقتصادي
- الهجرة والتوسع اليوناني: في القرن السادس قبل الميلاد، شهدت اليونان نهضة اقتصادية وتوسعاً ثقافياً. ظهرت العديد من المدن المهيمنة مثل أثينا، أسبرطة، كورنث، وثيفا. كل مدينة قامت بخضوع المناطق الريفية والبلدات الصغيرة المحيطة بها، وأصبحت أثينا وكورنث قوى بحرية وتجارية كبرى.
- الهجرة والمستعمرات: شهدت اليونان في القرون الثامن والتاسع قبل الميلاد هجرة واسعة النطاق، حيث قام الإغريق بتأسيس مستعمرات في مناطق مثل ماجنا غراسيا (جنوب إيطاليا وصقلية) وآسيا الصغرى. على الرغم من أن هذه المستعمرات لم تكن تخضع للسيطرة السياسية المباشرة من المدن المؤسسة، إلا أنها احتفظت بروابط دينية وتجارية معها.
- الصراعات والتنافس: أدت عملية الهجرة إلى صراعات طويلة بين المدن اليونانية في صقلية، خاصةً مع سرقوسة وقرطاجة. استمرت هذه الصراعات من 600 ق.م إلى 265 ق.م، حيث دخلت رومانيا في تحالف لمواجهة التهديدات. روما أصبحت بالتالي القوة المهيمنة ضد القوى اليونانية في الصقلية والتفوق القرطاجي.
- النمو الاقتصادي: شهدت اليونان في هذه الفترة تنمية اقتصادية ضخمة، وكذلك في مستعمراتها. شهدت التجارة والصناعة نمواً كبيراً، وتحسنت مستويات المعيشة للسكان. زاد متوسط حجم الأسرة اليونانية بشكل كبير، مما يشير إلى ازدهار الاقتصاد وتحسن الظروف المعيشية.
بهذا الشكل، أسهمت التطورات الاقتصادية والهجرة في بناء أسس لفترة من الاستقرار والازدهار في اليونان خلال القرن السادس قبل الميلاد.
ثورة الديمقراطية في أثينا في القرن السادس قبل الميلاد:
- الخلفية:
في النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد، شهدت أثينا تحولات سياسية هامة. سيطرت على المدينة أسرة بيسيستراتوس وأبناؤه، هيبياس وهيبارخوس، في نظام طغياني.
- الإطاحة بالطغاة:
في 510 ق.م، دعم الملك الإسبرطي كليومينس الأول الأثينيين في إسقاط الطغاة. ومع ذلك، بعد النجاح في التخلص من الطغاة، توترت العلاقة بين أثينا وأسبرطة.
- ثورة الديمقراطية:
تحت قيادة كليسثنيس، قدمت أثينا مفهوماً جديداً للحكم: الديمقراطية. في عام 508 ق.م، أقنع كليسثنيس زملاءه المواطنين بفكرة أن جميع المواطنين يجب أن يشاركوا في صنع القرارات السياسية، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي.
- تأسيس الديمقراطية:
بهمة كبيرة، قبل الأثينيون فكرة الديمقراطية وتبنوها. تم إطاحة إيساغوراس وتنفيذ إصلاحات كليسثنيس، وأصبحت أثينا تعتمد نظاماً ديمقراطياً حيث يشارك جميع المواطنين في اتخاذ القرارات السياسية.
- مواجهة التحديات:
بفضل الديمقراطية، تمكنت أثينا من صد غزو ثلاثي من قبل إسبرطة، حيث كانوا يسعون لاستعادة النظام الطاغي. شهدت أثينا "العصر الذهبي"، حيث ازدهرت الحياة الثقافية والفنية والاقتصادية.
خلاصة القول، ثورة الديمقراطية في أثينا لها أثر هائل على تاريخ اليونان القديمة. ساهمت هذه الفكرة في تحقيق الاستقرار والازدهار في المدينة، وأرست أسسًا للنظام الديمقراطي الذي أصبح جزءاً أساسياً من تراث الحضارة الغربية.
الحروب اليونانية الفارسية وتأثيرها:
- التمرد الأيوني: في 499 ق.م، شهدت الدول الأيونية تمرداً ضد الحكم الفارسي، الذي دعمهم الأثينيون والإريتريين. انتهت التمردات بسقوط سارد، لكنها أسفرت عن إشعال التوتر بين اليونان والفرس.
- معركة ماراثون (490 ق.م): في رد فعل على دعم الأثينيين للتمرد، قاد داريوس الفارس حملة ضد أثينا. في معركة ماراثون، نجحت أثينا وحلفاؤها في هزيمة الجيش الفارسي رغم التفوق العددي للأخيرين.
