بيان قانوني وسياسي حول الجرائم المرتكبة ضد الطائفة العلوية في الساحل السوري ومسؤولية المجتمع الدولي
- Super User
- سياسة
- الزيارات: 1346
بقلم: د. عدنان بوزان
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية، ومع تصاعد حدة النزاع وتبدّل موازين القوى، تبرز تقارير موثوقة تتحدث عن استهداف مباشر للطائفة العلوية في الساحل السوري من قبل حكومة دمشق الجديدة بقيادة أحمد الشرع (المعروف باسم أبو محمد الجولاني). هذا الاستهداف، الذي يتم تحت ذريعة "ملاحقة فلول النظام البعثي البائد"، يتضمن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ويشكّل وفق المعايير القانونية الدولية جرائم خطيرة تندرج ضمن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، كما نصت عليها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، واتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية.
تشمل هذه الانتهاكات عمليات قتل ممنهجة للأطفال والنساء والمسنين، فضلاً عن التهجير القسري للسكان، مما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وإزاء هذه التطورات، فإن المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية لاتخاذ إجراءات عاجلة، بما في ذلك التدخل وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لحماية المدنيين ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية. كما تفرض مبادئ القانون الدولي العرفي التزاماً على جميع الدول بعدم التهاون مع مثل هذه الجرائم، وضرورة ملاحقة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
إن الصمت أو التقاعس عن اتخاذ تدابير فورية لوقف هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى تصاعد الكارثة الإنسانية، مما يستدعي تضافر الجهود الدولية لضمان حماية المدنيين، وإعادة تفعيل آليات العدالة الدولية لضمان المساءلة والمحاسبة
- الإطار القانوني:
1- انطباق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان:
وفقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، فإن أي استهداف منهجي لمجموعة إثنية أو دينية أو طائفية بقصد الإبادة يُعد جريمة دولية تستوجب العقاب.
• المادة 3 من اتفاقيات جنيف تحظر المعاملة اللاإنسانية والقتل والتعذيب ضد أي مجموعة غير مقاتلة.
• المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تصنف القتل الجماعي والاضطهاد الممنهج ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
2- مسؤولية مجلس الأمن وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة:
• تنص المادة 39 من الفصل السابع على أن مجلس الأمن يملك سلطة تحديد وجود تهديد للسلم والأمن الدوليين واتخاذ التدابير اللازمة.
• المادة 42 تخول مجلس الأمن استخدام القوة العسكرية لحماية المدنيين إذا لم تُفلح العقوبات الدبلوماسية أو الاقتصادية.
• مسؤولية الحماية (R2P) تفرض على المجتمع الدولي التدخل في حال فشل الدولة في حماية مواطنيها من الإبادة الجماعية.
- المطالب والمقترحات:
• إحالة الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية وفق المادة 13 من نظام روما الأساسي، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الانتهاكات.
• تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة تحت إشراف الأمم المتحدة لتوثيق الجرائم المرتكبة ضد الطائفة العلوية وإعداد تقرير رسمي لمجلس الأمن.
• فرض منطقة آمنة في الساحل السوري بإشراف قوات حفظ السلام الدولية لحماية المدنيين العزل ومنع مزيد من الجرائم.
• تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة واتخاذ تدابير حازمة ضد الحكومة الجديدة في دمشق.
• إعادة هيكلة الدولة السورية وفق نظام فيدرالي يضمن حقوق جميع الطوائف والإثنيات، لمنع تكرار جرائم الإبادة والتهميش.
في الختام، إن التراخي الدولي في مواجهة الجرائم السابقة في سوريا ساهم في تكرارها، مما يجعل التحرك السريع أمراً أخلاقياً وقانونياً. إن حماية المدنيين العزل ومنع الإبادة الجماعية مسؤولية جماعية تستوجب استجابة حاسمة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بما يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، ويمنع تجدد النزاعات الطائفية.
10/ 3 / 2025