كلمة اليوم: نحو حوار وطني سوري جامع يرسخ الديمقراطية ويحمي وحدة البلاد
- Super User
- كلمة اليوم
- الزيارات: 1323
بقلم: د. عدنان بوزان
في ظل التحديات العميقة التي تواجه سوريا اليوم، بات من الضروري أن ينخرط جميع مكونات الشعب السوري في حوار وطني شامل، يكون بوصلته الوحيدة الحفاظ على وحدة البلاد، واستعادة القرار الوطني المستقل بعيداً عن أي أجندات خارجية. فهذا الحوار لا ينبغي أن يكون مجرد لقاء سياسي عابر، بل عملية تحول استراتيجي نحو دولة ديمقراطية تعترف بجميع مكوناتها، وتؤسس لمستقبل قائم على الحقوق والمواطنة المتساوية.
1- سوريا واحدة.. القرار سوري-سوري
لطالما كانت التدخلات الخارجية عاملاً أساسياً في تعقيد الأزمة السورية، سواء عبر فرض أجندات تتعارض مع المصلحة الوطنية، أو عبر استثمار الانقسامات الداخلية لتعزيز نفوذ قوى إقليمية ودولية. ومن هنا، فإن أي حوار وطني حقيقي يجب أن يرتكز على سيادة القرار السوري، بحيث تكون جميع الأطراف المحلية ممثلة على طاولة الحوار، دون أن تكون رهينة لأي تدخلات أو إملاءات من الخارج.
2- من الاستبداد والتفكير الإقصائي إلى الديمقراطية والتعددية
لا يمكن تصور سوريا مستقرة ومستدامة إذا استمر النهج الاستبدادي أو الفكر الإقصائي، سواء كان بصيغته القوموية الضيقة أو الإسلاموية المتشددة. إن التحول الديمقراطي ليس رفاهية، بل هو شرط أساسي لإعادة بناء الدولة على أسس حديثة، قائمة على:
• فصل السلطة عن الأيديولوجيات الشمولية، سواء كانت قومية أو دينية.
• الاعتراف بحقوق جميع المكونات من عرب وكورد وسريان وآشوريين وأرمن وتركمان وغيرهم، وضمان تمثيلهم العادل.
• إعلاء مفهوم المواطنة فوق الانتماءات الضيقة، بحيث يكون الولاء الأول والأخير للدولة والقانون، لا للطائفة أو العرق أو الحزب.
3- خارطة طريق لاستقرار سوريا
لكي ينجح هذا الحوار الوطني، لا بد من اعتماد نهج عملي واضح يشمل:
✅ وقف أي شكل من أشكال الإقصاء السياسي، بحيث يكون لكل المكونات دور في صياغة المستقبل.
✅ إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس الشفافية والاستقلالية والكفاءة، وليس الولاءات الضيقة.
✅ تحقيق العدالة الانتقالية، عبر محاسبة عادلة لكل من تورط في جرائم الحرب أو انتهاكات حقوق الإنسان، مع فتح المجال للمصالحة الوطنية.
✅ صياغة دستور جديد يعكس تطلعات جميع السوريين، ويؤسس لدولة ديمقراطية مدنية لا مركزية، تحترم حقوق الجميع دون تمييز.
✅ تحقيق الاستقلال الفعلي عن القوى الخارجية، وإنهاء حالة الارتهان لأي مشاريع لا تخدم وحدة البلاد.
ختاماً: سوريا تحتاج إرادة وطنية صادقة
إن مستقبل سوريا لا يُرسم إلا بسواعد أبنائها، ولن يكون هناك سلام واستقرار طالما بقيت الانقسامات والتدخلات الخارجية تتحكم بمصير البلاد. إن بناء سوريا جديدة يتطلب شجاعة كسر القيود القديمة، والانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، ومن الصراعات الطائفية والقومية إلى التعايش المشترك، ومن التبعية للخارج إلى الاستقلال الحقيقي.
هذا الحوار الوطني ليس خياراً، بل ضرورة وجودية لضمان بقاء سوريا دولة موحدة، حرة، وديمقراطية. فهل نملك الإرادة لبدء هذه الرحلة الصعبة، ولكن الضرورية؟