- حملة ثانية (480 - 479 ق.م): قاد ابن داريوس، خشايارشا، حملة ثانية. هزمت الفرس قوات يونانية في ثيرموبيلي، ولكن تعويضاً، حقق اليونانيون انتصاراً بحرياً في سالاميس وعلى الأرض في بلاتيا.
- نهاية التحالف: بعد 450 ق.م، انحسرت حملات اليونان ضد فارس. زادت نفوذ أثينا، وأصبحت القوة البحرية الرائدة. انتهت الحروب مع هزيمة كاتاسترفيكية في مصر ووفاة كيمون في قبرص.
- الحلف الديلي: تحول التحالف الدفاعي اليوناني تدريجياً إلى إمبراطورية أثينا، مع تأثير القوة البحرية الهائلة لأثينا في إقناع الدول بالامتثال لسياستها. أنهت أثينا حملاتها ضد فارس في 450 ق.م.
خلاصة القول، رغم نهاية التحالف العسكري اليوناني، برزت أثينا باعتبارها قوة إمبراطورية، وكانت تلك الفترة محورية في تاريخ اليونان الكلاسيكية، حيث أثرت الأحداث بشكل كبير على التطور السياسي والثقافي في المنطقة.
في العصر القديم، كانت الحروب في اليونان تتسم بطبيعة فريدة نتيجة التنظيم السياسي والاقتصادي للمجتمعات المتنافسة. اليونان القديمة كانت تتألف من عدة دول مدينة متنافسة، وكل منها كانت تعتمد على مواطنيها للقتال. بسبب عدم وجود جيوش مهنية قوية، كانت الحروب تعتمد بشكل كبير على المواطنين الذين كانوا يخدمون في الجيش بشكل دوري. هذا النظام قلل من فترة الحملات العسكرية، حيث كان يتعين على المواطنين العودة إلى مهنهم بعد انتهاء الحملة.
كانت المعارك غالباً ما تكون قليلة وحاسمة، وكانت تهدف إلى تحديد النتائج في مواجهة واحدة. رغم أن الخسائر كانت طفيفة مقارنة بالحروب اللاحقة، إلا أن القتلى غالباً ما كانوا يشملون الشخصيات الهامة في المجتمع، مثل الجنرالات والمواطنين البارزين.
تغيرت حجم ونطاق الحروب في اليونان القديمة بشكل كبير خلال حروب الفارسية اليونانية، حيث تجاوزت قوة الإمبراطورية الأخمينية قوة دول المدينة الفردية. تحقق الانتصار لليونانيين من خلال تشكيل تحالفات قوية بين دول المدينة المتنافسة، مما أتاح تجميع الموارد وتقسيم العمل. شهدت الحروب البيلوبونيسية تطوراً في طبيعة الحروب والاستراتيجيات المستخدمة، حيث اعتمدت على الاستراتيجيات الاحتجاجية، والمعارك البحرية، والحصار البحري والأرضي.
تمتلك أثينا وأسبرطة في هذه الحقبة أحد أكبر أساطيل الحرب في اليونان القديمة. وكان لديهم القدرة على شراء وصيانة أساطيل ضخمة بفضل الثروات الهائلة التي تمتلكها أثينا، والتي جاءت أساساً من مناجم الفضة التي كانت تعمل بها العبيد.
الحروب في اليونان القديمة، خاصةً في فترة حروب الفارسية والحروب البيلوبونيسية، كانت تعكس تطوراً هاماً في استراتيجيات وتكتيكات الحرب. قامت دول المدينة بتشكيل تحالفات لتعزيز قوتها ومواجهة التحديات الكبيرة. كان للحروب تأثير على هيكل المجتمع والاقتصاد والثقافة في اليونان.
تغيرت الحروب من مفهوم المعارك الفردية إلى استراتيجيات أكثر تعقيداً، مع التركيز على المعارك البحرية، والحصار البحري والأرضي، والاستراتيجيات الاقتصادية. كان لدى أثينا، بفضل أسطولها البحري القوي، دور هام في تشكيل مسار الحروب والتأثير على نتائجها.
من خلال هذه الحروب، تحدث تطور في فهم اليونان للحرب والاستراتيجيات العسكرية. تأثرت الحروب بشكل كبير بالثقافة والتاريخ اليوناني، وأثرت في تشكيل المصائر السياسية لدول المدينة.
في النهاية، أثرت الحروب على الحياة اليونانية بشكل عام، مع تأثير على البنية الاجتماعية والاقتصاد والفنون والفلسفة. على الرغم من الآثار السلبية للحروب، إلا أنها كانت أيضاً عاملاً محفزاً للتطور والابتكار في مختلف جوانب الحياة اليونانية.
الحرب البيلوبونيزية: تطورات ونهاية
- تصاعد التوتر بين إسبرطة وأثينا: في أعقاب الحروب الفارسية، زاد التوتر بين إسبرطة وأثينا، حيث شككت إسبرطة في نفوذ أثينا وحلفائها. زادت التوترات بسبب تدخل أثينا في دعم أعضاء حلف الديلي الذين كانوا يرغبون في التمرد.
- التمرد والصراع: في 462 ق.م، قدمت أثينا مساعدة لإسبرطة لسحق تمرد الهيلوتس، لكن تم رفض المساعدة من قبل إسبرطة. تصاعدت التوترات واندلعت الحرب بين الطرفين في 431 ق.م.
- الحرب البيلوبونيسية: تعد الحرب البيلوبونيسية (431-404 ق.م) من أهم الصراعات في التاريخ اليوناني. كانت فترة من التقلبات والمعارك الدائرة بين أثينا وإسبرطة وحلفائهما.
- التوترات والمعارك الرئيسية:
• معركة بيلوبونيس: في 425 ق.م، حدثت معركة بيلوبونيس حيث انتصرت أثينا على إسبرطة.
• الحملة الصقلية: في 415 ق.م، أثينا شنت حملة على صقلية، ولكن انتهت بكارثة بسبب الهزيمة وفقدان الأسطول والجيش.
• معركة أيجوسبوتامي: في 405 ق.م، هُزمت أثينا في معركة أيجوسبوتامي، وبدأ حصار ميناء أثينا.
- نهاية الحرب:
بعد الحصار وتدهور أوضاع أثينا، دعت إلى السلام ووافقت على تسليم أسطولها والانضمام إلى الرابطة البيلوبونيزية بقيادة إسبرطة. انتهت الحرب البيلوبونيسية في 404 ق.م.
- تأثيرات الحرب:
• شهدت أثينا خسائر هائلة في السكان والموارد.
• نتجت عن الحرب تغيرات في التوازن السياسي والاقتصادي في اليونان القديمة.
• أسفرت عن نهاية العصر الذهبي لأثينا وتراجع نفوذها. الحرب البيلوبونيسية كانت نقطة تحول حاسمة في تاريخ اليونان القديمة وأثرت بشكل كبير على مسار تطورها المستقبلي.
- تأثيرات الحرب البيلوبونيسية:
1- تدهور القوة الأثينية:
• أدت الحرب إلى تدهور القوة الأثينية، حيث خسرت أثينا نفوذها وسطوتها في اليونان.
• تأثرت الاقتصادية الأثينية وتضررت البنية التحتية.
2- تأثيرات اقتصادية: الحرب سببت خسائر هائلة في الموارد البشرية والاقتصادية، مما أثر على حالة اليونان الاقتصادية.
3- انهيار الديمقراطية الأثينية: تأثرت نظام الديمقراطية في أثينا بشكل كبير، وفي نهاية المطاف، أدى ذلك إلى انهيارها.
4- النزاعات الداخلية: أدت تداعيات الحرب إلى نشوب نزاعات داخلية في اليونان، مع تورط المدن اليونانية في صراعات مستمرة.
5- انهيار الرابطة البيلوبونيزية: على الرغم من فوز إسبرطة، إلا أن الرابطة البيلوبونيزية انهارت فيما بعد بسبب تنافس المدن اليونانية.
6- تأثيرات طويلة المدى: شكلت الحرب تأثيرات طويلة المدى على تاريخ اليونان، وأعادت ترتيب البطاقة السياسية والعسكرية.
7- ظهور المقدونيين: بعد الحرب، ظهرت قوة جديدة في المنطقة، وهي المملكة المقدونية التي أخذت تتأثر بالتطورات اليونانية.
8- تأثيرات ثقافية: أثرت الحرب على الأدب والثقافة اليونانية، وأشعلت حوارات فلسفية حول السياسة والحرب والقيم.
- الانتهاء من الفترة الكلاسيكية: انتهت الحرب البيلوبونيسية بوقت يُعتبر نهاية الفترة الكلاسيكية لليونان القديمة. بدأت الفترة الهيلينستية بعد هذا الصراع، والذي شهد تغيرات جذرية في السياسة والثقافة اليونانية.
مرحلة التحولات :
في القرن الرابع قبل الميلاد، دخلت اليونان في فترة مليئة بالتحولات والتغيرات السياسية والعسكرية. كانت إسبرطة تحتل مكانة هامة في هذا السياق، حيث كانت تسعى لتحقيق هيمنة على المشهد اليوناني. ومع ذلك، كانت هذه الهيمنة ضعيفة منذ البداية، وكانت إسبرطة تواجه أزمة ديموغرافية واقتصادية، حيث كانت فوق طاقتها.
في عام 395 ق.م، بدأت الدول اليونانية الأخرى مثل أثينا وآرغوس وثيفا وكورنث في التحالف معاً لتحدي هيمنة إسبرطة. نتج عن هذا التحالف نشوب حرب كورنثية التي استمرت حتى عام 387 ق.م. انتهت الحرب بعد تهديد بالتدخل الفارسي نيابة عن إسبرطة، وعادت الأمور إلى وضعها الطبيعي.
استمرت هيمنة إسبرطة لمدة 16 سنة إضافية، ولكن في عام 371 ق.م، هُزمت في معركة ليوكترا عندما حاولت فرض إرادتها على ثيفا. هذا الهزيمة أدت إلى انشقاق الدول اليونانية الأخرى عن هيمنة إسبرطة، وأصبحت ثيفا قادرة على تحرير ميسينيا.
في الفترة التالية، فقدت إسبرطة تدريجياً نفوذها وأراضيها، وأصبحت قوة من الدرجة الثانية. في 362 ق.م، فقدت ثيفا القائد إبامينونداس والكثير من قوتها، وأدى ذلك إلى تقليل الهيمنة الإسبرطية.
وفي هذا السياق، صعدت مملكة مقدونيا بقيادة فيليب الثاني. في غضون عشرين سنة، نجح فيليب في توحيد مملكته وتوسيع نفوذه، وأخذ يتدخل في شؤون الدول اليونانية الأخرى. في النهاية، في 338 ق.م، هزم فيليب جيشي ثيفا وأثينا في معركة خيرونيا، وأصبح هو القوة المهيمنة على اليونان.
بعد وفاة فيليب الثاني، استمر ابنه الإسكندر الأكبر في توسيع نفوذ مقدونيا، وهزم دارا الثالث الفارسي ودمر إمبراطوريته. هذا الفوز جعل الإسكندر الأكبر الحاكم الفعلي لليونان، ولكن بعد وفاته في 323 ق.م، حدث تحول أساسي نحو الثقافة الهلنستية التي تأثرت بتأثيرات شرقية ومصرية وأفكار فلسفية جديدة، وبدأت فترة هلنستية جديدة في تاريخ اليونان.
اليونان الهلنستية :
فترة اليونان الهلنستية، التي امتدت من عام 323 ق.م إلى ضم اليونان تحت السيطرة الرومانية في 146 ق.م، شهدت تحولات هامة في التاريخ اليوناني. بعد وفاة الإسكندر الأكبر، تم تقسيم إمبراطوريته إلى قطع صغيرة تحكمها ممالك مختلفة، مما أدى إلى ظهور مجموعة من الدول الهلنستية.
خلال هذه الفترة، انخرطت اليونان في الحروب والتحالفات، وتأثرت بشكل كبير بالتغيرات الثقافية والاقتصادية. انخرطت معظم المدن اليونانية في تحالفات مع الممالك الهلنستية الكبرى، مثل المملكة البطلمية والإمبراطورية السلوقية.
نمت الإمدادات الثقافية والفكرية في مراكز مثل الإسكندرية وأنطاكية، وكانت هناك حركة هجرة وتبادل ثقافي بين المدن اليونانية والممالك الهلنستية. اندلعت الصراعات والحروب بين هذه الممالك وبين المدن اليونانية المتحالفة أو المتنافسة.
مع تقدم الوقت، بدأت روما في التوسع في المنطقة وشنت حروباً على الممالك الهلنستية. في 146 ق.م، تم ضم اليونان تحت السيطرة الرومانية بعد الفوز في الحرب الرومانية- الهلنستية. كانت هذه الفترة نهاية للاستقلال السياسي اليوناني.
مع ذلك، استمرت الثقافة الهلنستية في الأثر على المنطقة، حيث أظهر الرومان احتراماً للتقاليد والفنون اليونانية. استمرت المدن اليونانية في الحفاظ على هويتها الثقافية، ولكن بتأثير قوي من الفنون والعلوم والفلسفة الهلنستية.
بشكل عام، كانت فترة اليونان الهلنستية فترة معقدة وحيوية، شهدت تحولات هامة في السياسة والثقافة، وكانت تمهد الطريق للعصور التالية في التاريخ اليوناني والروماني.
في أعقاب ضم اليونان تحت السيطرة الرومانية، استمرت الحياة الثقافية والسياسية اليونانية بتأثير هلنستي. على الرغم من أن السلطة الرومانية كانت قائمة، إلا أن اليونانيين الذكاء والفنانين والفلاسفة استمروا في إثراء التراث الثقافي اليوناني.
الإمبراطورية الرومانية أدرجت اليونان في إدارتها، وأصبحت مدنها مراكزاً للتعليم والفنون. كانت أثينا، رغم أنها فقدت أهميتها السياسية، تظل مركزاً حيوياً للثقافة والفلسفة. الأكاديميات والمدارس الفلسفية في اليونان استمرت في الازدهار، والفلاسفة مثل إبيكورس وإبيكتيتوس وجالينوس ساهموا في تطوير المعرفة الطبية والفلسفية.
في مجال الفنون، تأثرت الرسم والمعمار والأدب اليوناني بالأسلوب الهلنستي والروماني. ظهرت أعمال فنية تجسد تواصل الفنون اليونانية والرومانية، مما أدى إلى تشكيل فترة فنية فريدة. استمرت الأفكار الفلسفية اليونانية، بما في ذلك الأفكار المأخوذة من أفلاطون وأرسطو، في ممارسة تأثير كبير على الفكر الغربي.
مع تباعد الزمن، امتزجت الهويات الثقافية اليونانية والرومانية، وشكلت ما يعرف بالتراث الكلاسيكي. بالرغم من امتلاك الرومان للسلطة السياسية، إلا أنهم احترموا واستفادوا من التراث اليوناني الغني، وجعلوه جزءاً أساسياً من تشكيل هويتهم الثقافية.
في القرون الوسطى، تأثرت الثقافة الهلنستية بالتقاليد المسيحية الصاعدة، وشكلت تحولات هامة في التاريخ الثقافي للمنطقة. ومع مرور الوقت، أصبحت الفترة الهلنستية جزءاً لا يتجزأ من الإرث الثقافي والتاريخي اليوناني والغربي بشكل عام، وظلت تمثل فترة هامة في تطور الحضارة الإنسانية.
اليونان الرومانية :
بعد معركة كورنث في 146 ق.م، سقطت شبه الجزيرة اليونانية تحت السيطرة الرومانية، وتحولت مقدونيا إلى مقاطعة رومانية، بينما أُشرف على جنوب اليونان من قِبَل بريفيكتوس مقدونيا. على الرغم من هذه السيطرة الرومانية، تمكنت بعض المدن اليونانية من الحفاظ على درجة من الاستقلال وتجنب الضرائب. في عام 133 ق.م، تمت إضافة جزر بحر إيجه إلى هذه الأراضي، ولكن ثارت أثينا ومدن يونانية أخرى في 88 ق.م وتمت قمعها بوحشية من قبل الجنرال سولا الروماني.
الحروب الأهلية الرومانية الداخلية دمرت المنطقة، وكان لها تأثير كبير على الحياة اليونانية. ومع ذلك، قام أغسطس بتنظيم شبه الجزيرة اليونانية كمقاطعة آخايا في عام 27 ق.م. بذلك، أصبحت اليونان جزءاً أساسياً من الإمبراطورية الرومانية.
كانت اليونان مقاطعة رئيسية في الإمبراطورية الرومانية، وكانت اللغة اليونانية هي لغة المشتركة في الشرق وإيطاليا. كانت الثقافة الرومانية واليونانية تتشابك بشكل وثيق، واللغة اليونانية كانت لغة العلم والفنون والتفكير الفلسفي في روما.
أدت العديد من المفكرين اليونانيين، مثل جالينوس، دوراً هاماً في تقديم المساهمات في مجالات الطب والعلوم الطبية. ومع مرور الوقت، امتزجت الهويات الثقافية الرومانية واليونانية، وتشكلت حضارة مدمجة تعرف بـ "اليونان الرومانية". هذه الحقبة الزمنية شهدت استمرار التأثير اليوناني في الثقافة والفنون والعلوم في الإمبراطورية الرومانية.
الجغرافيا:
الجغرافيا الفريدة لليونان القديمة كانت جزءاً أساسياً من تشكيلها الثقافي والسياسي. الطابع الجبلي لليونان والتضاريس الوعرة قادت إلى تشكيل مجتمعات مستقلة ومتنوعة. كانت المدن غالباً ما تتواجد في الوديان بين الجبال أو على السواحل، وكانت تسيطر على مناطق محددة.
تأثرت الهندسة الطبيعية لليونان بتواجدها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مما أدى إلى تطوير مهارات الملاحة والتجارة. كانت الجزر اليونانية تشكل نقاطاً مهمة في البحر الأيوني والبحر الإيجا، وشكلت مركزاً للتجارة والتواصل الثقافي.
تقسم اليونان إلى عدة مناطق، كل منها يتمتع بثقافته ولهجته الخاصة. مناطق مثل بيلوبونيز ووسط اليونان ومقدونيا كانت تشكل أقاليماً مختلفة، وكان لكل منها خصوصياتها الثقافية واللغوية. هذه التنوعات الإقليمية ساهمت في تشكيل هويات محلية فريدة داخل اليونان.
من الناحية الجغرافية، كانت المدن اليونانية المتناثرة تؤدي دوراً هاماً في تحديد مسار الحروب والصراعات. كانت السهول الساحلية والوديان تشكل مواقع استراتيجية للمدن والممالك، وكانت المناطق الجبلية تعمل كحواجز طبيعية وملاذات أمنية.
إضافةً إلى التأثير الثقافي للجغرافيا على اليونان القديمة، كانت التضاريس الجغرافية أيضاً لها تأثير كبير على الاقتصاد وأسلوب حياة السكان. الأراضي الجبلية الوعرة أدت إلى اعتماد نمط حياة زراعي حيث كانت الزراعة تعتمد على التراسيب والوديان الخصبة بين الجبال.
الجغرافيا البحرية لليونان، بفضل وجود الجزر والشواطئ الطويلة، أسهمت في تطوير مهارات الملاحة والتجارة. كان لليونان دور بارز في تبادل البضائع والثقافة مع المدن الأخرى حول البحر الأبيض المتوسط.
بسبب التضاريس الصعبة، كانت اليونان تشهد نزاعات متكررة بين المدن والمناطق. كانت الحروب تحدث على نطاق ضيق نسبياً بسبب عدم إمكانية الحكومات القديمة الحفاظ على جيوش محترفة بشكل دائم. هذا الوضع أدى إلى حدوث نزاعات متقطعة وقصيرة، حيث كان يلزم على المواطنين الذهاب إلى المعركة والعودة بسرعة إلى أعمالهم.
في الختام، يظهر تأثير الجغرافيا الفريدة لليونان القديمة على جوانب حياتها المختلفة، بدءاً من الثقافة والاقتصاد وصولاً إلى النزاعات والحروب، مما يبرز أهمية العوامل الجغرافية في تشكيل مصائر الحضارات القديمة.
المستعمرات :
في الفترة بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد، شهدت المستعمرات اليونانية نمواً وتوسعاً كبيرين، وأصبحت هذه المستعمرات جزءاً مهماً من التجارة والحضارة اليونانية. تأسست هذه المستعمرات لأسباب متنوعة، بما في ذلك الضغط الديموغرافي، والبحث عن فرص اقتصادية وتجارية جديدة، والهجرة الجماعية بحثاً عن أراضٍ زراعية أفضل.
1- الاستعمار في البحر الأيوني:
• سواحل آسيا الصغرى: أسس اليونانيون المستعمرات على طول السواحل الغربية والشمالية لآسيا الصغرى، ومن بين هذه المستعمرات تأتي ميليتوس وإفيون وتراپيزونت وغيرها. كانت هذه المستعمرات نقاط تجارة حيوية ومراكز ثقافية مزدهرة.
• جزيرة قبرص: كانت قبرص هدفاً للمستعمرات اليونانية، حيث أسسوا مدناً مثل سلاميس وكورينثوس وكيتيون.
• سواحل البحر الأسود: امتدت المستعمرات اليونانية إلى شمال البحر الأسود، مع تأسيس مدن مثل أوديسا وتانايس وهيراكليا.
2- الاستعمار في البحر الأيجي:
• مصر: أسس اليونانيون مستعمرات في مصر، مثل ناوكراتيس وإلينكوس وطانيس، وأصبحت هذه المستعمرات مراكزًا للتجارة والتأثير الثقافي بين اليونان ومصر.
• ليبيا: كما امتدت المستعمرات إلى شمال أفريقيا، حيث أُسست مدن مثل سيرينايكا وكيرينايكا.
3- الاستعمار في المناطق الغربية:
• صقلية وجنوب إيطاليا: أصبحت صقلية وجنوب إيطاليا مواقع للمستعمرات اليونانية، مع تأسيس مدن مثل سيراكيوز وتارنتوم ونابولي، وأثرت هذه المستعمرات بشكل كبير على الثقافة الإيطالية.
• فرنسا وإسبانيا: انتقلت المستعمرات اليونانية أيضاً إلى مناطق أبعد في جنوب فرنسا وشمال شرق إسبانيا، مع تأسيس مدن مثل مرسيليا.
تأثرت المستعمرات اليونانية بالبيئة المحلية والتفاعل مع الثقافات الأخرى، مما أسهم في ترسيخ التأثير اليوناني على العالم القديم ونشر قيمها وثقافتها.
الهيكل السياسي والمجتمع في اليونان القديمة:
1. التكوين السياسي:
• الدول المدينة (البوليس): تمثلت اليونان القديمة في مئات الدول المدينة المستقلة، حيث كانت كل دولة تتمتع بحكومة وجيشها الخاص. كانت هذه الدول تعتبر نفسها شعباً واحداً بسبب وحدة الدين واللغة والثقافة.
• الاستقلالية القوية: رغم وحدة الأصل والثقافة، كان لدى الدول المدينة إصرار قوي على الاستقلال وعدم الالتحاق بتكتلات كبيرة. الدول المدينة نفسها كانت تتألف غالباً من مركز حضري ومناطق ريفية محيطة به.
2. التنظيم الاجتماعي:
• الطبقات الاجتماعية: كانت المجتمعات اليونانية تتألف عادة من طبقات مختلفة، مع وجود الطبقة الحاكمة (النبلاء) والطبقة العاملة (المزارعين والحرفيين). كان لديهم أيضاً مواطنون حريصون على حقوقهم السياسية.
• الرق والعبيد: كان هناك نظام للعبيد في المجتمع اليوناني، حيث كان العبيد يخدمون في مجموعة متنوعة من الوظائف، وكانوا غالباً ما يتمتعون بأقل حقوق من المواطنين.
3. الديمقراطية والحكومة:
• أثينا ونظام الديمقراطية: تألقت مدينة أثينا كمركز رائد للديمقراطية، حيث شهدت نظاماً سياسياً يتيح للمواطنين المشاركة في صنع القرار واختيار المسؤولين.
• الحكم الأرستقراطي والديموقراطية: في بعض المدن الأخرى مثل سبارتا، كان هناك نظام حكم أرستقراطي أو أنظمة ديموقراطية، حيث كان القادة يتم اختيارهم بناءً على الجدارة والمهارة العسكرية.
4. التحالفات والصراعات:
• الاتحادات والحروب: بينما كانت البوليس مستقلة، إلا أنها تشكلت في بعض الأحيان تحالفات لمواجهة التحديات الخارجية، مثل الحروب البيلوبونيسية. كما تطورت تحالفات ذات تأثير كبير، مثل الرابطة الدلماتية.
5. الثقافة والتأثير:
• الثقافة الموحدة: رغم التنوع السياسي، كان لدى اليونان ثقافة موحدة تعكس التميز في الفن والفلسفة والعلوم.
• التأثير الثقافي: المدينتين الرئيسيتين، أثينا وسبارتا، كان لهما تأثير هائل على الثقافة اليونانية والعالم القديم، حيث أنجبت الفلسفة والأعمال الأدبية الكلاسيكية.
في الختام، كانت اليونان القديمة تشهد تنوعًا كبيرًا في الهياكل السياسية والتنظيم الاجتماعي، ورغم تفردها في الاستقلالية، تركت بصمتها العميقة على التاريخ والحضارة الإنسانية.
الحكومة والقانون :
في اليونان القديمة، كانت الحكومة والقانون تمثلان جوانباً أساسية في تنظيم حياة المدينة وتحديد سيرورة الحياة الاجتماعية والسياسية. كانت معظم المدن اليونانية في بداياتها تتبع نظاماً ملكياً صغيراً، حيث كان هناك مسؤولون يحملون بعض الوظائف الاحتفالية المتبقية للملك، مثل بازيليوس أركون في أثينا.
مع مرور الوقت، شهدت البوليسات اليونانية تحولاً نحو الأوليغارشيا الأرستقراطية، حيث تراجعت سلطات الملوك وتم نقل المزيد من السلطة إلى الطبقة الأرستقراطية. هذا التغيير لم يحدث بشكل واضح في جميع المدن، ولكنه كان جزءاً من التطور السياسي والاجتماعي في العصور القديمة.
في أثينا، تطورت الأمور بشكل ملحوظ حيث انتقلوا من نظام يتضمن رئيساً قضائياً مستقلاً وراثياً إلى نظام حكم يشمل أركون يتم انتخابه سنوياً. وفي نهاية المطاف، أسس الأثينيون نظام ديمقراطي، حيث كانت المشاركة الشعبية هي السمة الرئيسية. تأسس مجلس المواطنين (الإكيلازيا) كهيئة قانونية تتناول سياسات المدينة، وكانت جميع الأفراد لديهم حقوق متساوية في المشاركة.
مع تأسيس الديمقراطية في أثينا، تأثرت المدن الأخرى في اليونان وبدأت في اعتماد أشكال مشابهة من الحكم. ومع ذلك، كانت هناك استثناءات، مثل حالة أسبرطة التي احتفظت بنوع من الحكومة الثنائية مع وجود ملوك يتم وراثتهم.
من الجدير بالذكر أن الديمقراطية في أثينا لم تشمل الجميع، حيث لم يكن لغير المواطنين، مثل الميتك والعبيد، حقوق سياسية. يعكس هذا الواقع التحولات والتنوع في تطور الحكم والقانون في المدن اليونانية خلال العصور القديمة.
بعد سقوط حكم الطغاة في أثينا ونهضة الديمقراطية، أصبحت الجمعية الشعبية (الإكليزيا) هي الآلية الرئيسية لاتخاذ القرارات وتحديد السياسات. ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات وتغييرات تمثلت في تطوير النظام الديمقراطي على مر الزمن.
إصلاحات سولون في بداية القرن السادس قبل الميلاد كانت من بين الخطوات التي تسببت في تحسين موقف الطبقات الفقيرة في المجتمع الأثيني. ومع تطور الديمقراطية، أصبحت هناك محاولات لتوسيع حقوق المواطنين، حيث سمح لأفقر الطبقات بالمشاركة في المجلس والترشح للمناصب.
في الفترة بين القرن الخامس والرابع قبل الميلاد، شهدت اليونان توسعاً في مفهوم الديمقراطية، حيث تم تكريس مفهوم المساواة وحقوق المواطنين بشكل أكبر. ومع ذلك، استمرت التحديات والصراعات الاجتماعية، وكانت هناك فترات من عدم الاستقرار.
من الجدير بالذكر أن مفهوم الديمقراطية في اليونان القديمة كان محدوداً، حيث لم تشمل جميع فئات المجتمع. غير المواطنين، مثل الأجانب (الميتك) والعبيد، لم يكون لديهم حقوق سياسية، وكانت المشاركة في القرارات محدودة للمواطنين فقط.
في النهاية، يعكس تطور الحكم والقانون في اليونان القديمة تحولات مستمرة في هياكل المجتمع وتوجهات الحكومة. كانت تلك التحولات جزءاً من رحلة تشكيل الديمقراطية كنظام حكم يعتمد على إرادة الشعب والمشاركة الشاملة في صنع القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
1. Simon Hornblower (17-1-2018), "Ancient Greek civilization," www.britannica.com, Retrieved 15-2-2018. Edited. 2. "Ancient Greek Civilization," www.timemaps.com, Retrieved 15-2-2018. Edited. 3. "Greek Achievements," www3.northern.edu, 24-3-2009, Retrieved 15-2-2018. Edited. 4. "Classical Colour Palette," visual-arts-cork, Retrieved 6/2/2022. Edited. 5. "What do colors mean in ancient Greece?" janetpanic, Retrieved 6/2/2022. Edited. 6. "Ancient Greek Color Vision," serendipstudio, Retrieved 6/2/2022. Edited. 7. "Top 10 Magnificent Examples of Ancient Greek Architecture," ancienthistorylists, Retrieved 11/1/2022. Edited. 8. "7 Of The Most Famous Monuments In Greece," bigseventravel, Retrieved 11/1/2022. Edited. 9. "10 Most Famous Greek Temples," touropia, Retrieved 11/1/2022. Edited. 10. "Ancient Greek civilization," Retrieved 12-1-2020. Edited. 11. "Top 10 Important Events of Ancient Greece," Retrieved 12-1-2020. Edited. 12. "Geography of Ancient Greece," Retrieved 12-1-2020. Edited. 13. "The Lives and Social Culture of Ancient Greece," Retrieved 12-1-2020. Edited. 14. "Archaeologies of the Greek Past," 13-12-2007. Retrieved 12-1-2020. Edited. 15. "Greek literature," Retrieved 12-1-2020. Edited. 16. "Top 10 Ancient Greek Philosophers," Retrieved 12-1-2020. Edited.